هل يعاني مقر عملك من مشكلة فرط استخدام المصطلحات اللغوية؟

إن المصطلحات الخاصة بمكان العمل هي عنصر أساسي في المؤسسة الحديثة. ومع ذلك يحب الناس الشكوى من المصطلحات قائلين إنها غير ضرورية أو فارغة أو رنانه أو يصعب فهمها. يستخدمها الباحثون التنظيميون لقياس تصورات الموظفين عن "الهراء" في مكاتبهم. ينتقدها العديد من قادة الصناعة والحكومة أو حتى شجعوا ضد استخدامها. على الرغم من هذه الشكاوى إلا أن المصطلحات لا تزال تزدهر في معظم المهن. سواء كنت مستشارًا أو ممرضة أو سائق شاحنة أو أمين مكتبة فمن المحتمل أنك تسمع وتستخدم قدرًا لا بأس به من المصطلحات. ولكن إذا كانت المصطلحات غير محببة إلى هذا الحد فلماذا هي شائعة جدًا؟

للإجابة على هذا السؤال يجب علينا أولاً تحديد ما  الذي نعنيه بـ "المصطلحات". 

تشير المصطلحات اللغوية إلى المصطلحات أو التعبيرات أو الاختصارات الخاصة بصناعة معينة أو مجموعة مهنية معينة. لكل صناعة المصطلحات الخاصة بها ويتم استخدامها بدلاً من البدائل الأقل احترافًا وسهلة الفهم. مثل الموضة، تتغير موسمياً بعد أن أصبحت عبارة "التفكير خارج الصندوق" عبارة مبتذلة. يمكن أن تتضمن استعارات أو أشكال الكلام أو الاختصارات أو المصطلحات المعاد استخدامها.

بينما يستخدم الناس أحيانًا المصطلحات والعامية بالتبادل إلا أنهما ليسا نفس الشيء. العامية هي لغة غير رسمية وتستخدم في المزيد من الأوساط الاجتماعية ومع ذلك فهي مرتبطة ببعضها البعض حيث أن كل من العامية والمصطلحات تنقل المعلومات ليس فقط حول ما يقوله المتحدث ولكن أيضًا عن المتحدث نفسه.

تزدهر المصطلحات اللغوية المتخصصة في أماكن العمل لأنها تلبي عددًا من الاحتياجات الأساسية. في بعض السياقات ينتج اتصالًا فعالًا ودقيقًا. على سبيل المثال، يتحدث مراقبو الحركة الجوية باستخدام الأبجدية الصوتية بدلاً من  الإختصارات (قراءة رقم ذيل الطائرة كـ "Alpha Bravo12" بدلاً من "AB12"). يمكن للمصطلحات اللغوية أيضًا أن تسهل الترابط الاجتماعي بين المتحدثين والجماهير من خلال تعزيز الهوية المشتركة. المصطلحات اللغوية هي أيضًا أداة لغوية يمكن للناس استخدامها - بوعي أو بغير وعي - للإشارة إلى عضويتهم في مجتمع مهني. على سبيل المثال، قد يشير استخدام مصطلح "عصا الحبر" بدلاً من "القلم" إلى العضوية الحالية أو السابقة في الجيش الأمريكي.

أحد الأبحاث درس دافعًا آخر لاستخدام المصطلحات للتعبير عن عدم الأمان والرغبة في الحصول على مكانة في المهنة. أظهرت الأبحاث أن الحالة تجلب التأثير والفوائد المادية والرفاهية النفسية لأولئك الذين يمتلكونها، في حين أن الافتقار إلى المكانة يترك المرء عرضة لسوء الحظ. غالبًا ما يعوض الناس نقص المكانة من خلال محاولة الإشارة إلى أن لديهم أكثر مما لديهم بالفعل. قد يعلنون بوضوح عن إنجازاتهم أو يسلطون الضوء على عضويتهم في مجموعات مرموقة. على سبيل المثال، من المرجح أن يضم الأكاديميون من ذوي المكانة المنخفضة "د." أو "دكتوراه" في توقيعات البريد الإلكتروني الخاصة بهم من أولئك الذين يتمتعون بمكانة أعلى. أظهرت التجارب أيضًا أن الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان بشأن حالتهم يرغبون في إنفاق المزيد على المنتجات الاستهلاكية المرئية ذات المكانة العالية، لكنهم لن ينفقوا المزيد على المنتجات التي لن يراها أحد.

بناءً على ذلك اكتشفنا ما إذا كانت الحالة المهنية المنخفضة تحفز الأشخاص على استخدام المزيد من المصطلحات في مكان العمل. نحن نركز بشكل خاص على الوضع المهني (وليس الوضع الاجتماعي والاقتصادي العام) لأن كل مهنة بها أعضاء ذوو مكانة عالية ومنخفضة. عبر سلسلة من الدراسات ، تأكد أن المصطلحات تعمل أحيانًا مثل عنوان فاخر أو كأس معروض بشكل واضح أو ساعة باهظة الثمن تحمل علامة تجارية - يستخدمها الناس للإشارة إلى الحالة والتباهي للآخرين.

لفهم السبب وضعنا مجموعة مختلفة من المشاركين في سيناريو الحالة المهنية العالية أو المنخفضة التي تتضمن المصطلحات الأكاديمية. كان المشاركون يلعبون دور الباحثين في مؤتمر كانوا على وشك تقديم عرض تقديمي للجمهور. أعطيناهم خيارًا لكيفية التواصل وطلبنا منهم شرح اختيارهم. فضل المشاركون ذوو المكانة المنخفضة جدا استخدام المزيد من المصطلحات وأكدت التفسيرات لاختيارهم على الرغبة في الظهور بشكل جيد في عيون الآخرين. ومع ذلك في حالة المكانة العالية كان المشاركون أكثر تركيزًا على التواصل الفعال والفهم بوضوح. بعبارة أخرى استخدم المشاركون من المستوى الأدنى المزيد من المصطلحات لأنهم كانوا منشغلين بكيفية الحكم عليهم من قبل الآخرين.

لاختبار ما تم ذكره سابقا في حالة المكانه العالية أو المنخفضة نظر أحد الأبحاث العلمية إلى أفضل 200 جامعة في الولايات المتحدة بناءً على تصنيفات الجامعات في U.S. News and World Report. بفحص ما إذا كان الطلاب من الجامعات ذات المكانة المتدنية يستخدمون المزيد من المصطلحات الأكاديمية. وعبرأكثر من 64000 رسالة علمية تم بتقييم مقدار المصطلحات المستخدمة في عناوينها لقياس المصطلحات الأكاديمية نظرنا إلى تعقيد اللغة ("قابلية القراءة") بالإضافة إلى عدد الاختصارات المستخدمة. تمشيا مع النتائج التجريبية التي توصلنا إليها وجدنا أن المؤلفين من المدارس ذات المكانة المنخفضة يستخدمون مصطلحات في عناوينهم في المتوسط أكثر من المؤلفين من المدارس ذات المكانة العليا حتى بعد التحكم في أشياء مثل موضوع الرسالة ومدتها.

بينما ترتبط المصطلحات بالعديد من النتائج المفيدة المحتملة من تحسين الاتصال إلى الترابط الجماعي وإشارات العضوية إلا أنها قد تفرض أيضًا تكاليف على سبيل المثال، يمكن أن يجعل التواصل أكثر صعوبة بالنسبة للمجموعة الخارجيةً. المصطلحات اللغوية يمكن أن تجعل الناس يشعرون بالاستبعاد او أن يبدو بلا معنى ويمكن تسميته هراء. وجدنا أيضًا أن استخدام المصطلحات يمكن أن يضر بانطباعات المتحدث؛ غالبًا ما ينظر الجمهور إلى هؤلاء المتحدثين على أنهم متواطئون أو متلاعبون أو غير محبوبين.

إذا كنت قلقًا بشأن الآثار السلبية المحتملة للمصطلحات اللغوية عليك أو على مؤسستك، ففكر في الخطوات الأربع التالية:

اولا: فهم أين ومتى يمكن استخدام المصطلحات: تحتاج إلى فهم السياق لمعرفة ما إذا كانت المصطلحات قد تساعدك أو تؤذيك. عندما تكون المصداقية والشكليات مهمة فقد يكون استخدام المصطلحات مفيدًا. على سبيل المثال، في بعض مواقف المبيعات يمكن أن يمنح استخدام المصطلحات العملاء الثقة بأنك خبير، وقد يكون خطر سوء الفهم أكبر عندما يتألف الجمهور من أعضاء من صناعات مختلفة أو وظائف و مستويات خبرة متقدمة. لذلك إن فهم أين ومتى قد تكون المصطلحات المفرطة مكلفة بالنسبة لك هو أول شيء تفعله.

ثانيا: تحقق من نفسك: اسأل نفسك عما إذا كانت هناك طريقة أبسط لتوصيل الفكرة نفسها أو إذا كان الجمهور يستخدم المصطلحات نفسها بشكل شائع.

ثالثاً:ابدأ من الأعلى: إذا كنت ترغب في تقليل الاستخدام المفرط للمصطلحات في شركتك ، فابدأ بالاتصالات من الأعلى. يستخدم الأعضاء المحترفون ذوو المكانة المنخفضة المصطلحات على وجه التحديد لأنهم يربطونها بالمكانة ، لذا فإن كسر هذا الارتباط هو المفتاح.

رابعاً: انشر الكلمة: يستخدم الأشخاص المصطلحات ليس فقط للتواصل ، ولكن أيضًا للتباهي. إن السماح للآخرين بمعرفة سبب عدم تبنيك أنت أو مؤسستك للمصطلحات اللغوية المفرطة يرسل رسالة واضحة مفادها أنك واثق من قدراتك ومهتم بالفهم بدلاً من التباهي. يستخدم Warren Buffet هذه التقنية بشكل متكرر في اجتماعات المساهمين الخاصة به حتى تفهمه شقيقتيه اللتان ليستا ناشطات في مجال الأعمال. قد تمنح هذه الإستراتيجية المتمثلة في التأكيد على أنك تتواصل حتى يتم فهمك وثقة الجمهور بك و بمؤسستك.

في حين أن مخاوف الحالة المهنية يمكن أن تقود المتحدثين إلى "التوضيح" بدلاً من "الشرح" و "التأثير" بدلاً من "الاستخدام" ، فمن الممكن تعزيز ثقافة التواصل الواضح وتقليل تكاليف المصطلحات غير الضرورية بالنسبة لك ولمؤسستك.

المصدر:

https://hbr.org/2021/03/do-you-have-a-jargon-problem