دليل النسب المالية: فهم السيولة والربحية والرافعة المالية

يشرح المقال أهمية النسب المالية في تقييم الشركات ويستعرض ستة نسب أساسية تشمل رأس المال العامل، النسبة السريعة، ربحية السهم، نسبة السعر إلى الربحية، نسبة الدين إلى حقوق الملكية، والعائد على حقوق الملكية. يساعد هذا الدليل المستثمرين على تحليل السيولة والربحية والرافعة المالية للشركات واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على القيمة. التركيز على فهم أساسيات الأرقام يعكس نهج بنجامين غراهام في البحث عن هامش الأمان والابتعاد عن المضاربات.

دليل النسب المالية: فهم السيولة والربحية والرافعة المالية
تعمق في فهم النسب المالية مثل رأس المال العامل والنسبة السريعة ونسبة السعر إلى الربحية لتحليل سوق الأسهم بثقة وفق فلسفة بنجامين غراهام


فهم النسب المالية الأساسية

النسب المالية هي أدوات تحليلية بسيطة لكنها قوية يستخدمها المستثمرون لتقييم أداء الشركات ومدى صحتها المالية. تعلم هذه النسب يساعدك على فهم ما إذا كانت الشركة تتمتع بسيولة جيدة، أو تولد أرباحًا كافية، أو تعتمد بشكل مفرط على الديون. في كتابات بنجامين غراهام، يشدد المؤلف على أهمية تقييم الشركات بناءً على مؤشرات ملموسة بدلاً من الانسياق وراء السوق؛ فالنسب المالية تعطيك صورة واضحة عن نقاط القوة والضعف في أعمال الشركة وتساعدك في اتخاذ قرارات استثمارية مبنية على الواقع لا على التوقعات. في هذا المقال سنتناول ستة نسب أساسية تعد من أهم الأدوات التي يجب أن يتقنها أي مستثمر طويل الأجل.

نسب السيولة: رأس المال العامل والنسبة السريعة

أول ما ينظر إليه المستثمر الحكيم هو قدرة الشركة على الوفاء بالالتزاماتها قصيرة الأجل. النسبة الأولى، المعروفة بنسبة رأس المال العامل، تقارن بين أصول الشركة المتداولة وخصومها المتداولة. إذا كانت هذه النسبة فوق 1 فإن الشركة تملك أصولاً متداولة تكفي لتغطية ديونها القصيرة، مما يشير إلى سيولة مريحة. أما «النسبة السريعة» فتركز على الأصول الأكثر سيولة مثل النقد والحسابات المدينة، وتستبعد المخزون من الحساب لأنها قد تحتاج وقتاً للبيع. هذه النسبة تعطي مؤشرًا أكثر تحفظًا حول قدرة الشركة على سداد الالتزاماتها الفورية. بحسب خبراء ماليين، تساعد مراقبة هذه النسب على تجنب الشركات التي قد تواجه ضغوطاً في السيولة أو تعتمد على التمويل القصير الأجل بشكل مفرط.

ربحية السهم ونسبة السعر إلى الربحية

من أهم النسب التي يقيس بها المستثمرون ربحية الشركة «ربحية السهم» أو EPS، وهي حاصل قسمة صافي أرباح الشركة على عدد أسهمها القائمة. تعكس هذه النسبة مقدار الربح الذي يعود على كل سهم، وتساعد في مقارنة أداء الشركات المختلفة بغض النظر عن حجمها. النسبة الثانية هي «نسبة السعر إلى الربحية» أو P/E، والتي تقيس سعر السهم في السوق مقارنة بربحية السهم. عندما تكون هذه النسبة مرتفعة، قد يشير ذلك إلى أن المستثمرين يتوقعون نموًا قويًا في أرباح الشركة مستقبلاً، بينما قد تعني النسبة المنخفضة أن السهم undervalued أو أن السوق متشائم بشأن آفاق الشركة. يوصي غراهام بالتركيز على الأسهم التي يتوافر فيها توازن بين الربحية وسعر السوق، مع مراعاة جودة الأرباح واستدامتها.

نسبة الدين إلى حقوق الملكية

توضح «نسبة الدين إلى حقوق الملكية» مقدار الاعتماد على القروض مقارنة بحقوق المساهمين. نسبة مرتفعة تعني أن الشركة تمول عملياتها بشكل كبير من الديون، ما يزيد من مخاطرها عند ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاض الإيرادات. المستثمر الحكيم، بحسب غراهام، يفضل الشركات التي تحافظ على توازن صحي بين رأس المال المقترض ورأس المال المملوك، لأن ذلك يوفر هامش أمان أكبر في حال تقلب الظروف الاقتصادية. هذه النسبة مهمة بشكل خاص عند مقارنة شركات تعمل في صناعات ذات مخاطر عالية حيث يمكن للديون المفرطة أن تضر بمرونة الشركة المالية.

العائد على حقوق الملكية

العائد على حقوق الملكية (ROE) يقيس مدى فعالية الشركة في استخدام أموال المساهمين لتحقيق أرباح. يتم حسابه بقسمة صافي الربح على مجموع حقوق المساهمين. نسبة مرتفعة تعني أن الإدارة تستخدم رأس المال بكفاءة وتحقق عائدًا جيدًا على الاستثمار. مع ذلك، يجب تحليل هذا الرقم بعناية؛ إذا كان العائد مرتفعًا بسبب اقتراض كبير فقد يكون ذلك إشارة إلى مخاطر مستقبلية. ينصح غراهام بالنظر إلى العائد على مدى سنوات عدة، للتأكد من استدامته، وربطه بنسبة الدين إلى حقوق الملكية للحصول على صورة متكاملة عن أداء الشركة.

دمج النسب في استراتيجية استثمارية

لا يجب النظر إلى كل نسبة بمعزل عن الأخرى. بنجامين غراهام يؤكد أن بناء محفظة استثمارية ناجحة يتطلب فحصًا شاملاً لعدة مقاييس للتأكد من وجود هامش أمان. على سبيل المثال، شركة ذات ربحية عالية وقيمة P/E منخفضة قد تبدو جذابة، لكن إذا كانت نسبة السيولة منخفضة أو نسبة الدين مرتفعة، فقد يكون الاستثمار محفوفًا بالمخاطر. من خلال تحليل النسب المالية مجتمعة، يستطيع المستثمر تقييم الصحة العامة للشركة وتحديد ما إذا كان السعر الحالي للسهم أقل من قيمته الجوهرية، مما يوفر هامش أمان ضد تقلبات السوق. وبالتالي، تعد هذه النسب أدوات أساسية لتحقيق رؤى أعمق حول الشركات وتكوين قرارات استثمارية متوازنة تتوافق مع فلسفة غراهام القائمة على القيمة.