أميرة المنزل ومشكلة الدلال الزائد: كيف يفقد الرجل قيمته أمام زوجة مدللة؟
يتناول المقال ظاهرة الدلال المفرط للفتيات وكيف يؤدي إلى تكوين زوجات تركز على الاستحقاق ولا تشارك في أعباء الحياة الزوجية، مما يخلق شعوراً بالظلم لدى الرجل ويهدد العلاقة. يستعرض المقال منظوراً دينياً وفلسفياً ونفسياً للتوازن بين الحقوق والواجبات، و كما يعرض أمثلة واقعية من المجتمع الخليجي لتوضيح الفكرة.يشجع المرأة على إدراك القيمة التي تضيفها للعلاقة.

في ظل المجتمعات الخليجية الحديثة، نشهد ظاهرة متزايدة تتمثل في تربية بعض الفتيات كأميرات في قلاع زجاجية. تتلقى الطفلة منذ نعومة أظفارها كل ما تريد دون مقابل: الألعاب، الملابس، الخدمات المنزلية. تُعفى من الأعمال اليومية، ويتولى والدها وأمها والخادمة تلبية كل احتياجاتها، حتى تصبح تنشئتها قائمة على الافتراض بأن راحتها هي مركز الكون. يتجاوز هذا الدلال المعقول ليخلق شخصية تعتمد على الآخرين وتعتقد أن من حقها الحصول على كل شيء دون أن تقدم في المقابل قيمة حقيقية. حين تكبر هذه الأميرة الصغيرة وتتزوج، تصطدم بحقيقة مختلفة: الزواج مسؤولية مشتركة، يحتاج إلى جهد وتضحية وعطاء متبادل. ولكنها تدخل العلاقة بذهنية المستهلكة لا الشريكة، فتطلب المزيد من الهدايا والرحلات والرفاهية، وتنتقد زوجها إن لم يوفر لها مستوى معيشة يطابق أحلامها الورقية.
هذا الوضع يجعل الرجل يشعر أنه ATM بشري، دوره الوحيد توفير المال وإسعاد زوجته. ومع مرور الوقت، يختنق تحت عبء المطالب المادية والنفسية، ويبدأ في التساؤل: أين القيمة التي تضيفها زوجتي لحياتي؟ هل هي شريكة حقيقية تشاركني الأعباء، أم أميرة مدللة تنتظر الخدمة بلا مقابل؟ يروي علماء النفس أن العلاقات الصحية تقوم على العدالة وتوازن الاستحقاقات، وقد أكدت دراسات متعددة أن الشعور بالإنصاف في تبادل العطاء يزيد من الرضا الزوجي ويقلل من معدلات الطلاق. في المقابل، يشعر الأزواج الذين يعيشون مع شريكات يستمتعن بالاستحقاق العالي بأنهم محاصرون في علاقة غير متوازنة، ما يرفع مستويات التوتر ويؤثر في الصحة النفسية للطرفين.
عندما تصبح الأميرة عبئاً: الثمن الذي يدفعه الزوج
حين تتزوج هذه المرأة المدللة، ربما تستمر في العمل بحكم المتطلبات المعيشية، لكنها ما زالت تتوقع أن يوفر لها زوجها خادمة ومربية ويقوم بكل المهام المنزلية. وعندما تنجب أطفالاً، تغيب عن تربيتهم وتنشغل بمتعتها وصداقاتها، معتبرة أن دور الحضانة والمدارس تتحمل مسؤولية التربية. وفي الوقت نفسه تطالب بحقوق لا حصر لها: مهر مرتفع، هدايا مستمرة، ووقت بلا حدود لإرضاء رغباتها. إنها تستنزف الموارد المعنوية والمادية للزوج، ومع ذلك تشعر بالاستحقاق وترى أنه مقصر إن لم يلبّكل طلباتها.
من المنظور الديني، يؤكد القرآن الكريم على ميزان الحقوق والواجبات: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، أي أن للمرأة حقوقاً كما عليها واجبات. هذا التوازن يضمن استمرار العلاقة واستقرار الأسرة. كذلك يرى علماء الاجتماع أن الحرية بلا مسؤولية تؤدي إلى الأنانية والتهاون في أداء الواجب، بينما تؤدي المشاركة في الأدوار الأسرية إلى بناء شراكة حقيقية تقوم على الاحترام المتبادل. أما الفلاسفة مثل أرسطو فيدعون إلى فضيلة الاعتدال التي توازن بين الإفراط والتفريط، وبين الأخذ والعطاء؛ إذ يقول إن الفضيلة هي الوسط بين رذيلتين. وإذا طبقنا هذا على العلاقات، فإن المرأة التي تعطي كما تأخذ تحقّق الانسجام، بينما المرأة المتطلبة تدفع شريكها إلى الشعور بالنقص والاستياء.
إن المشكلة ليست في طلب المرأة للحب أو الرعاية، بل في انغماسها في ثقافة الاستحقاق التي تجعلها ترى نفسها فوق العطاء. إن الرجال يبحثون عن شريكة تمنحهم دعماً عاطفياً وعملياً، لا عن أميرة مرفهة لا تعرف معنى التضحية. وعندما يختل ميزان العطاء، يظهر التنافر وينشأ صراع صامت يدفع بعض الرجال إلى البحث عن نساء أخريات أكثر وعياً وإدراكاً لقيمة الشراكة. لذلك على كل امرأة أن تسأل نفسها سؤالاً صريحاً: ما القيمة التي أضيفها لزوجي؟ هل أساعده على النجاح وأخفف عنه الأعباء أم أزيد من معاناته؟ الجواب الصادق هو ما يحدد مصير العلاقة.