اتمنى لو كنت .....!

هل من الطبيعي أن نقارن حياتنا بالآخرين؟ لن نعمم القول بأن مقارنة حياتنا بالآخرين هي عادة

اتمنى لو كنت .....!
لماذا يجب أن نتوقف عن مقارنة حياتنا بالأخرين


متى كانت اخر مرة قمت بمقارنة حياتك بحياة شخص اخر؟  على سبيل المثال اخ، صديق، زميل بالعمل أو مؤثر على موقع التواصل الاجتماعي او تمنيت أن تعيش حياة شخص معين يتمتع بمنصب عالي، أو لدية عائلة رائعة وعلاقة قوية يملئها الود والتفاهم بينه وبين شريك حياته، او يقود سيارة فارهة، او يقضي معظم وقته بالسفر والتسوق او أحد من مؤثرين مواقع التواصل الاجتماعي الذي يظهر للعالم الحياة من عدسة أنه يستطيع الحصول على كل ما يريد مهما بلغ تكلفته او مكانه؟

تظهر لنا الدراسات ان العقل البشري يفكر بأكثر من 6 الاف فكرة من اليوم، لذلك من النادر ان لا نكون قد وددنا ان حياتنا تتغير لتشابهه حياة قريب او شخص مؤثر ونملك ما يملكونه. تتضارب الاقوال فيما يجب ان نقارن حياتنا بالآخرين حتى نتعلم ونحسن من طريقة حياتنا باكتسابنا مهارات حياتية جديدة او عدم المقارنة لتجنب المشاعر السلبية التي قد تتسببها لنا هذه المقارنة.

هل من الطبيعي أن نقارن حياتنا بالآخرين؟

لن نعمم القول بأن مقارنة حياتنا بالآخرين هي عادة منبوذة وغير طبيعية. لأنها من الطبيعية البشرية أن الانسان يقارن نفسه بمن هم حوله. قد تكون المقارنة عادة صحية إذا كانت ضمن حدود معينة. المقصد انها قد تكون مرجع لنا في اكتساب مهارات معينة، الاستفادة من الخبرات والتجارب التي مر بها الاخرين، بل ايضا قد تكون دليل لنا في محاولة لتحديد الطريق الصحيح التي يجب ان نتبعه او نسلكه في علاقتنا الشخصية وطرق تعاملنا معها. في بعض من الاحيان قد تكون مقارنة حياتك وعلاقاتك بمن هم يعيشون حياة سيئة او علاقات سيئة مقارنة صحية ايضاً ما إذا نظرنا إليها من جانب كيف اننا نعيش حياة مثالية ورائعة. هذه الطريقة من الطرق العلمية التي نستخدمها لتدبر وتقدير النعم التي نعيش بها، بل وحتى الامتنان لها. قد يتذمر البعض من ازدحام الطرق متناسياً انه يعيش في بلد آمن خالي من الحروب وبه كل مقومات الحياة الأساسية والمثالية.

هل من السيئ ان نقارن حياتنا بالآخرين؟

على الرغم من ان المقارنة قد يكون لها تأثير ايجابي، الا ان لها العديد من الاثار السلبية اذا تخطت الحد الطبيعي واصبحت هي المسيطرة على اختياراتنا وطريقة عيشنا وتعاملنا مع انفسنا واهلينا والأخرين، ليس هذا وحسب، بل ان لها اثار نفسية قد تسبب في تدمير سلامنا الداخلي وصحتنا النفسية ويطلق عليها في هذه الحالة بالحرمان النسبي او Relative deprivation . من الجانب النفسي، الحرمان النسبي تأثيرات سلبية عديدة مثل الحسد، عدم الشعور بالرضا، عدم الثقة بالنفس والتي تؤدي بدوها الى الحزن والاحباط.

في كثير من الاحيان، عندما نقارن أنفسنا بالآخرين، يقودنا هذا الى الشعور بفقدان الامل، مثل عندما نقارن أنفسنا بمؤثرين مواقع التواصل الاجتماعي ونصل الى مرحلة الرغبة في امتلاك ما يمتلكونه وحينما لا نستطيع امتلاكه يصيبنا الامر بالإحباط وعدم الرضا.  

من الجانب العلمي، وجدت دراسة في عام 2021 عُملت على 78 اسرة، ان مقارنة حياتهم بالآخرين لها تأثيرات سلبية على طول العلاقة وعمقها والرضا بينهما. ايضاً قامت احدى الدراسات بجمع ما يقارب 2008 دراسة وبحوث علمية منشورة عن تأثير مقارنة حياتنا بحياة الاخرين وجدت ان جمعيها تتفق على الاثار السلبية للمقارنة والمتمثلة في:

  1.  الاحساس بالذنب
  2.  الحسد
  3.  الندم
  4.  الكراهية
  5.  التعاسة

لذلك نجد العديد من الاثار السلبية ازدادت مع ظهور وتطور مواقع التواصل الاجتماعي. كثير من الدراسات اتفقت على مساوئ "المقارنة" بين المتزوجين في ظل غياب الوعي بخطورة المقارنة بظهور ازواج وزوجات المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي وإظهارهم للحياة من جانب رفاهي قد لا يمثل الحقيقة التي يعيشونها. حيث اظهرت دراسة بريطانية ان 40% من النساء غير راضيات عن حياتهم الشخصية وعن ازواجهم بعد مقارنتهم مع الازواج في مواقع التواصل الاجتماعي. مقارنة حياتنا بحياة المؤثرين خطأ فادح لأنها تظهر لنا أجمل ما في حياتهم دون ان تظهر آلامهم النفسية، الاجتماعية، العائلية وحتى الجسدية والتي من الممكن اننا لا نطيقها لو تمنينا هذه الحياة. ومقارنة حياتنا بحياتهم تثير الغيرة لدينا  حيث تصور لنا ان حياتنا اقل من حياة الاخرين من المؤثرين، بل يجيب ان نتيقن بأن الركض وراء حياة الاخرين لن يوصلنا الى ماهم عليه.

في كثير من الاحيان يغيب عن وعي الوالدين خطورة مقارنة اطفالهم بإخوتهم او أطفال اقاربهم مثلا كأن يقول "ان اخاك قام بحل جميع واجباته بوقت قصير على خلافك!" مما يخلق مشكلتين لدى الاطفال:

1.     الشعور بالذنب لدى الطفل الاول لأنه لم يرض والدية كما فعل أخاه الثاني، والذي قد يسبب غيرة بين الاخوين، عدم المبالاة مع الوقت للطفل الاول.

2.      الشعور بالفوز الدائم وان الطفل الثاني يجب ان يكون مثالي قادر على ارضاء الاشخاص الاخرين وباحث عن رضاهم بشكل دائم مما يجعله عرضه للاستغلال.

تذكر عزيزي القارئ انه لو كشفت لك ابواب السماء لتختار مصيرك وقدرك، فستعلم ان الله سبحانه وتعالي اختار لك أفضلها. وإيقن دائما ان افضل المقارنات هي مقارنة نفسك اليوم بما كنت عليه بالماضي وبما تطمح ان تكون عليه في المستقبل.