الدراسات الطويلة المدى وأثرها على تطور العلوم الصحية - 2
تطرق المقال السابق من سلسلة مقالات - الدراسات الطويلة المدى وأثرها على تطور العلوم الصحية - إلى دراسة الدول السبع (The Seven Countries Study)(1) والتي أجراها الفسيولوجي الأميركي " أنسيل كيز" حيث ربطت الدراسة بين نمط الحياة والنظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط. هذا النظام الغذائي الذي اكتشفه البروفيسور "كيز" أصبح يُعرف بحمية البحر المتوسط، وهي توصية غذائية باستهلاك نسبة عالية من زيت الزيتون والبقوليات، والفواكه، والخضروات، واستهلاك كمية معتدلة من الأسماك، وكمية معتدل من منتجات الألبان، بالإضافة إلى استهلاك نسبة منخفضة من اللحوم ومنتجاتها.
تطرق المقال السابق من سلسلة مقالات - الدراسات الطويلة المدى وأثرها على تطور العلوم الصحية - إلى دراسة الدول السبع (The Seven Countries Study)(1) والتي أجراها الفسيولوجي الأميركي " أنسيل كيز" حيث ربطت الدراسة بين نمط الحياة والنظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط. هذا النظام الغذائي الذي اكتشفه البروفيسور "كيز" أصبح يُعرف بحمية البحر المتوسط، وهي توصية غذائية باستهلاك نسبة عالية من زيت الزيتون والبقوليات، والفواكه، والخضروات، واستهلاك كمية معتدلة من الأسماك، وكمية معتدل من منتجات الألبان، بالإضافة إلى استهلاك نسبة منخفضة من اللحوم ومنتجاتها.
أعتقد "كيز" أن حمية البحر المتوسط مفيدة لكونها منخفضة في الدهون المشبعة وفيها نسبة عالية من الدهون غير المشبعة، كما أنها قد تساعد الناس على العيش لفترات أطول وتدرأ عنهم خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ولا نعلم فيما إذا كان النظام الغذائي الذي تبناه "كيز" قد ساهم في طول عمره حيث توفي عن عمر يناهز الـ(100)(2) عام! شملت دراسة البروفيسور "كيز" سبع بلدان واستمرت لأكثر من 50 عاماً، ونشر منها أكثر من 500 مقال علمي محكم، وساهمت نتائجها بقبول عام لنظرية الدهون كحقيقة علمية في نهاية القرن العشرين.
دراسة (CARDIA)
يتطرق هذا المقال إلى دراسة أخرى من الدراسات الطويلة المدى، وهي دراسة بعنوان تطور مخاطر الشرايين التاجية لدى البالغين (Coronary Artery Risk Development in Young Adults)، هذه الدراسة تراقب تطور مرض الشريان التاجي وتقيس التغيرات في عوامل الخطر وتبحث في كيفية تطور أمراض القلب والأوعية الدموية عند البالغين، وتعتبر دراسة (CARDIA) من دراسات المتابعة وتندرج تحت نوع الدراسات المستقبلية (Prospective Cohort Study)، وقد بدأت الدراسة في نهاية عام 1985م، مع مجموعة مكونة من 5115 من الرجال والنساء السود والبيض الذين تتراوح أعمارهم بين 18-30 سنة في أربع مدن في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هناك متابعة طبية دورية لنفس المجموعة حيث طُلب من المشاركين الخضوع لفحوصات طبية تجرى عدة مرات خلال فترات امتدت لـ30 سنة (من 1986 إلى 2016).
تم فحص غالبية المجموعة خلال فترات المتابعة الطبية للدراسة، وقد اختلفت الأهداف المحددة لكل اختبار في كل مرة حيث تم جمع البيانات على مجموعة متنوعة من العوامل والقياسات المادية (الجسمانية) مثل الوزن وتكوين الجسم وأنماط التغذية والتمارين وعوامل أخرى مثل استهلاك الكحول والتدخين، والمتغيرات السلوكية والنفسية، والتاريخ الطبي والعائلي، والتي يعتقد أنها مرتبطة بأمراض القلب.
استمرت الدراسة لثلاثة عقود وفي عام 2018م، قرر المعهد الوطني للقلب والرئة والدم (NHLBI) والذي يعتبر الداعم الرئيسي للدراسة تمديد فترة الدراسة وإجراء الفحوصات الطبية على المتطوعين لمدة خمس سنوات إضافية حتى عام 2023م، علماً بأن الدراسة تلقت (143) مليون دولار تمويلاً من المعهد منذ إنشائها. نُشّر من هذه الدراسة حتى الأن أكثر من (765) مقال علمي محكم، وَقُدم أكثر من (1175)عرضًا تقديميًا استنادًا إلى بيانات الدراسة، وَأُنْجِزَتْ إلى الآن (102) دراسة ثانوية، و(40) دراسة ثانوية أخرى مازالت جارية لجمع البيانات أو اشتقاقها لأغراض منفصلة عن التجربة الرئيسية.
أسفرت الدراسة عن نتائج مذهلة وواسعة ملأت العديد من المجلات العلمية، ووضعت الأساس لفهم العلاقة بين النظام الغذائي وممارسة الرياضة، وعلم الوراثة وسلوكيات نمط الحياة وأثرها على تصلب الشرايين، والسمنة، وضغط الدم وأمراض القلب. ومن أبرز الاكتشافات الرئيسية في هذه الدراسة ما يتعلق بصحة المرأة مع التركيز بشكل خاص على القضايا المتعلقة بالحمل مثل الولادة المبكرة، واكتئاب الحمل، ومعدلات استئصال الرحم لدى النساء السود والبيض المشاركين في الدراسة، كذلك دور العوامل النفسية والاجتماعية مثل التوتر والإجهاد، والتمييز القائم على أسس العرق أو الجنس، وتأثيرها على الصحة، أيضًا دور النظام الغذائي والنشاط البدني وعلاقته بأمراض الكبد، والسكري، والالتهابات، وضغط الدم، وإضافةً لأبرز اكتشافات دراسة (CARDIA) ما يتعلق بتأثير العوامل الوراثية على خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي.
أما ما يتعلق بالنتائج العامة والمنشورة للدراسة فهي بالمئات، ومنها على سبيل المثال دراسة امتدت لعقدين من الزمان استخدم فيها الباحثون بيانات من دراسة (CARDIA) لتحليل مستويات اللياقة البدنية، وذلك لإثبات أن المستويات العالية من اللياقة القلبية التنفسية (CRF) تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري ومراحل ما قبل السكري(3)، ومن ضمن الدراسات المهمة والمستندة على دراسة (CARDIA) دراسة تشير إلى أن الحفاظ على مستويات عالية من النشاط خلال مرحلة البلوغ قد يقلل من زيادة الوزن عند انتقال الشباب إلى منتصف العمر، خاصة عند النساء(4).
وأخيرًا، كان التركيز الرئيسي للدراسة هو تقييم تطور أمراض القلب لدى البالغين ونتيجة لذلك تضمنت الدراسة مجموعة ضخمة ومتنوعة من البيانات البيوكيميائية وتقييمات تاريخية مكثفة مستندة إلى العديد من الفحوصات المختبرية والإشعاعية للمشاركين، بما في ذلك فحوصات لتحديد معدل ضربات القلب (EKG)، وفحص الكالسيوم في الشريان التاجي، بالإضافة إلى ذلك فقد جمعت بيانات موسعة عن النشاط البدني، والتغذية، والسلوكيات النفسية والاجتماعية والكثير من البيانات المهمة التي يقدمها معهد (NHLBI) للباحثين للاستفادة منها.
ولمعرفة المزيد عن النتائج والمقالات العلمية المنشورة والمتعلقة بالدراسة، يمكن زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بالدراسة على هذا الرابط:
https://www.cardia.dopm.uab.edu/
المراجع:
- https://afduhaim.blogspot.com/2018/01/normal-0-false-false-false-en-us-x-none.html
- https://drjoelkahn.com/posthumous-assassination-dr-ancel-keys/
- https://www.cardia.dopm.uab.edu/20-year-study-shows-that-higher-levels-of-fitness-reduce-the-risk-of-developing-of-diabetes-and-pre-diabetes
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3864556/