لماذا لا تغرق السفن في الماء؟
اكتشف كيف يمكن للسفن الضخمة أن تظل عائمة فوق سطح الماء رغم وزنها الثقيل. يتناول المقال قانون أرخميدس للطفو ويوضح كيف يؤثر الشكل والتصميم في توزيع الكتلة لتقليل الكثافة. يحتوي على أمثلة وتجارب بسيطة تساعد الأطفال على فهم المبادئ العلمية والعملية وراء طفو السفن.

منذ آلاف السنين، ظل مشهد السفينة وهي تطفو في أعالي البحار محيراً للعقول. كيف يمكن لكتلة عملاقة من الخشب أو الفولاذ، أثقل بكثير من الماء، أن تظل على السطح بدلاً من أن تغرق؟ يشبه الأمر تساؤلات الأطفال البسيطة التي تفتح آفاقاً عميقة للمعرفة: كيف؟ ولماذا؟ إن فهم سبب طفو السفينة يكشف عن أسرار فيزيائية ممتعة، ويعلمنا أن الطبيعة تعمل بقوانين دقيقة تعطي من يفهمها القدرة على التنبؤ والتحكم.
القانون الفيزيائي وراء طفو السفن
في قلب هذا اللغز يوجد قانون قديم يعود إلى أرشميدس، وهو قانون الطفو أو قاعدة أرخميدس. يخبرنا هذا القانون أن أي جسم مغمور في سائل يتعرض لقوة دفع نحو الأعلى تعادل وزن السائل الذي أزاحه. تخيل أنك تضع حجراً صغيراً في كوب ماء، سترى سطح الماء يرتفع قليلاً لأن الحجر أزاح مقداراً معيناً من الماء. إذا كان وزن الحجر أكبر من وزن الماء المزاح، سيغرق الحجر؛ أما إذا كان وزنه مساوياً أو أقل، فسيطفو على السطح. ينطبق المبدأ نفسه على السفن الضخمة. عندما تدخل السفينة إلى البحر، فإنها تدفع كمية كبيرة من الماء بعيداً. ووفقاً لقاعدة أرخميدس، يدفع هذا الماء المزاح السفينة بقوة تعادل وزنه، وتبقى السفينة طافية طالما أن وزنها لا يتجاوز وزن الماء الذي أزاحته. هذا المفهوم يعرف بالطفو، وهو السبب الذي يجعل السفن لا تغرق مهما كان حجمها طالما رُوعي تصميمها ووزنها.
شكل السفينة يغيّر الكثافة ويمنحها الطفو
قد يتساءل الطفل: إذا كانت السفينة مصنوعة من الفولاذ، وهو أثقل من الماء بكثير، فلماذا لا تغرق؟ الجواب يكمن في الشكل. بدلاً من قطعة متماسكة من المعدن، تُصمم السفينة بحيث تكون مجوفة من الداخل، وبالتالي يتم توزيع كتلتها على مساحة أكبر. الكثافة هي كمية الكتلة في حجم معين؛ وعندما تكون الكثافة أقل من كثافة الماء، يطفو الجسم. إن تجويف السفينة يجعل كثافتها الكلية أقل من كثافة الماء. حتى إذا كان الفولاذ بحد ذاته كثيفاً، فإن الفراغ الداخلي يسمح للسفينة بإزاحة كمية كافية من الماء بحيث تكون قوة الدفع إلى الأعلى أكبر من وزن السفينة.
يمكنك اختبار هذه الفكرة بنفسك بتجربة بسيطة: قم بعجن قطعة من الطين وحولها إلى كرة، ثم ضعها في الماء. ستغرق بسرعة لأن كثافتها أكبر من الماء. الآن، قم بتشكيل الطين على هيئة قارب مجوف له جدران رقيقة، ثم ضعه على الماء. ستجد أنه يطفو بسهولة. السبب هو أن الشكل الجديد أزاح المزيد من الماء، وأصبحت كثافة الطين الكلية أقل من كثافة الماء. السحر هنا ليس في المادة نفسها، بل في كيفية توزيعها.
تعمل السفن أيضاً على موازنة وزن الحمولة التي تحملها. عندما تزداد الحمولات، تنخفض السفينة قليلاً في الماء، وتزيح كمية أكبر، مما يزيد قوة الدفع إلى الأعلى. لهذا يتم تحديد خط الطفو على جسم السفينة لضمان عدم تجاوز وزنها الحد الآمن. إذا تم تحميلها أكثر مما يجب، فإنها قد تغرق لأنها ستزيح كمية غير كافية من الماء لدعم وزنها.
الدروس التي نتعلمها من طفو السفن عميقة. إن فهم قانون أرشميدس يساعد الأطفال على رؤية أن الطبيعة ليست عشوائية، وأن وراء كل ظاهرة قانوناً يفسرها. كما يوضح لنا أهمية الشكل والتصميم في جعل الأشياء تعمل بطريقة قد تبدو سحرية. في المرة القادمة التي ترى فيها سفينة تعبر البحر، تذكر أنك تشاهد تطبيقاً عملياً لقانون عمره آلاف السنين، لكنه لا يزال يحكم عالمنا حتى اليوم.