مؤشرات الهدر الغذائي على مستوى الأسرة والفرد في المملكة العربية السعودية: أرقام صادمة
نتعرف في هذا المقال علاقة الهدر الغذائي للفرد والأسرة مع الأمن الغذائي ومستويات الهدر للطعام المطبوخ والنيئ.
يرجح مصطلح الهدر الغذائي الى اي عملية تخلص من الغذاء النيئ او المطبوخ والتي تبدأ من مرحلة الحصد مروراً بمرحلة البيع بالجملة او التجزئة الى الهدر من قبل الاسر والافراد. هدر الغذاء ليس مسألة مالية فقط، بل هي مسألة حياة او موت، فالجوع والفقر يهدد شعوب كبيرة حول العالم (811 مليون شخص حالياً ينامون كل ليلة وهم جوعى). لذلك أولت الامم المتحدة ومنظمة الغذاء والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي جهود كبيرة في التوعية في تقليل الهدر الغذائي والانتاج الغذائي المستدام والترويج للأمن الغذائي حول العالم. فلذلك كانت أحد اهداف خطة التنمية المستدامة هو تقليل مستوى الهدر الغذائي للفرد الى النصف تقريباً بحلول 2030.
عالمياً، يبلغ مستوى الهدر الغذائي حوالي ثلث الغذاء المنتج للاستهلاك الادمي والذي تقدر قيمته بأكثر من واحد ترليون دولار امريكي سنوياً. محلياً اظهرت نتائج الدراسة التي قمنا بها ان نسبة الهدر في المملكة تقدر للأغذية النية بـ 45٪ في حال ان التخلص من الغذاء المطبوخ وصل الى 60٪. كما أصدرت الهيئة العامة للأمن الغذائي (المؤسسة العامة للحبوب سابقاً) قيمة تقديرية للهدر الغذائي وصلت الى 40 مليار ريال سعودي سنوياً. وحسب الدراسة التي قمنا بها وجدنا ان هذه النسبة ترتفع لدي الشباب (الاقل من 30 سنة) وعند النساء اكثر من الرجال وفي المدن الكبيرة مثل الرياض والمنطقة الشرقية ومنطقة مكة المكرمة مقارنة بباقي المناطق ولم يظهر اي تأثير لمستوى الدخل او التعليم على نسبة الهدر.
سبق وان نشرنا ورقة علمية عن الهدر الغذائي و الامن الغذائي في المملكة في عام 2021 في احدى المجلات العلمية عالية التصنيف والتي يمكن ان تكون خط البداية لقياس مؤشرات الهدر الغذائي على مستوى الفرد والأسرة في المملكة العربية السعودية تفيد متخذي القرار من اصحاب المصلحة ( موان، هيئة الصحة العامة، الهيئة العامة للأمن الغذائي) لفهم العلاقة بين الهدر الغذائي والعوامل الديموغرافية التي تؤثر على زيادته.
وبمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، نشهد كل عام زيادة اقبال المستهلكين لشراء المنتجات الغذائية فقد وضحت احدى الصحف المحلية ان قيمة شراء المنتجات الغذائية في رمضان يعادل قيمة الشراء خلال ثلاثة اشهر من العام وهذه القيمة كبيرة فيما اذا قورنت بقيمة الاستهلاك والهدر معاً خلال بقية العام. إن زيادة الاستهلاك او بمعنى اخر " الافراط" في موائد الافطار والسحور لا تتسبب فقط في هدر الغذاء فحسب، بل ان الإفراط وزيادة استهلاك الوجبات عالية السعرات الحرارية يتسبب في اضطرابات هضمية حادة وعسر هضم ولعلنا نبدأ هذا الشهر بتبني عادات غذائية جديدة ليست فقط على مستوى " الحمية الغذائية" او زيادة ممارسة الرياضة، بل بتقنين استهلاك الغذاء. صحيح انه يوجد جمعيات غير ربحية تعنى بتوزيع الفائض من الطعام، ولكن السؤال لماذا نقوم بإعداد الطعام الذي يفوق احتياجنا. ايضا ليس من الرفق او العطف على الحيوانات او المواشي اطعامها فائض الغذاء، فلمثل هذا التصرف المسؤولية الكبيرة في الاضرار البيئية على الحيوانات والارض.
وخيرا مانختتم بهذا المقال بقول الله تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"
صدق الله العظيم.