المرأة النرجسية والاستحقاق العالي: كيف تدمر حياتها الزوجية وتدفع زوجها للبحث عن أخرى؟

سيكولوجيا عميقة تدعو إلى فهم القيمة التي تضيفها المرأة مقابل ما تطالبه منه، ويشرح التوازن بين العطاء والطلب من منظور ديني وقيمي وابحاث نفسية. يسلط الضوء على كيف تقود النرجسية والاستحقاق العالي إلى تدمير العلاقة الزوجية ودفع الرجل للبحث عن شراكة أخرى، ويبرز أهمية قيمة المرأة الحقيقية في بناء علاقة تقوم على الرحمة والاحترام.

المرأة النرجسية والاستحقاق العالي: كيف تدمر حياتها الزوجية وتدفع زوجها للبحث عن أخرى؟
تحليل تأثير المرأة النرجسية والاستحقاق العالي على الزواج وقيمة المرأة في بناء علاقة متوازنة


مقدمة

في مجتمعاتنا الحديثة يتضاعف الحديث عن النرجسية والاستحقاق العالي لدى بعض النساء. هذه السلوكيات التي كانت تُعَدُّ هامشية أصبحت ظاهرة بارزة في أحاديث الرجال والنساء في المجالس السعودية. تحاول كل واحدة أن تضع نفسها في مركز الكون، وتطالب بكل شيء دون أن تقابل ذلك بعطاء أو قيمة حقيقية. يعود هذا السلوك جزئيًا إلى ثقافة تشجع النساء على النظر إلى أنفسهن بوصفهن محور العلاقة، وأن الرجل يجب أن يكون خادمًا لرغباتهن المادية والعاطفية. هذه النظرة لا تدمر العلاقة الزوجية فحسب، بل تدفع الرجل إلى البحث عن امرأة أخرى أكثر توازنًا. هل توقفنا لحظة لنتأمل ما وراء هذه الظاهرة؟

المرأة النرجسية والاستحقاق العالي

المرأة النرجسية ترى نفسها محور الحياة، ويعتبر علماء النفس النرجسية اضطرابًا يشترك فيه الجنسان، لكنه عند بعض النساء يتخذ شكلًا مختلفًا؛ يتمثل في شعور ثابت بأن الرجل مدين لها بالأموال والهدايا والاهتمام مهما كان سلوكها. من الناحية السيكولوجية تعود النرجسية إلى اختلال في تقدير الذات وتعويض الفراغ الداخلي بالمظاهر. تشعر هذه المرأة أن قيمتها ترتفع بقدر ما تتلقى من زوجها من هدايا ومنصب اجتماعي، لكنها لا تسأل نفسها: ما الذي أقدمه أنا؟ هذه النظرة تجعل الحياة الزوجية صراعًا بين واجبات الرجل اللامتناهية وحقوق المرأة التي لا تنتهي. يتحول الزواج إلى علاقة أحادية الجانب، حيث يصبح الرجل مجرد خادم أو مصدر مالي، بينما تبرّر المرأة كل مطالبها تحت شعار أنّها تستحق الأفضل.

الاستحقاق العالي لا يرتبط بالثروة فحسب، بل هو إحساس متأصّل بأن الزوج يجب أن يغير حياته ليتوافق مع رغبات زوجته، ولو تعارض ذلك مع قيمه أو قدراته. فهي تطالبه ببيت فخم وسيارة فاخرة ومجوهرات، وفي الوقت نفسه لا تهتم بمشاعره أو متطلباته العاطفية. عندما يرفض أو يتعب، تتهمه بالبخل أو القسوة وتذكّره بأن «المرأة تستحق كل شيء». هذا الشعور بالاستحقاق المرتفع يجعل النرجسية أكثر فتكًا لأنه يغلق باب الحوار والتفاهم؛ فالمرأة النرجسية مقتنعة بأن كل ما تفعله صحيح.

تأثير النرجسية على العلاقة الزوجية

من منظور علم النفس العائلي تُعدُ العلاقة الصحية بناءً متبادلًا من الحب والالتزام والمشاركة. عندما تسيطر النرجسية والاستحقاق، يختل هذا التوازن، في الدراسات الزوجية تظهر النرجسية مؤشراً قويًّا على الطلاق. يبدأ الرجل في الشعور بأنّه غير مقدر، ويجد نفسه أمام سيل من الطلبات النقدية والعاطفية لا تنتهي، بينما يتجاهل احتياجاته. تتحول الليالي الدافئة إلى جلسات جدل، والزوج يجد نفسه يحلم بامرأة تتعامل معه كشريك لا كمصدر دخل. في مجتمعاتنا يرى بعض الرجال أن التعدد حل مشروع، فيتزوج ثانية بحثًا عن الاحترام والسكينة، رغم أن الدين يحث على العدل في العلاقة الأولى. لو فهمت المرأة النرجسية هذه الحقائق لوفرت على نفسها وعلى زوجها ألم الانفصال.

حتى من منظور ديني يُعد إسراف المرأة في طلباتها مخالفة لقيم الزهد والاعتدال التي أوصى بها الإسلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل النساء أقلُهنّ مهورًا». كما أكد الإسلام أن العلاقة الزوجية مبنية على المودة والرحمة، لا على الاستغلال. أما الفلاسفة فقد رأوا في العلاقات الإنسانية قيمة تقوم على التكافو؛ ذكر أفلاطون أن الحب هو «أن يرغب كلا الطرفين في الخير للآخر». إذا كانت المرأة تنظر إلى الزوج على أنه وسيلة لرفاهيتها، فهي تنفي عنه إنسانيته، وهذا تناقض مع الأخلاق الدينية والفلسفية.

أين تكمن القيمة الحقيقية للمرأة؟

عندما تسأل المرأة نفسها «ما القيمة التي أضيفها لحياة زوجي؟» تكتشف أن قيمتها لا تقاس بما تحصل عليه بل بما تقدمه. الزوجة التي تبني بيتًا آمنًا وتوفر دعمًا عاطفيًا، وتشجع زوجها على تطوير نفسه، تُعدّ كنزًا لا يقدر بثمن. العلم الحديث يؤكد أنَ العلاقات التي تقوم على الدعم المتبادل تزيد من صحة الطرفين النفسية والجسدية. فهناك دراسات في علم النفس الإيجابي توضح أن الزواج الناجح يرتبط بالتقدير والامتنان، لا بالماديات. عندما تشعر المرأة أنّها قيمتها في رعايتها وحكمتها وصبرها، فإنها تنال احترام زوجها وتملك قلبه. أما إذا كانت تتعامل مع الزواج كاستثمار مالي، فهي تفتح باب النهاية المؤلمة.

كيف تُستعاد العلاقة؟

إنقاذ العلاقة لا يتم عبر المال أو الهدايا، بل عبر تغيير طريقة التفكير. على المرأة أن تدرك أنّه الاحترام يُكسب ويُعطى، وأنّ العطاء المتبادل يغلب على الأخذ الدائم. من الناحية العملية، يعني ذلك الحوار الصادق حول ما يريده كل طرف، واستعادة التوازن بين الحقوق والواجبات. يجب أن يعرف كل من الزوجين أن الحب عمل مستمر، وأن الشراكة تقتضي من المرأة تقديم الدعم والمودة كما تنتظر من الزوج النفقة. أما الرجل فعليه أن يكون واضحًا في توقعاته وأن يقدر لزوجته ما تقوم به، ليشعر كلاهما بالأمان.

خاتمة

المرأة النرجسية والاستحقاق العالي يهددان استقرار أي بيت. إذا لم تراجع هذه المرأة نفسها وترى قيمتها في دورها الحقيقي، فهي تدفع زوجها إلى الرحيل بحثًا عن امرأة أخرى. من العدل أن نعطي كل ذي حق حقه، لكن من الإنصاف أيضًا أن نمنح الشريك المحبة والتقدير قبل المطالبة. كما يؤكد علماء النفس والفلسفة والدين أنّ العلاقة الصحيحة تبنى على التكافؤ والرحمة. فلا تجعل من نفسك خصمًا لزوجك بل كوني شريكًا يبني معه مستقبلًا قائمًا على الحب والاحترام. حينها فقط تضمنين السعادة والاستمرارية بدلًا من النهاية المؤلمة التي تصنعها النرجسية.