النظام منخفض الكربوهيدرات أم النظام المتوازن: أيهما أفضل لإنقاص الوزن وصحة القلب؟

تتناول هذه المقالة العلمية مقارنة شاملة بين الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات والأنظمة المتوازنة لفقدان الوزن وتقليل مخاطر أمراض القلب. نستعرض كيف تعمل هذه الحميات وماذا تقول الدراسات حول وزن الجسم وضغط الدم والسكر والدهون في الدم، ونقدم نصائح عملية لاختيار النظام الأنسب والأكثر استدامة.

النظام منخفض الكربوهيدرات أم النظام المتوازن: أيهما أفضل لإنقاص الوزن وصحة القلب؟
مقارنة بين النظام منخفض الكربوهيدرات والنظام المتوازن تظهر أن الاختلافات بسيطة وأن ما يهم هو اختيار نظام مستدام. كلمات مفتاحية: نظام منخفض الكربوهيدرات، نظام متوازن، فقدان الوزن، صحة القلب، مهارات البحث العلمي


في عالم الحميات الغذائية والعناوين البراقة، تتردد على مسامعنا نصائح متناقضة حول أفضل سبيل لإنقاص الوزن وتحسين الصحة. في إحدى الزوايا يُروّج لنظام منخفض الكربوهيدرات يُشجعك على تجنب الخبز والحبوب والفواكه، وفي الزاوية الأخرى تجد نصائح بالالتزام بنظام غذائي متوازن يحافظ على توازن النسب بين الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. الطفل أو الشاب الذي يتابع هذه الحوارات ربما يتساءل: أيهما أقرب إلى العلم وأبعد عن الادعاءات؟ وكيف يعمل كل نظام داخل أجسامنا؟

مفهوم الأنظمة منخفضة الكربوهيدرات والأنظمة المتوازنة

الأنظمة منخفضة الكربوهيدرات تشمل مجموعة واسعة من الحميات التي تحد بشكل كبير من كمية الكربوهيدرات اليومية وتستبدلها بزيادة في الدهون أو البروتينات. هذه الحميات قد تحمل أسماء مثل \" لو كارب \"، \" كيتو \" أو \" أتكنز \"، وهي جميعها تشترك في فكرة أن تقليل الخبز والأرز والمعكرونة والحبوب والفواكه يَحمل الجسم على استخدام مخازنه من الدهون للطاقة. الفكرة تقوم على أن انخفاض مستوى السكر في الدم يقلل من إفراز الإنسولين وبالتالي يحفز تكسير الدهون. على الجانب الآخر، يشجع النظام الغذائي المتوازن على تناول كميات معتدلة من الكربوهيدرات (عادة ما بين 45% وِ65% من السعرات اليومية) جنباً إلى جنب مع بروتينات صحية ودهون غير مشبعة، مع التركيز على تنوع الأطعمة والتحكم في حجم الحصص. هذا النظام ينسجم مع التوصيات الصحية العالمية التي ترى في التنوع والاعتدال أساساً للسلامة طويلة الأمد.

ماذا تقول الأبحاث العلمية عن فعالية هذه الأنظمة؟

في محاولة لفهم الفارق الحقيقي بين النظامين، قام باحثون بجمع نتائج إحدى وستين تجربة عشوائية ضمت قرابة سبعة آلاف مشارك يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، بعضهم مصاب بالسكري من النوع الثاني وآخرون أصحاء. تضمنت الدراسات أنظمة منخفضة الكربوهيدرات وأخرى متوازنة واستمرت لفترات تتراوح بين ثلاثة أشهر وعامين. تبين من تحليل النتائج أن كلا النظامين يؤديان إلى انخفاض في الوزن خلال الأشهر الأولى، وأن متوسط الفارق في الوزن بين النظامين كان أقل من كيلوغرام واحد سواء على المدى القصير أو الطويل. هذا يعني أن اتباع أي من النظامين قد يساعدك على فقدان الوزن إذا التزمت به لفترة، لكن الفرق بينهما طفيف للغاية. لم تظهر التجارب فروقاً ذات معنى في ضغط الدم الانبساطي أو مستويات الكوليسترول الضار أو الهيموغلوبين السكري خلال سنتين من المتابعة، أي أن المخاطر القلبية والأيضية كانت متشابهة تقريباً. لاحظ الباحثون أيضاً أن الناس قد يخسرون وزناً متفاوتاً جداً في كلا النظامين، فبعضهم فقد بضعة كيلوغرامات بسيطة بينما خسر آخرون أكثر من عشرة كيلوغرامات، مما يشير إلى أن الاستجابة الفردية، ومدى الالتزام، وعوامل نمط الحياة الأخرى تلعب دوراً كبيراً.

يعترف الباحثون بأن جودة الأدلة متوسطة إلى منخفضة بسبب بعض قيود الدراسات، مثل تسرب المشاركين وعدم الإبلاغ عن النتائج كاملة. ومع ذلك، تشير خلاصة المراجعة إلى أن الأنظمة منخفضة الكربوهيدرات لا تمنح ميزة كبيرة على الأنظمة المتوازنة عندما يتعلق الأمر بفقدان الوزن أو تحسين عوامل خطر أمراض القلب خلال سنتين. ربما يكون السبب هو أن أي نظام غذائي يقلل من إجمالي السعرات الحرارية ويعزز تناول الأغذية الكاملة يمكن أن يؤدي إلى خسارة الوزن بغض النظر عن توزيع المغذيات، وأن الاستدامة والملاءمة للفرد هما ما يحددان نجاحه على المدى البعيد.

عندما تسمع الإعلانات تتحدث عن حمية خارقة تعدك بنتائج مذهلة، تذكر أن العلم يقول إن الفرق بين الحميات قد يكون أقل مما تتصور وأن الأهم هو اختيار نظام غذائي متوازن يناسب ذوقك ويستطيع جسمك الحفاظ عليه دون تعب أو حرمان. إذا كنت تفضل تناول الفواكه والحبوب والخضروات بكثرة فسيكون النظام المتوازن خياراً طبيعياً لك، وإذا كنت ترغب في تجربة تقليل الكربوهيدرات فقد تجد ذلك فعالاً على المدى القصير بشرط أن تراقب صحتك وتحرص على الحصول على الدهون والبروتينات من مصادر صحية. في كلتا الحالتين فإن ممارسة النشاط البدني المنتظم، والنوم الجيد، والتحكم في التوتر، والالتزام بعادات غذائية صحية هي العناصر التي تصنع الفارق الحقيقي في صحتك ووزنك. من خلال فهم كيفية عمل هذه الأنظمة وعدم الانخداع بالشعارات يمكنك اتخاذ قرار واعٍ مبني على الأدلة ويقودك إلى أسلوب حياة أكثر توازناً واستدامة.