كيف يعمل جهاز الطرد المركزي؟

يتناول المقال شرح عمل جهاز الطرد المركزي، وكيف تفصل القوة الدوارة المواد ذات الكثافات المختلفة بطريقة مبسطة للأطفال، مع أمثلة عملية شيقة.

كيف يعمل جهاز الطرد المركزي؟
كيف يعمل جهاز الطرد المركزي باستخدام قوة الطرد المركزي والعطالة؟ مقال مبسط للأطفال عن العلوم وتطبيقاتها


هل سبق أن رأيت جهازًا صغيرًا في المختبر يدور بسرعة مذهلة، فيفصل السوائل إلى طبقات؟ ربما يبدو مثل طبق صغير يدور كألعاب الملاهي، لكنه في الحقيقة جهاز علمي مهم يسمى “جهاز الطرد المركزي”. يتساءل الطفل في داخلك: ما الذي يجعل الأشياء تنفصل بهذه الطريقة؟ وكيف تعمل القوة التي تدفع الأشياء بعيدًا عن المركز؟

قوة خفية تدفع الأشياء نحو الخارج

عندما يدور الجهاز، تنجذب الأشياء إلى الخارج بسبب ظاهرة تُعرف باسم “قوة الطرد المركزي”. هذه القوة ليست قوة سحرية، بل هي نتيجة لقانون العطالة الذي يقول إن الأجسام تفضل الحركة في خط مستقيم. عندما ندفع شيئًا في مسار دائري، مثل عندما يدور جهاز الطرد المركزي، تحاول الجزيئات الاستمرار في خط مستقيم، لكن حركتها تُجبر على الدوران حول المركز. نتيجة لذلك يبدو كما لو أن هناك قوة تدفعها إلى الخارج. يمكنك أن تختبر ذلك بنفسك إذا جلست في قطار سريع يأخذ منعطفًا حادًا؛ ستشعر بجسدك يتحرك نحو الخارج بعيدًا عن المنعطف. هذا الشعور هو تأثير قوة الطرد المركزي.

داخل جهاز الطرد المركزي، تدور الأنابيب التي تحتوي على سوائل أو مواد مختلفة بسرعات عالية جدًا. وبسبب العطالة، يتم دفع الجزيئات الأثقل إلى الخارج أكثر من الجزيئات الأخف، مما يؤدي إلى فصل المكونات. إذا وضعت أنبوبًا يحتوي على خليط من الدم، ستجد بعد فترة أن خلايا الدم الحمراء الثقيلة قد تراكمت في الجزء السفلي من الأنبوب، بينما ترتفع البلازما الأخف إلى الأعلى. يعطينا ذلك فكرة رائعة عن كيفية استخدام القوانين الفيزيائية لفهم عالمنا.

العلماء يستغلون أيضًا هذه القوة لفصل السوائل في الصناعة. من خلال ضبط سرعة الدوران وزاوية الأنابيب، يمكن التحكم بدقة في كيفية توزيع القوى داخل الأنبوب. هذه الدقة تجعل جهاز الطرد المركزي أداة لا غنى عنها في المختبرات الطبية والبحثية. وبالرغم من أن الجهاز يبدو بسيطًا من الخارج، إلا أن تصميمه يقوم على فهم عميق للعطالة والسرعة الزاوية والقوة الناتجة عن الدوران. إنه مثال رائع على كيفية عمل الفيزياء في حياتنا اليومية، وكيف يمكن للقوانين التي وضعها نيوتن منذ مئات السنين أن تفسر لنا ما يحدث في عصر التكنولوجيا.

تطبيقات تدهشك

قد تتساءل: أين يمكن أن أرى هذه التقنية في حياتي اليومية؟ الإجابة قد تفاجئك. في كل مرة تستخدم فيها الغسالة لتجفيف الملابس، فإنك تستخدم مبدأ الطرد المركزي. تقوم الغسالة بالدوران بسرعة عالية، مما يدفع الماء إلى خارج الملابس عبر الثقوب الصغيرة في حوض الغسيل، فيجف القماش أسرع. وفي المصانع، تُستخدم أجهزة الطرد المركزي لفصل الزيت عن الماء أو لتنقية السوائل المختلفة. حتى في صناعة الطعام، تُستخدم هذه الأجهزة للحصول على القشطة من الحليب أو لصنع بعض أنواع العصائر.

هناك أيضًا تطبيقات مذهلة تتجاوز الأرض. في وكالات الفضاء، يستخدم العلماء غرف طرد مركزي ضخمة لتدريب رواد الفضاء. تدور هذه الغرف بسرعة كبيرة لمحاكاة قوة الجاذبية العالية التي يتعرض لها الرواد أثناء انطلاق الصاروخ. هذه التجارب تساعدهم على التكيف مع الظروف القاسية وحماية أجسادهم من آثار التسارع الشديد. وفي عالم علم الأحياء، يستخدم الباحثون أجهزة الطرد المركزي لفصل الحمض النووي والبروتينات عن بعضها البعض، مما يفتح الباب لفهم أسرار الحياة على المستوى المجهري.

تأمل معي كيف أن جهازًا بسيطًا يدور بسرعات كبيرة يمكن أن يكشف لنا عن أسرار الجاذبية والعطالة، ويساعدنا في أعمالنا اليومية ويدعم البحث العلمي المتقدم. هذا الجهاز الصغير هو تذكير بأن الأسئلة البسيطة التي يطرحها الأطفال – مثل لماذا تنفصل الأشياء عندما ندور – يمكن أن تقودنا إلى اكتشافات عظيمة. لذا في المرة القادمة التي ترى فيها شيئًا يدور، تذكر أن وراء هذا الدوران قصة علمية مثيرة تنتظر من يكتشفها.