كيف تطير الصواريخ إلى الفضاء؟ قصة النار والجاذبية نحو النجوم

نتتبع رحلة الصاروخ منذ حلم الإنسان بالسفر إلى النجوم وصولًا إلى فهم قانون نيوتن الثالث وسرعة الإفلات؛ نشرح للأطفال كيف يعمل وقود الصواريخ وكيف تساعد خزانات الأكسجين على الاحتراق في الفضاء، كما نوضح علاقة الجاذبية بحركة الصاروخ ومداراته، بأسلوب قصصي مشوق يساعد الأطفال على استيعاب العلوم العميقة بصورة مبسطة.

كيف تطير الصواريخ إلى الفضاء؟ قصة النار والجاذبية نحو النجوم
صاروخ ينطلق إلى الفضاء يقاوم الجاذبية بسرعة هائلة، قصة النار والجاذبية وكيف تطير الصواريخ، تبسيط العلوم للأطفال.


منذ آلاف السنين كان البشر ينظرون إلى النجوم ويتخيلون قصصًا عن آلهة ومخلوقات تسكن السماء. لكن الإنسان لم يكتفِ بالخيال؛ فقد قرر يوماً أن يتحدى الجاذبية ويصل إلى تلك النقاط البعيدة. سؤال طفل بسيط: «كيف تطير الصواريخ إلى الفضاء؟» يحمل خلفه تاريخًا من علوم الفيزياء والهندسة والإرادة البشرية.

النار التي تدفعنا إلى السماء

الصاروخ ليس طائرة بجناحين، بل أنبوب طويل محشو بالوقود ومصمم لينطلق بسرعة هائلة إلى الأعلى. لفهم كيف يعمل علينا أن نتذكر الألعاب التي ندفع بها بالوناً مملوءاً بالهواء ثم نتركه؛ يندفع البالون في الاتجاه المعاكس بسبب الهواء الخارج. الصاروخ يعمل بنفس المبدأ لكن مع وقود يحترق. في الحجرة الخلفية يوجد خليط من الوقود والمؤكسد، وعندما يشتعل ينتج غازات ساخنة تندفع بقوة من المؤخرة. وفقاً لقانون نيوتن الثالث، لكل فعل رد فعل مساوٍ في القوة ومعاكس في الاتجاه. لذا فإن دفع الغازات للأسفل يعني أن الصاروخ يندفع للأعلى.

لماذا لا نستخدم محرك سيارة للوصول إلى الفضاء؟ لأن محركات السيارات تحتاج إلى الأكسجين من الهواء، وعند الصعود لطبقات أعلى يندر الأكسجين. لذلك تحمل الصواريخ الأكسجين معها في خزانات خاصة، فيتمكن الوقود من الاحتراق في الفراغ. يتم ترتيب خزانات الوقود على مراحل، وعند انتهاء مرحلة تنفصل لتخفيف الوزن، فيصبح الصاروخ أخف وأسرع، مثل متسلق جبل يترك خلفه أشياء ثقيلة في الطريق.

قوة الجاذبية وقوانين نيوتن

لكي يغادر الصاروخ الأرض عليه أن يتجاوز قوة الجاذبية التي تشد كل شيء إلى الأسفل. هذه الجاذبية هي التي تجعلنا لا نطير في الهواء وتجعل الكواكب تدور حول الشمس. للوصول إلى الفضاء يجب أن يصل الصاروخ إلى سرعة كبيرة تسمى «سرعة الإفلات»، حوالي 11 كيلومتراً في الثانية. هذه السرعة تسمح له بالتغلب على جذب الأرض. تحقيق هذه السرعة يتطلب كمية ضخمة من الطاقة، لذلك تُبنى الصواريخ كبيرة وقوية.

لكن رحلة الصاروخ ليست فقط قوة وعنفوان. إذ يحتاج إلى توجيه دقيق ليصل إلى وجهته الصحيحة؛ فهناك حواسيب صغيرة وأجهزة استشعار تعمل معاً لتعدّل مساره في جزء من الثانية. إذا كانت وجهته محطة فضائية، فعليه الدخول في مدار حول الأرض، أي أن يسقط دائماً نحو الأرض لكنه يتحرك بسرعة أفقية بحيث لا يصطدم بها، مثل شخص يلقي بحجر فيدور حولها بدل أن يسقط عليها. وهذا المبدأ نفسه هو الذي يحافظ على القمر في مداره حول الأرض.

الصواريخ الحديثة هي نتاج تعاون علماء ومهندسين من مختلف التخصصات. ابتكروا مواد خفيفة تتحمل الحرارة الشديدة، وأنظمة تبريد لحماية المحرك، وبرمجيات تحسب أصغر التفاصيل. كل جزء من الصاروخ يحمل قصة من البحث والسهر. ومن خلال هذه الجهود المشتركة أصبحت الرحلات إلى الفضاء واقعًا وليس حلماً.

عندما يسأل الطفل كيف يطير الصاروخ، يمكننا أن نجيبه بأن الأمر يبدأ بفكرة بسيطة عن بالون يندفع إلى الخلف ويصل إلى آلة عملاقة تحترق داخلها النار وتنتج قوة هائلة. وراء تلك اللحظة التي نراها فيها صاروخاً يخترق الغلاف الجوي يوجد شغف بالبقاء وفضول لمعرفة ما وراء الكوكب. وبين رائحة الوقود وصوت الانفجار ينبض قلب البشرية المتطلع دائماً إلى ما بعد الأفق.