اختبارChi-Square في البحث العلمي: تحليل بيانات التصنيف واستخداماتها
يعد اختبار مربع كاي من أكثر اختبارات التحليل الإحصائي شيوعاً لتحليل البيانات الاسمية والتصنيفية. يشرح المقال مفهوم هذا الاختبار وشروط تطبيقه وكيفية تفسير نتائجه. كما يعرض أمثلة على استخدامه في العلوم الاجتماعية والطب لمعرفة العلاقة بين متغيرين اسميين، ويبرز أهميته في البحث العلمي ودوره في دعم القرارات المبنية على الأدلة.
يعد اختبار مربع كاي من الاختبارات الإحصائية غير الباراميتريه المخصصة للتعامل مع البيانات التصنيفية والاسمية، وهو أداة أساسية في العديد من الدراسات التي تسعى إلى معرفة ما إذا كان توزيع النتائج يتوافق مع توقعات نظرية أو ما إذا كانت هناك علاقة بين متغيرين اسميين. بعكس الاختبارات التي تعتمد على متوسطات أو انحرافات معيارية، يعتمد هذا الاختبار على تكرارات الفئات، ما يجعله مناسباً لتحليل جداول التكرار البسيطة والمعقدة على حد سواء. في البحث العلمي، يسمح استخدام اختبار مربع كاي بفحص الفرضيات بسرعة وإنتاج دلائل كمية تساعد على اتخاذ قرارات مبنية على أدلة بدلاً من الانطباعات.
مفهوم اختبار مربع كاي وأنواعه
يعتمد اختبار مربع كاي على مقارنة التكرارات الملاحظة في كل فئة مع التكرارات المتوقعة التي تحسب وفقاً لفرضية العدم. هناك نوعان رئيسيان لهذا الاختبار: اختبار حسن المطابقة الذي يهدف إلى معرفة مدى توافق توزيع ملاحظ مع توزيع نظري، واختبار الاستقلالية الذي يفحص ما إذا كانت هناك علاقة ذات دلالة بين متغيرين اسميين في جدول تقاطع. في كلا النوعين، يتم حساب قيمة الإحصائية عبر جمع مربعات الفروق بين التكرارات الملاحظة والمتوقعة مقسومة على التكرارات المتوقعة. كلما زادت هذه القيمة، زاد احتمال رفض فرضية العدم. إلا أن نجاح الاختبار يتطلب احترام عدد من الشروط، أبرزها أن تكون التكرارات المتوقعة في كل خانة كافية ( عادة لا تقل عن خمسة ) وأن تكون الملاحظات مستقلة عن بعضها البعض.
ويستند الاختبار إلى مفهوم درجات الحرية، وهي عدد الخلايا التي يمكن أن تختلف دون التأثير في المجموع الكلي، وتحدد الحدود التي يحكم من خلالها على القيمة الناتجة. كما يجب الانتباه إلى أنه لا يقيس قوة العلاقة، بل يشير فقط إلى وجودها أو غيابها، ولذلك يتعين على الباحثين استخدام مقاييس أخرى مثل معامل في أو معامل كرامر لتقدير حجم التأثير بعد الحصول على نتيجة دالة. ومع أن اختبار مربع كاي بسيط من ناحية الحسابات، إلا أن فهم منطق عمله يساعد الباحث على اختيار الاختبار الصحيح وتفسير النتائج بشكل سليم.
استخدامات اختبار مربع كاي في البحث العلمي
في ميادين العلوم الاجتماعية، يستخدم اختبار مربع كاي بشكل واسع لتحليل الاستبيانات ودراسة العلاقة بين السمات الديموغرافية والاتجاهات أو السلوكيات. فعلى سبيل المثال، يمكن للباحث معرفة ما إذا كان هناك ارتباط بين مستوى التعليم ونوع المشاركة في نشاط اجتماعي معين من خلال إنشاء جدول تقاطع للتكرارات وتحليل دلالة الفروق بين الفئات. وفي مجال الطب، يستعمل الاختبار لمقارنة توزيع الأعراض بين مجموعات علاجية مختلفة أو للتأكد من أن توزيع عينة الدراسة يعكس توزيع السكان. وفي البحوث البيئية، يمكن الاستفادة منه في مقارنة توزع الأنواع النباتية أو الحيوانية عبر مواقع مختلفة.
لاستخدام الاختبار بشكل صحيح، يجب على الباحث أن يجمع البيانات في جداول تكرار واضحة، ثم يحسب التكرارات المتوقعة لكل خانة بناء على فرضية العدم. بعد ذلك يتم حساب القيمة الإحصائية ومقارنتها بالقيمة الحرجية وفقاً لدرجة الحرية ومستوى المعنوية الذي حدده الباحث مسبقاً. إذا كانت القيمة المحسوبة أكبر من القيمة الحرجية، يتم رفض فرضية العدم والإقرار بوجود اختلاف أو علاقة ذات معنى. لكن يجب الحذر من الاعتماد على الاختبار في الحالات التي تكون فيها العينات صغيرة جداً أو عندما لا تتوفر الاستقلالية بين الملاحظات، فمثل هذه الحالات قد تؤدي إلى نتائج مضللة.
يمثل اختبار مربع كاي مثالاً على كيفية دمج الإحصاء بالمنهجية العلمية لضمان أن النتائج ليست وليدة الصدفة. وعلى الرغم من بساطته الظاهرية، إلا أن استخدامه بشكل واعّ يتطلب فهماً جيداً لمتطلبات البيانات وللأسئلة البحثية. وعندما يتم دمجه مع اختبارات ومقاييس أخرى، يصبح أداة قوية تمكن الباحثين من استكشاف العلاقات الخفية داخل البيانات التصنيفية، مما يثري المحتوى العلمي ويساعد على بناء المعرفة على أسس واضحة.






