لننسى الركض: صحتك والمشي السريع
السؤال الأول: "لكم من الوقت يجب أن أمشي؟" هناك العديد من التوصيات حول المدة التي يجب على المرء أن يمشي
لننسى الركض: صحتك والمشي السريع
منذ زمن بعيد كانت العادات الغذائية بسيطة و كان القيام بمهام الحياة اليومية يتطلب قدرًا من النشاط البدني المتلائم مع كم السعرات الحرارية التي يتناولها الشخص في اليوم الواحد. هكذا كانت الحياة عندما كان الناس يحرثون الحقول ويرعون الماشية و يقومون بأغلب الأعمال المنزلية بشكل يدوي. تميز نمط الحياة النشط آنذاك بعدة مميزات انعكست على الوضع الصحي، كتدني انتشار السمنة والأمراض المرتبطة بها. ثم خلال الخمسين إلى المئة عام الماضية، حدث ما حدث وتغيرت أنماط الحياة.
أصبح الآن المقعد هو قطعة الأثاث الأكثر شعبية و استخداما. حيث نجلس عليه أغلب أوقاتنا في المنزل، و في العمل، و في السيارة أثناء توجهنا للعمل و العودة للمنزل. حتى مهمة الطهي أصبحت الآن مهمة مريحة تنطوي على الحد الأدنى من الوقوف و الحركة. فقط ضع كل شيء في الميكروويف أو طنجرة الضغط، اضبط المؤقت، و تمتع بقسط من الراحة حتى يصبح طعامك جاهزا. بالنسبة للبعض، حتى هذا الحد الأدنى من المجهود الجسدي المرتبط بمهمة الطهي يمثل عبئا لا يمكن تحمله، مما يؤدي إلى اللجوء لأقل درجات الجهد الممكنة من خلال طلب وجبة جاهزة بضغطة زر من تطبيقات توصيل الطعام المتنوعة. حتى عند التنزه في حديقة أو مزرعة، و هو الأمر الذي بدأ بالانقراض من قائمة خيارات الترفيه العائلي للبعض، ستجد أن أغلب المتنزهين يفترشون الأرض أو يحملون مقاعدهم المتنقلة دون حتى التفكير بالمشي. النتيجة الحتمية لنمط الحياة الخامل هي ازدياد معدلات السمنة و كل ما يرتبط بها من أمراض مزمنة. هل يمكننا إحداث تغيير حيال نمط حياتنا المريح لدرجة المرض؟ هل التغيير ممكن؟ نعم نعم نعم.
نظرًا لأنه لا يمكننا تغيير أساليب الحياة الحديثة الناتج عنها بيئة العمل السائدة ذات الطبيعة المكتبية، واستخدام المركبات كوسيلة النقل الأكثر شيوعا، فإنه بإمكاننا التحكم (و لو جزئيا) بآثار هذا النمط المريح على صحتنا من خلال الانخراط بشيء من النشاط البدني. أسهل الأنشطة البدنية وأقلها تكلفة و أكثرها فائدة هو المشي. إن فوائد المشي المؤكدة كثيرة للغاية، و انعكاس هذه الفوائد لا يشمل فقط المرضى، بل و الأصحاء أيضا. إليكم بعض من فوائد المشي:1. الحد من الإصابة بالأمراض2. التقليل من احتمالية الإصابة بالجلوكوما3. تحسين صحة القلب و الدورة الدموية4. دعم التوازن 5. تقوية عضلات الساق6. بناء الكتلة العظمية7. شد عضلات الذراع والكتف8. التحكم بضغط الدم9. الحد من السرطانات المختلفة10. التحكم بالوزن و الحد من السمنةاتفقنا الآن على أن للمشي فوائد كثيرة، و لكن كيف سننجح في جعله جزءا لا يتجزأ من الروتين اليومي؟ جعل المشي عادة هو أبسط استراتيجية للمحافظة عليه كنمط حياة و ممارسة متأصلة. إليكم بعض النصائح لجعل المشي عادة، بدلا من مجرد ممارسة وقتية عرضية سرعان ما نشعر بالملل تجاه تخصيص الوقت لها:• قم بركن سيارتك بعيدًا عن وجهتك، بدلا عن محاولة إيجاد أقرب مكان مخصص للوقوف، حتى تتمكن من المشي أكثر.• استخدم تطبيقات الهاتف و الساعات الذكية لمساعدتك على تتبع عدد خطواتك اليومية وتذكيرك بالمشي.• أثناء المشي استمع إلى شيء تحبه.• قم بتغيير مكان المشي الخاص بك (مثل الحدائق، مراكز التسوق، مسارات المشي المخصصة، ...) حتى لا تشعر بالملل و الرتابة.• انضم إلى مجموعة مشي، أو أنشئ مجموعتك الخاصة من خلال تحفيز الآخرين.لنخصص شيء من الوقت الآن للإجابة على بعض الأسئلة التي قد تدور في ذهنك.
السؤال الأول: "لكم من الوقت يجب أن أمشي؟" هناك العديد من التوصيات حول المدة التي يجب على المرء أن يمشي فيها. يقترح البعض 10 دقائق يوميا، والبعض الآخر يقترح 15 دقيقة، بينما آخرون يقترحون أكثر من ذلك. عدد الدقائق ليس هو العنصر الأكثر أهمية الآن. ما يهم، هو أن تبدأ بالمشي وأن تجعل المشي عادة مستدامة في نمط حياتك.
السؤال الثاني: "أين يمكنني أن أمشي؟" يمكنك المشي في أي مكان آمن ومريح لك، اعتمادًا على ظروفك اليومية و البيئة المحيطة بك، و لكن الأهم هو ألا تقنع نفسك بعدم وجود مكان ملائم لممارسة المشي و تجعل من ذلك مبررا يمنعك من البدء. هنا بعض الأماكن المقترحة للمشي:
1. في الفناء أو حول المنزل و في أرجاء الحي
2. على سطح المنزل
3. حول مقر العمل
4. في أماكن الانتظار (في المطار أو عيادة الطبيب)
5. في غرفة المعيشة أو غرفة النوم الخاصة بك
السؤال الثالث: "ماهي الطريقة المثلى للمشي؟" أفضل طريقة للمشي هي المشي السريع، حيث يتم تحريك الذراعين والساقين بشكل كامل. إذا لم يكن المشي السريع ممكنا، فمارس المشي الاعتيادي مع تحريك الذراعين بنشاط. إذا لم يكن ذلك ممكنًا أيضا، فلا بأس بالمشي البطيء، فبعض من الفائدة أفضل من لا فائدة على الإطلاق. ضف إلى ذلك أن الجهد البدني هو عبارة عن مستويات مختلفة من القدرات، و مع الوقت و الممارسة يتمكن الإنسان من التدرج التصاعدي في زيادة المرونة و القدرة الاحتمالية.
السؤال الأخير: "ما هو المشي السريع؟"هناك العديد من الأساليب لقياس وتيرتك للتأكد من أنك في النمط "السريع". لنلقِ نظرة على ثلاث طرق لتحديد ما إذا كنت تمشي بالسرعة المناسبة أو لا.
1. معدل ضربات القلب المستهدف في حالة المشي السريع، يجب أن تصل إلى ما لا يقل عن 50 إلى 70 بالمائة من الحد الأقصى لمعدل ضربات القلب، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية:
العمر بالسنوات |
معدل ضربات القلب المستهدف للدقيقة الواحدة |
20 |
100–170 ضربة في الدقيقة |
30 |
95–162 ضربة في الدقيقة |
45 |
88–149 ضربة في الدقيقة |
50 |
85–145 ضربة في الدقيقة |
60 |
80–136 ضربة في الدقيقة |
70 |
75–128 ضربة في الدقيقة |
2. عدد الخطوات في الدقيقة الواحدة يعد حساب الخطوات أسلوبًا آخرا لقياس سرعة المشي. المشي السريع يتطلب إنجاز 100 خطوة في الدقيقة الواحدة على أقل تقدير.
3. اختبار الكلامالطريقة الثالثة لتحديد وتيرة المشي لا تتطلب الكثير من الحسابات. بدلاً من ذلك، ابدأ بالتحدث أثناء المشي و تتبع وتيرتك:• إذا كنت تستطيع التحدث بشكل مريح مع الشعور بشيء من التسارع في معدل التنفس، فمن المحتمل أنك تمشي بوتيرة معتدلة ولكن سريعة بعض الشيء.• إذا كنت لا تستطيع التحدث بسهولة وتشعر بتسارع ملحوظ في معدل التنفس، فعلى الأرجح أنك وصلت لوتيرة المشي المطلوبة.
لا عذر بعد اليوم لعدم المشي !
بقلم:
د.سليمان باه
بروفسيور في علم السكان بقسم الصحة العامة – كلية الصحة العامة – جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل
د.نوف الأنصاري
أستاذ مساعد بقسم الصحة العامة – كلية الصحة العامة – جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل
هبه يعقوب النجيدي
محاضر في علم البحوث بقسم الصحة العامة – كلية الصحة العامة – جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل