المؤشرات في سوق الأسهم: تعريفها وأنواعها ودورها في تقييم أداء الأسواق
تشرح المقالة مفهوم المؤشر في سوق الأسهم، الفارق بين المؤشرات الرئيسية مثل مؤشر تاسي، ستاندرد آند بورز، داو جونز، وكيف يتم حسابها واستخدامها لقياس أداء الأسواق. يوضح أيضاً الفرق بين المؤشرات المرجحة بالقيمة السوقية والمؤشرات المرجحة بالسعر ويشرح كيف يمكن للمستثمرين استخدام هذه الأدوات للمقارنة بين محافظهم وأداء السوق وتحسين قراراتهم الاستثمارية.

مقدمة
في عالم الاستثمارات، تُعتبر المؤشرات سوق الأسهم أدوات أساسية تساعد المستثمرين على فهم الحالة العامة للأسواق المالية ومقارنتها عبر الزمن. من دون فهم هذه المؤشرات، قد يجد المستثمر نفسه يبحر في بحر من البيانات دون مرجع واضح.
تعريف المؤشرات
المؤشر هو معيار إحصائي يقيس التغيرات في قيمة سلة من الأسهم أو الأصول المالية. يتم اختيار مكونات المؤشر بناءً على معايير معينة مثل القيمة السوقية أو القطاع الاقتصادي، ويُستخدم لتتبع أداء جزء من السوق أو السوق بأكمله. على سبيل المثال، عندما نسمع أنّ مؤشر «تاسي» ارتفع بنسبة اثنين في المائة، فإن هذا يعني أن متوسط قيم أسهم الشركات المدرجة في سلة المؤشر قد ارتفع بهذا المعدل.
أنواع المؤشرات وطرق حسابها
ليس كل المؤشرات متشابهة؛ تختلف في كيفية حسابها وطريقة وزن مكوناتها. أشهر الطرق هي:
أولاً، المؤشرات المرجحة بالقيمة السوقية. في هذه المؤشرات، تكون الشركات ذات القيمة السوقية الأكبر لها وزن أكبر في المؤشر، مثل مؤشر S&P 500. ارتفع سهم ذو رسملة ضخمة سيؤثر بشكل كبير على المؤشر مقارنةً بشركة صغيرة.
ثانياً، المؤشرات المرجحة بالسعر، حيث تُحدد أوزان الشركات بناءً على سعر السهم بدلاً من القيمة السوقية. في هذه الحالة، يمكن لسهم مرتفع السعر أن يحرك المؤشر حتى إن كانت الشركة صغيرة نسبياً. أشهر مثال على ذلك مؤشر داو جونز الصناعي.
ثالثاً، المؤشرات المتساوية الوزن، حيث يمنح كل سهم في المؤشر وزناً متساوياً بغض النظر عن قيمته السوقية أو سعره. هذا النوع من المؤشرات يعكس الأداء المتوسط للشركات المدرجة دون تحيز للشركات الكبرى.
أمثلة على أهم المؤشرات العالمية والمحلية
توجد حول العالم العديد من المؤشرات الرئيسية التي يتابعها المستثمرون. في الولايات المتحدة، يعد مؤشر S&P 500 أحد أبرز المؤشرات؛ يضم أسهم أكبر خمسمائة شركة أمريكية مدرجة ويعتبر مقياساً لأداء الاقتصاد الأمريكي. هناك أيضاً مؤشر داو جونز الصناعي الذي يضم ثلاثين شركة صناعية كبرى، ومؤشر ناسداك المركب الذي يركّز على شركات التكنولوجيا. في أوروبا، يشمل مؤشر داكس 30 أسهم أكبر ثلاثين شركة ألمانية، بينما يقيس مؤشر فوتسي 100 أداء أكبر مئة شركة في بورصة لندن. في اليابان، يتابع المستثمرون مؤشر نيكي 225.
على الصعيد المحلي، يُعد مؤشر السوق المالية السعودية «تاسي» المقياس الرئيسي لأداء سوق الأسهم السعودية. يضم المؤشر جميع الشركات المدرجة في السوق الرئيسة ويُعد مؤشراً عاماً يبين حالة الاقتصاد السعودي وتحركات الشركات المساهمة. هناك أيضاً مؤشرات قطاعية فرعية تتابع أداء القطاعات مثل الطاقة والاتصالات والبنوك.
كيفية استخدام المؤشرات في تقييم أداء الأسواق
يُعتبر مراقبة المؤشرات إحدى الأدوات المهمة لتقييم أداء الأسواق، لكنّ يجب استخدامها بحذر. يمكن للمستثمر أن يقارن أداء محفظته بالمؤشر لمعرفة ما إذا كان يتفوق أو يتخلف عن السوق، ويساعده ذلك في تحديد نقاط القوة والضعف في استراتيجيته الاستثمارية. كما تمكّن المؤشرات المستثمرين من تقييم الوضع الاقتصادي العام؛ ارتفاع المؤشر لفترة طويلة قد يشير إلى ازدهار اقتصادي، في حين أنّ تراجعه بشكل مستمر قد ينبئ بمرحلة ركود.
مع ذلك، من المهم إدراك أنّ المؤشرات تعطي صورة عامة ولا تعكس دائماً التفاصيل الدقيقة لكل شركة. قد يرتفع المؤشر بسبب أداء قوي لعدد محدود من الشركات الكبيرة، بينما تكون بقية الشركات في حالة ركود. وبالتالي، يجب ألا يعتمد المستثمر على المؤشرات وحدها في اتخاذ القرارات، بل يستخدمها كنقطة انطلاق لتحليل أعمق للشركات والقطاعات.
التفكير التحليلي الطويل الأجل على نهج الاستثمارات الرصينة
يعتمد المستثمر الحكيم على منهجية تحليل أساسية عميقة تركّز على القيمة الحقيقية للشركة وأساسياتها بدلاً من التركيز على التقلبات اليومية للمؤشرات. ينبغي للمستثمر أن ينظر إلى المؤشرات كأدوات لفهم توجهات السوق العامة، ولكنه لا يتعامل معها كمؤشرات للتوقيت أو للمضاربة. إنّ رؤية النمو الاقتصادي والثقة في الشركات ذات الأسس القوية هي التي تحدد الاختيار السليم، وليس فقط ارتفاع أو انخفاض المؤشر خلال يوم أو أسبوع.
كما أنّ تبني فلسفة استثمار طويلة الأجل يساعد على تخطي ضجيج السوق وتحركاته القصيرة المدى. المستثمر الذي يركّز على الأساسيات ويفهم العلاقة بين المؤشرات والأداء الفعلي للشركات سيجد فرصاً أفضل لبناء ثروة على المدى الطويل. ويجب دائماً أخذ هامش أمان في الاعتبار، أي شراء الأسهم عندما يكون سعرها أقل من قيمتها العادلة، مما يقلل من المخاطر في حالة حدوث تقلبات غير متوقعة في المؤشر. في النهاية، المؤشرات مفيدة كمقياس ولكن الحكمة في استخدامها تكمن في بناء قرارات استثمارية مستندة إلى تحليل شامل ومتوازن.