التلاعب العاطفي: كيف تستنزف بعض النساء أرواح الرجال

التلاعب العاطفي سلاح خفي تستخدمه بعض الزوجات للتحكم بزوجها ودفعه لتنفيذ رغباتها تحت ستار الحب. يوضح المقال مفهوم الإساءة النفسية وكيف يتعرض لها الرجال في صمت، ويستعرض الأساليب الشائعة مثل الابتزاز بالبكاء أو التهديد بالهجر، ونتائجها السلبية على تقدير الذات والصحة النفسية. كما يناقش الموقف الشرعي والفلسفي من التلاعب وكيف يواجهه الرجل بالحوار ووضع الحدود، ويذكر أن الاحترام المتبادل هو أساس العلاقات لا الهيمنة.

التلاعب العاطفي: كيف تستنزف بعض النساء أرواح الرجال
امرأة تحرك رجلاً كدمية بعلامة قلب لتجسد التلاعب العاطفي والاستغلال في العلاقة


التحكم ليس دائماً بالسلاسل الحديدية أو الكلمات الجارحة؛ أحياناً يكون بحبال غير مرئية تتحكم بالقلب والعقل. كثير من الرجال يعيشون في علاقة يحركهم فيها غيرهم كعرائس خشبية، تتقن زوجاتهم فنون التلاعب العاطفي، فتذيبهم بكلمة وترفعهم بكلمة وتطعنهم باللامبالاة. في مجتمعنا يُتّهم الرجال دائماً بممارسة العنف أو الإهمال، لكن قلما نسمع عن ألم الرجل الذي يعاني من زوجة تستنزف روحه باسم الحب.

التلاعب العاطفي يعرَّف بأنه أي سلوك غير جسدي يهدف إلى السيطرة أو إذلال أو عزل شخص آخر. الدراسات الحديثة تكشف أن الاعتداء النفسي هو الأكثر شيوعاً في العلاقات مقارنة بالأشكال الأخرى من العنف، وأن الرجال والنساء يتعرضون له بدرجات متقاربة. فوفقاً لمسح وطني أمريكي، أفاد ما يقارب 48.8 % من الرجال و48.4 % من النساء أنهم تعرضوا لاعتداء نفسي من شركائهم. إلا أن المجتمع يغمض عينيه عندما يكون الضحية رجلاً؛ فاستغاثاته لا تُسمع وشكواه يُسخر منها.

كيف يظهر التلاعب العاطفي؟

يبدأ التلاعب غالباً بعبارات بسيطة مثل “أنت لا تفهمني” أو “لو كنت تحبني لفعلت كذا”، ثم تتطور إلى تهديد مبطن بالهجر أو المقاطعة إذا لم يُنفذ الطلب. بعض النساء يستعملن البكاء أو الصمت كسلاح، فيشعر الرجل بالذنب ويستجيب حتى لا يُتهم بالقصور. وأخرى تشتكي دائماً من الحياة معه، تقارنه بمن حولها وتطالبه بالمزيد. كل هذه السلوكيات تبني جداراً من الاستنزاف العاطفي، حتى يصبح الزوج غريباً في بيته، يتجنب الحوار خوفاً من انفجار جديد.

علم النفس يؤكد أن هذا النمط من السيطرة يترك آثاراً عميقة على الضحية. الرجال الذين يتعرضون للتلاعب العاطفي يعانون من انخفاض في تقدير الذات واكتئاب واضطرابات في النوم. مع مرور الوقت، قد يفضل بعضهم الهروب بصمت، فيدخلون علاقات جديدة أو يغرقون في العمل هرباً من واقع مؤلم. إن التراكمات النفسية لا تقل خطراً عن العنف الجسدي؛ فهي تقتل الإبداع وتمنع النمو.

موقف الشرع والفلسفة

الإسلام ينهى عن الظلم أياً كان مصدره، ويأمر بمعاشرة بالمعروف. يقول تعالى عن الزواج إنه سكن ومودة ورحمة، فكيف تتحول الرحمة إلى لعبة قذرة؟ وقد نُقل عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: “خيركم خيركم لأهله”، وهو خطاب عام للرجل والمرأة على حد سواء. الفلسفة أيضاً تحذر من تحويل الشريك إلى وسيلة، فكانط يرى أن التعامل مع الآخر كغاية في ذاته أساس الأخلاق. التلاعب العاطفي يتناقض مع هذه القيم؛ لأنه يجعل الرجل أداة لتحقيق رغبات المرأة، ويهدر كرامته.

كيف يواجه الرجل هذا التلاعب؟

أول خطوة هي الاعتراف بالمشكلة وعدم تبرير سلوك الزوجة بدعوى أنها “مجرد عاطفية”. يجب أن يضع الرجل حدوداً واضحة ويحمي نفسه من الابتزاز العاطفي. الحوار الصريح ضروري، لكن إذا كان الحوار مستحيلاً فربما يحتاج إلى مساعدة متخصص. كما يجدر بالمرأة أن تدرك أن التلاعب طريق قصير الأمد؛ قد تحصل على ما تريد لحظة، لكنها تخسر احترام الرجل إلى الأبد. العلاقة الصحية تقوم على العطاء المتبادل لا على الهيمنة.

مع الأسف، تبالغ بعض الأصوات النسوية في تصوير الرجل كغول متسلط وتبرئ المرأة تماماً، وهذا التشويه لا يخدم أحداً. الحقيقة أن الطرفين قادران على الأذى. لذلك علينا أن نكتب بجرأة عن معاناة الرجل حتى ينعم الجانبان بعلاقة إنسانية متوازنة.

قبل أن تفرض مطالبك أو تحرك حبال مشاعر زوجك، اسألي نفسك: ماذا ستبقى لديك إذا انهارت هذه الحبال؟ هل لديك قيمة تضيفينها لحياته أم أنك مجرد مناور؟ تذكري أن قيمة المرأة ليست فيما تأخذه بل فيما تعطيه، وأن الرجل يستحق الاحترام لا الاستغلال.