المريض واتخاذ القرار المشترك

هل ذهبت يوماً إلى الطبيب وانتهت الجلسة وأنت تشعر بأن الطبيب لم يتطرق إلى المشكلة الأساسية التي تعاني منها؟ هل أدى ذلك الى عدم اتباعك للخطة العلاجية أو لذهابك لمستشفى أو طبيب اخر؟

المريض واتخاذ القرار المشترك
اتخاذ القرار الطبي المشترك


هل ذهبت يوماً إلى الطبيب وانتهت الجلسة وأنت تشعر بأن الطبيب لم يتطرق إلى المشكلة الأساسية التي تعاني منها؟ هل أدى ذلك الى عدم اتباعك للخطة العلاجية أو لذهابك لمستشفى أو طبيب اخر؟

كثير من القصص المشابهة تحدث ويرجع السبب الرئيسي لها في كثير من الحالات لتفرد مقدم الرعاية باتخاذ القرار من دون مشاركة ومشاورة المريض.

في الآونة الآخرة تمت زيادة الوعي المجتمعي بحقوق المرضى وواجباتهم ويعود ذلك لأمور عده منها:

التوعية المستمرة في المستشفيات والعيادات الأولية عن طريق المنشورات الورقية والجدارية، المقالات في الجرائد والمجلات، والإرشادات في وسائل التواصل الاجتماعي من توتير وغيرها.

ومن أهم حقوق المرضى مشاركته في اتخاذ القرار الطبي المتعلق بحالته الصحية والتي تبدأ معه من بداية جلوسه مع مقدم الرعاية الصحية للمرة الأولى إلى نهاية الجلسة ، هذه العملية تعرف بأنها عملية الوصول لقرار مشترك بين المريض ومقدم الرعاية الصحية والتي يؤخذ فيها بعين الاعتبار العلاجات المثبتة علمياً والتفضيلات الشخصية للمريض  حتى يتم الوصول لقرار مشترك يحتاج الطرفان فيه لإتباع عدد من الخطوات من أهمها الموافقة على تعريف  نوعية المشكلة التي يعاني منها المريض ، وهي نقطة محورية و بداية مهمة يجب أن يقوم فيها مقدم الخدمة الصحية بمناقشة العلاج مع المريض و محاولة فهم المشكلة من منظورة، حيث في كثير من الحالات نجد المريض غير مقتنع بأن المشكلة التي يتم مناقشتها هي نفسها مشكلته الرئيسية التي يعاني منها و لذلك يمكن أن يشعر في قرارة نفسه بعدم الرضى لاعتقاده بأن مشكلته ينظر لها كمشكلة ثانوية و ينتج ذلك عن عدم الاستماع لشرح المريض والاكتفاء بسؤال المريض أسئلة مقتضبه وتوقع أجوبة مقتضبه لهذه الأسئلة.

 وللتوضيح في كثير من الحالات يكون الطبيب محاقاً في التركيز على المشكلة باعتبار أنها الأساس للعارض الثانوي الذي يعاني منه المريض و لكن من غير تفصيل كافي و شرح للمريض ستكون هناك فجوه في كثير من الأحيان والتي يمكن أن تؤدي لعدم إتباع المريض النصائح المقدمة له بحكم عدم اقتناعه بملاحظات مقدم الرعاية لمشكلته الفعلية كما يمكن أن يدفع المريض لإيجاد مقدم رعاية آخر مما ينتج عنه هدر للموارد كان يمكن تفاديه لو تم إعطاء المريض وقت كافي لشرح مشكلته الرئيسية و فهم ما يعاني منه من تجربته كشخص و ليس النظر للمرض نفسه. فمثلا كسر في القدم هو تشخيص يمكن أن يعطي لمجموعة من الأشخاص، ولكن كل منهم يتعايش معه بطريقة مختلفة. فكسر القدم للاعب الكرة غير كسر القدم لمدرس، برغم تماثل الحالتين إلا أن كلا الشخصين سيمران بتجربة مختلفة ويتجاوبون مع المرض بطريقة مختلفة نتيجة لتفردهم.

 والآن بعد أن تم الإتفاق على نوع المشكلة وفهم تأثيرها على المريض كشخص تأتي الخطوة التالية وتتمثل في عرض أنواع العلاجات المناسبة لحالة المريض، وتشتمل هذه الخطوة على توضيح الفوائد والمضار المحتملة لمختلف الخيارات العلاجية المتوفرة عن طريق تقديم شرح شامل وبطريقة تمكن المريض من فهم جميع المعلومات المقدمة، مما سيمكن المريض من اختيار العلاج الملائم له كشخص والمبني على علم ودراية بمختلف العواقب المحتملة. يناقش مقدم الرعاية الصحية أيضاً في هذه الخطوة أولويات المريض ورغباته الشخصية حتى يكون القرار المتخذ متناسب معها وخصوصاً في حالة تساوي الخيارات العلاجية من ناحية عدم التفاضل في المنافع والمضار بناءً على الدراسات العلمية المحكمة، وفي النهاية يجب التنويه على أنه لا يمكن الجزم أن كل مريض يريد أن يكون طرف فعّال في اتخاذ القرار بشأن العلاج، ولكن من حق كل مريض على مقدم الرعاية الصحية عند بداية الجلسة عرض إمكانية المشاركة في اتخاذ القرار.

بقلم: سمية بنت عيسى الرويعي

أستاذ مساعد في قسم إدارة وتقنية المعلومات الصحية

كلية الصحة العامة - جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل