كيف يكتشف العلماء الكواكب البعيدة؟
يتناول المقال طرق اكتشاف الكواكب البعيدة مثل طريقة العبور والسرعة الشعاعية، ويشرح للأطفال كيف يفحص العلماء الضوء والاهتزازات للكشف عن عوالم جديدة بطريقة مشوقة.

تخيل أنك تنظر إلى سماء الليل وترى آلاف النجوم المتلألئة. هل فكرت يومًا أن حول تلك النجوم تدور كواكب بعيدة تشبه كوكبنا؟ يُطلق على هذه العوالم اسم "الكواكب الخارجية"، واكتشافها ليس بالأمر السهل. يتساءل الطفل: كيف يعرف العلماء أن هناك كوكبًا يدور حول نجم يبعد عنا سنوات ضوئية؟ هذا المقال يأخذك في رحلة لمعرفة الطرق الذكية التي يستخدمها العلماء للعثور على هذه العوالم الخفية.
انخفاض الضوء يكشف الأسرار
أحد أشهر طرق اكتشاف الكواكب البعيدة يسمى "طريقة العبور". تخيل أنك تنظر إلى مصباح وتضع أمامه شيئًا صغيرًا؛ ستلاحظ أن الضوء ينخفض قليلاً. بالطريقة نفسها، عندما يمر كوكب أمام نجمه من منظورنا، يحجب جزءًا صغيرًا من الضوء. تلسكوبات مثل "كيبلر" و"تيس" تراقب ملايين النجوم باستمرار وتبحث عن انخفاضات دورية في الضوء. إذا تكرر الانخفاض بنفس النمط وبفاصل زمني منتظم، فإن هذا يشير إلى وجود كوكب يدور حول النجم. من خلال قياس مقدار انخفاض الضوء، يمكن للعلماء تقدير حجم الكوكب، ومن مدة العبور يمكنهم حساب مداره ومسافته عن النجم. تُعد هذه الطريقة مرهفة ودقيقة، لكنها تتطلب مراقبة طويلة ومعالجة بيانات ضخمة. حتى أن العلماء يستخدمون الخوارزميات والذكاء الاصطناعي لتمييز الإشارات الحقيقية عن التشويش.
الاهتزازات والصدى الكوني
هناك طريقة أخرى تسمى "السرعة الشعاعية" أو "طريقة دوبلر". عندما يدور كوكب حول نجم، فإن الجاذبية تجذب النجم قليلاً، فيتحرك للأمام والخلف. هذا الاهتزاز الصغير يسبب تغييرات طفيفة في طيف الضوء الصادر من النجم. بمساعدة مقياس طيف حساس، يلاحظ العلماء انزياحًا نحو اللون الأحمر عندما يتحرك النجم بعيدًا عنا، وانزياحًا نحو الأزرق عندما يقترب. من خلال تحليل هذا الانزياح الدوري، يمكنهم استنتاج كتلة الكوكب وسرعة دورانه. تشبه هذه الطريقة سماع تغيّر صوت سيارة الإسعاف أثناء اقترابها ثم ابتعادها. إنها تتطلب أجهزة حساسة للغاية وحسابات رياضية معقدة، لكنها تمكننا من اكتشاف كواكب لا تعبر أمام نجومها.
بالإضافة إلى هاتين الطريقتين، هناك تقنيات أخرى مثل "العدسات الجاذبية الصغيرة"، حيث تستخدم قوة الجاذبية كنظارة مكبرة لزيادة سطوع نجم بعيد عندما يمر أمامه جسم آخر. وإذا كان هناك كوكب يدور حول ذلك الجسم، فإنه يخلق إشارة صغيرة إضافية في الضوء المكبر. كما يمكن للتصوير المباشر، باستخدام تلسكوبات مزودة بأقنعة تحجب ضوء النجم القوي، أن يكشف عن نقاط صغيرة حوله تمثل الكواكب، لكن هذه الطريقة صعبة بسبب السطوع الهائل للنجوم مقارنة بالكواكب.
بفضل هذه الأساليب وغيرها، تم اكتشاف آلاف الكواكب الخارجية خلال العقود الأخيرة. بعضها صخري بحجم الأرض، والبعض الآخر غازي عملاق مثل المشتري. ويستخدم العلماء هذه الاكتشافات لدراسة تنوع العوالم ولطرح سؤال أكبر: هل يمكن أن تكون هناك حياة في مكان آخر؟ كل مرة يكتشف فيها العلماء كوكبًا جديدًا، يزداد فضولنا ورغبتنا في استكشاف الكون.
هذه التقنيات تبدو معقدة، لكنها تعتمد على مبادئ فيزيائية بسيطة يمكن للأطفال فهمها: الضوء يمكن أن ينخفض، والأجسام يمكن أن تهتز وتغير تردد الضوء، والجاذبية يمكن أن تعمل كعدسة. عندما نفهم هذه المبادئ، ندرك أن الكون مليء بالعجائب التي يمكن اكتشافها بعيون متفحصة وأدوات حساسة. في المرة القادمة التي تنظر فيها إلى السماء وتتساءل عن الكواكب البعيدة، تذكّر أن العلم يوفر لنا طرقًا ذكية لرؤية ما هو غير مرئي والاستمرار في البحث عن إجابات لأسئلتنا الكبيرة.