الهوية الوطنية ومستقبل الأطفال: كيف يصنع الاعتزاز بالوطن جيـلًا واثقًا

الوطن هو الحضن الذي ينشأ فيه الإنسان وينتمي إليه، وهو الهوية التي تشكل جزءاً أساسياً من كيانه. يعكس الوطن التاريخ المشترك والتراث الثقافي الذي يوحد أبناءه تحت راية واحدة. إن الاعتزاز بالهوية الوطنية هو السبيل لتعزيز الانتماء والشعور بالفخر، ويمنح الفرد قوة داخلية لمواجهة تحديات الحياة. ففي ظل العولمة والتغيرات المتسارعة، يظل الحفاظ على الهوية الوطنية أمراً ضرورياًلبناء مجتمعات متماسكة قادرة على مواصلة مسيرة التنمية والازدهار.

الهوية الوطنية ومستقبل الأطفال: كيف يصنع الاعتزاز بالوطن جيـلًا واثقًا


الأمن النفسي في مرحلة الطفولة:

الأمن النفسي في مرحلة الطفولة هو شعور الطفل بالراحة والاستقرار الداخلي، مما يجعله قادراً على استكشاف العالم من حوله بثقة وحرية. يُعتبر هذا الأمن أحد أهم عوامل النمو السليم للطفل على الصعيدين النفسي والعاطفي. فهو يعزز من قدرته على التعلم وبناء علاقات صحية مع الآخرين، ويقيه من الكثير من المشكلات النفسية المحتملة مثل القلق والتوتر. إن توفير بيئة داعمة ومستقرة للطفل يساعده في تطوير شخصيته وتنمية مهاراته، مما يجعله قادراً على مواجهة تحديات الحياة بثقة ومرونة.

 

دور رؤية المملكة 2030 في تعزيز الهوية الوطنية:

ترتبط الهوية الوطنية ارتباطاً وثيقاً بازدهار المجتمعات، حيث تُعد الثروةالحقيقية للمملكة في أفرادها ومجتمعها؛ فنحن أمة استثنائية نرتبط أولاً بالدين ثم بالوحدة الوطنية. ركزت محاور رؤية 2030 على تحسين جودة الحياة وتشجيع التطور الاجتماعي الشامل. من خلال تعزيز الإرث الثقافي والتاريخي السعودي، وإدراك أهمية ترسيخ القيم الإسلامية والعربية الأصيلة، تسعى الرؤية إلى غرس المبادئ الوطنية في الأجيال الصاعدة. يشمل ذلك العناية بالنشأة الاجتماعية، الحفاظ على اللغة العربية، وإقامة المتاحف والمعارض، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة تعليمية ورياضية تعزز الهوية الوطنية بشكل صحيح وتعبر عن مجتمع بناء يتطلع إلى مستقبل مليء بالإنجازات العالمية.

 

أهمية الأمن النفسي في مرحلة الطفولة:

  • النمو العاطفي السليم: يساهم الأمن النفسي في تعزيز قدرة الطفلعلى التعبير عن مشاعره بشكل صحي، ويساعده على بناء شخصية متوازنة ومستقرة عاطفياً.
  • تحفيز التعلم: الطفل الذي يشعر بالأمان يكون أكثر استعداداًلاستكشاف العالم من حوله، مما يعزز من قدراته الإدراكية ويزيد من رغبته في التعلم.
  • بناء العلاقات الاجتماعية: الأمن النفسي يمكّن الطفل من تكوين علاقات إيجابية مع الآخرين، حيث يشعر بالثقة في نفسه وفي قدرته على التفاعل الاجتماعي.
  • التعامل مع التحديات: يساعد الأمن النفسي الطفل على مواجهة التحديات والصعوبات بثقة ومرونة، حيث يكون لديه شعور بالاستقرارالذي يعينه على تجاوز الأزمات
  • الوقاية من المشكلات النفسية: غياب الأمن النفسي قد يؤدي إلى مشكلات نفسية مثل القلق، التوتر، والانطواء، بينما توافره يقلل من احتمالية الإصابة بتلك الاضطرابات.

دراسة محلية ونتائجها:

تم تنفيذ دراسة سعودية استخدمت أساليب بحثية تركز على قياس أثر الأنشطة التي تعزز الهوية الوطنية على الأطفال في مرحلة الروضة. شملت منهجية الدراسة مراقبة الأطفال أثناء مشاركتهم في الأنشطة المتعلقة بالهوية الوطنية، مثل الاحتفالات الوطنية والمسابقات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز الشعوربالانتماء والفخر. كما تم توزيع استبيانات على المعلمين وأولياء الأمور لقياسالتغيرات في سلوك الأطفال وشعورهم بالثقة بالنفس والاستقرار العاطفي.

أظهرت نتائج الدراسة أن تعزيز الهوية الوطنية له تأثير إيجابي كبير على شخصية الأطفال في مرحلة الروضة. الأطفال الذين شاركوا في الأنشطة التي تعزز الشعور بالفخر بالوطن أظهروا مستويات أعلى من الثقة بالنفس والقدرة على التعامل مع المواقف الاجتماعية بثبات. كما لاحظ المعلمون وأولياء الأمورأن الأطفال أصبحوا أكثر استقراراً عاطفياً وأكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم بشكل إيجابي. هذه النتائج تؤكد أن الفخر بالوطن ليس مجرد شعور، بل هو عامل أساسي يسهم في بناء شخصية متوازنة وقوية للأطفال.

تعزز نتائج هذه الدراسة أهمية الفخر بالهوية الوطنية في بناء شخصية الطفل. الأطفال الذين يشعرون بالانتماء لوطنهم ويفخرون به يكونون أكثر قدرة على مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية التي قد يواجهونها. الفخر بالوطن ينعكس على ثقة الأطفال بأنفسهم ويجعلهم أكثر استقلالية وقدرة على اتخاذ القرارات. كما أن هذا الشعور يعزز من قدرتهم على التواصل مع الآخرين وبناء علاقات إيجابية، مما يسهم في تطورهم الاجتماعي. بناءً على هذه النتائج، يصبح تعزيز الهوية الوطنية في المراحل التعليمية المبكرة أداة أساسية ليس فقط لتحقيق الأمن النفسي، بل لبناء جيل من القادة المستقبليين الذين يساهمون في رفعة وطنهم.

أخيراً، الفخر بالوطن لا يبني فقط جيلاً فخوراً بتراثه وتاريخه، بل يسهم أيضاً في تكوين شخصيات قوية، قادرة على المساهمة في المجتمع بثقة وإبداع. رؤية المملكة 2030 تسلط الضوء على أهمية غرس هذا الفخر في نفوس الأجيال الصاعدة، لضمان بناء مجتمع مزدهر قائم على أسس من الولاء والانتماء. إن تعزيز الهوية الوطنية في نفوس الأطفال هو استثمار طويل الأمد في مستقبل المملكة وأمنها واستقرارها.

إعداد: وعد الوقداني، وسن إبراهيم، طيف الثبيتي

تدقيق: ساره القرني