الاكتئاب والقلق لدى المرأة بعد الولادة
الإكتئاب الحاد الذي يصيب المرأة بعد الولادة، يطلق عليه "ذهان ما بعد الولادة". وهذا الأكتئاب الحاد، والذي يظهر بشكل "نادر" للأمهات بعد الولادة، يتضمن "اضطراب في المزاج" يصيب الأم بعد الولادة
طب العقل والجسم : أو (العلاقة بين العقل والجسم ، والجسم والعقل ، كما يشير إليها "هاوارد فريدمان" في كتابه "علم النفس الصحي"، حيث أوضح فريدمان كيف أن كل واحد منهما يؤثرعلى الآخر، وفق الفرضية التي تقول أن {العقل} أو العمليات العاطفية ثؤثرعلى الوظيفة الفسيولوجية {الجسم}،فالغضب والحزن والحنق والغيظ والعداء والحقد والخصومة والكراهية تؤثر بشكل مباشر على "القلب" .
القلق النفسي بشكل عام، هو مؤشر"إيجابي"، لأنه يحفز على بذل المزيد من الجهد من أجل إنتاجية عالية . الأختبارات ،على سبيل المثال، تجسد لنا كيف أن القلق والخوف من عدم اجتياز الاختبارات يحفز على بذل المزيد من الجهد لإجتيازها، ولكن القلق عندما يزيد عن حده يتحول إلى قلق مرضي "سلبي" ، وبخاصة عندما يستسلم الشخص للقلق والمخاوف المرضية المبالغ فيها، فيصبح القلق السلبي "المرضي" عامل من عوامل الفشل في الاختبارات وعدم اجتيازها ، أو في أي عمل يقوم به .
القلق النفسي المرضي يسبق الأكتئاب بعد الولادة لدى المرأة . فميلاد طفل، بدون أدنى شك، يولد شعور قوي بالفرح والإثارة، ولكنه قد يتحول إلى القلق ، والذي قد تكون نتيجته أكتئاب ما بعد الولادة لدى الأم ، حيث يشير موقع "مايو كلينك" الإلكتروني، والذي نقتبس منه "نصاً"، حيث يقول " تعاني معظم الأمهات الحديثات من "اكتئاب ما بعد الولادة"، والذي يشتمل في العادة على تقلبات في المزاج، ونوبات من البكاء، والقلق ، وصعوبات في النوم. تبدأ حالات "الكآبة النفاسية" خلال يومين أو ثلاثة بعد الولادة، وقد تستمر لمدة أسبوعين"، ووفقاً لمعجم التشخيص النفسي "دي إس ام، خمسة "، فإن الأكثر خطورة ، ويستغرق وقتاً أطول في العلاج، هو الإكتئاب الحاد بعد الولادة، يطلق عليه "ذهان ما بعد الولادة". وهذا الأكتئاب الحاد، والذي يظهر بشكل "نادر" للأمهات بعد الولادة، يتضمن "اضطراب في المزاج" يصيب الأم بعد الولادة. ويلخص موقع مايو كلينك "أعراض الكآبة النفاسية" بعد الولادة"، والتي قد تستمر لعدة أيام أو لأسبوع أو أثنين بعد ولادة الطفل، والتي "ربما" تتضمن ( التقلبات المزاجية، القلق ، الحزن، التهيج، الشعور بالإرهاق، البكاء، انخفاض التركيز، مشاكل في الشهية، وصعوبة في النوم).
ولا يوجد سبب واحد لأكتئاب ما بعد الولادة ، ولكن في الغالب يأتي "الجانب النفسي" للأم في المقدمة ، حيث قد توجد لديها مشاكل نفسية مسبقة، تراكمت ودفنت في اللاشعور ولم يتم معالجتها ، وكذلك صعوبات في التكيف، ووجود مشاكل وخلافات بين الزوجين ، إضافة إلى القلق والمخاوف على كيفية رعاية طفلها، ثم يأتي "الجانب البدني"، والذي بتضمن تغيرات بدنية بعد الولادة " قد يسهم الانخفاض الكبيرفي هرموني (الإستروجين والبروجيسترون) في الجسم في الإصابة بأكتئاب ما بعد الولادة، وكذلك يمكن أن تنخفض بعض الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية بدرجة كبيرة مما يجعل المرأة تشعر بالتعب والكسل والاكتئاب". (المرجع مايو كلينيك). وبعد أن تعرفنا على أكتئاب ما بعد الولادة لدى الأم وأعراضه وأسبابه من الجانبين النفسي والبدني، وخطورته، وبخاصة الأكتئاب الحاد الذي قد يؤذي الأم أو طفلها، والذي يستوجب سرعة الحصول، وبدون تردد أو تأخر،على المساعدة النفسية والطبية والتدخل العاجل بمافيه التنويم في مصحة نفسية، ولذلك هناك خطان متوازيان لعلاج أكتئاب ما بعد الولادة لدى الأم وهو العلاج النفسي في حالات "الكآبة النفاسية"، والتي تستمر لعدة أيام أو أسبوعين، تتمثل بجلسات نفسية علاجية"داعمة" من قبل متخصصين في العلاج النفسي، وقد يتطلب "العلاج الفردي"، أو"علاج الزوجين، أو علاج الأسرة بأكملها، أما في حالة الأكتئاب الحاد ما بعد الولادة والذي يستغرق مدة أطول، أو ما يطلق عليه "ذهان ما بعد الولادة"، فإن الطبيب النفسي وهو المخول بصرف عقاقير نفسية يكون مشاركاً للمعالج النفسي في العلاج، بمعنى علاج دوائي للإكتئاب الحاد وفي الوقت نفسه علاج نفسي عن طريق الجلسات النفسية العلاجية، أما "التغييرات البدنية" السابق ذكرها فيمكن متابعتها مع طبيب الأسرة أو طبيب النساء والولادة. متمنياً للمرأة وللجميع تمام الصحة النفسية والجسمية، لأن العقل والجسم كل يؤثر في الآخر.