كيف تخلت المرأة العاملة عن دورها في المنزل وتطالب الزوج بالتعويض؟

يستعرض هذا النص بتوازن نقدي كيف ينعكس دخول المرأة في سوق العمل على مسؤولياتها المنزلية ورعاية أطفالها، وكيف تطالب أحياناً الزوج بتعويض مادي عن دورها بتوظيف خادمة أو مربية. ينحاز بأسلوب فني للرجل مع طرح أسئلة جوهرية: هل ما تقدمه المرأة يوازي ما تطلبه؟ كما يستشهد بنصوص دينية وأبحاث سيكولوجية وفلسفية لفهم قيمة المرأة ودورها الحقيقي في العلاقة الزوجية في المجتمع السعودي.

كيف تخلت المرأة العاملة عن دورها في المنزل وتطالب الزوج بالتعويض؟
تحليل دور المرأة العاملة بين مسؤوليات المنزل ومتطلبات العمل وتبعات مطالبة الزوج بالتعويض في المجتمع السعودي


دخلت المرأة السعودية سوق العمل في العقود الأخيرة بدافع التعليم والطموح وتحقيق الذات. ورغم أن مشاركتها الاقتصادية تعطي الأسرة دخلاً إضافياً ويسهم في تنمية المجتمع، إلا أن كثيراً من النساء العاملات اكتشفن أن دخولهن مجال العمل لا يعفيهن من مسؤولياتهن الأسرية. فالعمل خارج المنزل يضيف عبئاً جديداً، وقد يتغير ميزان العلاقة بينها وبين زوجها. بدلاً من أن يكون العمل وسيلة لزيادة قيمتها، يصبح في بعض الأحيان سبباً للتوتر وشعور بالتقصير. ولذلك يجب أن نتساءل:هل يمكن للمرأة العاملة أن توازن بين دورها في البيت وواجباتها المهنية دون أن تفقد احترام زوجها أو تكون محط مطالبة بالتعويض؟

دور المرأة بين المنزل والعمل

يتردد في الأحاديث اليومية بين الأزواج في السعودية سؤال عن دور المرأة العاملة. فالزوجة التي تقضي ساعات طويلة في المكتب قد تعود مرهقة، فلا تجد الوقت لإعداد الطعام أو الاهتمام بالأطفال بنفس الرعاية التي كانت تقدمها من قبل. هذا النقص في رعاية المنزل يجعل الزوج يشعر بنقص في الاهتمام ويظن أن الزوجة أصبحت تضع العمل في المرتبة الأولى. بعض النساء يحاولن تعويض هذا الغياب بتوظيف خادمة أو الاعتماد على حضانة للأطفال، ويطالبن الزوج بتغطية هذه التكاليف باعتبار أنهن تخلين عن دورهن المنزلي لتحقيق دخل إضافي. لكن هذا المطلب يثير جدلاً حول ما إذا كان العدل أن يدفع الزوج ثمن استقدام خادمة ومربية، أم أن الزوجة هي التي ينبغي أن تعيد ترتيب أولوياتها لتقدم قيمة حقيقية في المنزل تتناسب مع ما تطلبه مادياً.

المطالب المادية مقابل القيمة المعنوية

كثير من النساء العاملات يعتقدن أن دخولهن سوق العمل يمنحهن الحق في المطالبة بمزيد من المزايا المادية من أزواجهن. قد تطلب الزوجة راتباً إضافياً أو مصروفاً خاصاً تعويضاً عن الجهد الذي تبذله في العمل، إضافة إلى مطالبتها بتمويل خادمة ومربية. لكن إذا لم يرافق هذه المطالب قيمة مضافة في العلاقة الزوجية فإن النتيجة تكون استنزافاً مادياً ونفسياً للزوج. في المقابل، عندما تقدم المرأة دعماً حقيقياً لزوجها، وتساعده على الاستقرار النفسي والعاطفي، وتكون رفيقة تخلق جواً من السكينة والرحمة، فإن زوجها سيبذل كل ما في وسعه لإسعادها. السؤال الذي يجب أن تطرحه كل امرأة على نفسها هو: هل القيمة التي تضيفينها لزوجك تعادل ما تطالبينه منه؟ إذا كان جوابها بالنفي، فإن خسارة هذا الزواج قد تكون حتمية.

المنظور الديني والفلسفي

لقد بيّن الإسلام أهمية التعاون بين الزوجين على البر والتقوى، وجعل الزواج مودة ورحمة وسكينة. فلا يجوز لأحد الطرفين أن ينظر للآخر على أنه مصدر مالي فقط أو مزود خدمات. في القرآن الكريم دعوة إلى العدل والإحسان، وفي السنة النبوية تظهر نماذج من أمهات المؤمنين اللاتي عملن خارج المنزل في تجارة أو تعليم دون أن يهملن أسرهن. كما أن علماء النفس يؤكدون أن التوازن في الأدوار يضمن استقرار الأسرة، وأن الشعور بالامتنان بين الزوجين يرفع مستوى الرضا والعاطفة. والفيلسوفة المعاصرة التي تنتقد النسوية المفرطة ترى أن الرجل يحتاج إلى احترام وتقدير مثلما تحتاج المرأة إلى الحب والأمان، وأن تبادل الأدوار دون وضوح يسبب صراعاً داخلياً يهدد العلاقة.

كيف نحافظ على التوازن

لتحقيق توازن صحي، يجب أن تعيد المرأة العاملة التفكير في الأسباب التي دفعتها للعمل، وأن تسعى لخلق توازن بين أهدافها الشخصية واحتياجات أسرتها. يمكنها وضع جدول مرن يسمح لها بقضاء وقت نوعي مع زوجها وأطفالها، وتعلم مهارات إدارة الوقت بحيث لا يسيطر العمل على حياتها. كما يجب على الزوج أن يدعم زوجته ويقدر جهودها، ولكن ليس من خلال تقديم تعويض مادي فقط، بل عبر إظهار الاحترام وتوفير البيئة التي تساعدها على النجاح في المنزل والعمل. الحوار الصادق بين الطرفين بشأن التوقعات والالتزامات ضروري، وكذلك الاتفاق على توزيع المسؤوليات بطريقة تحقق العدالة للجميع.

خاتمة

إن المرأة العاملة التي تسعى للنجاح في عملها يجب ألا تنسى أنها شريكة في حيات زوجها وليست متنافسة معه. عندما تضع القيمة التي تضيفها لعائلتها في مركز اهتمامها، ستحصل على دعم ومساندة من زوجها والمجتمع. أما إذا ركّزت فقط على ما تريده من امتيازات ومطالب مادية، فإن علاقتها ستتأثر وقد تفقد احترام زوجها ومحبة أطفالها. لذلك، على كل امرأة عاملة أن تتذكر أن دورها في الأسرة هو الذي يمنحها القيمة الحقيقية، وأن العمل خارج المنزل ينبغي أن يكون إضافة لا بديلاً. تلك هي الرؤية المتوازنة التي تضمن استمرار المودة والرحمة وتحمي الأسرة من التفكك.