كيف تحدث الزلازل وتتشكل موجات تسونامي؟

يتساءل العديد من الأطفال عن سبب اهتزاز الأرض وما هو السر وراء الأمواج العاتية المعروفة باسم تسونامي. في هذا المقال نغوص في علم الصفائح التكتونية لنكشف كيف أن قشرة الأرض ليست كتلة صلبة بل مجموعة من ألواح ضخمة تتحرك ببطء وتخزن طاقة هائلة لا نشعر بها حتى تتحرر فجأة في شكل زلازل. نستعرض كيف يؤدي وقوع زلزال تحت البحر إلى إزاحة كميات هائلة من الماء وتكوين موجات تسونامي تسافر عبر المحيط بسرعات كبيرة وتصل إلى الشواطئ على شكل جدران مائية ضخمة. كما نقدم نصائح حول كيفية حماية النفس وفهم هذه الظواهر الطبيعية من خلال العلم والمعرفة.

كيف تحدث الزلازل وتتشكل موجات تسونامي؟
مقال يشرح أسباب الزلازل وتشكّل موجات تسونامي بطريقة علمية شيقة للأطفال العالم الصغير


لطالما تساءل الأطفال وهم يشاهدون أفلام الزلازل أو يسمعون عن موجات تسونامي العملاقة: ما الذي يجعل الأرض الصلبة تهتز وكأنها كائن حي يتنفس؟ ولماذا تندفع أمواج بحرية تتجاوز الأبراج والجُدران لتغمر مدنًا بأكملها؟ هذه الأسئلة ليست مجرد خيالات، بل هي بوابة لفهم عالم ديناميكي يعيش تحت أقدامنا وبين أمواج المحيطات.

الصفائح التكتونية وأسباب الزلازل

تخيل قشرة الأرض على أنها أحجية مكوّنة من قطع ضخمة تسمى الصفائح التكتونية. هذه الصفائح تطفو على طبقة لزجة من الصخور المنصهرة في باطن الأرض وتتحرك ببطء شديد، لا نشعر به في حياتنا اليومية. ولكن عندما تتزاحم أو تتصادم أو تنفصل هذه الصفائح، تتراكم الطاقة في الصخور على طول الحدود بينها. وعندما لا تستطيع الصخور تحمل الضغط، تنكسر فجأة وتطلق تلك الطاقة على شكل موجات زلزالية تتجه إلى السطح. يشعر الناس بهذه الموجات كاهتزازات أو صدمات متتابعة. هناك أنواع مختلفة من الحدود التكتونية: فهناك حدود متقاربة حيث تصطدم الصفائح وتندفع إحداها تحت الأخرى، وحدود متباعدة حيث تنفصل الصفائح وتسمح للمادة المنصهرة بالاندفاع إلى السطح، وحدود انزلاقية حيث تنزلق الصفائح بجوار بعضها البعض مثل راقصين يتبادلان الأدوار. يعتمد نوع الزلزال وشدته على طبيعة هذه الحركة.

يستخدم العلماء أجهزة حساسة تُعرف بالسيزموجراف لقياس الاهتزازات من مسافات بعيدة. تسجل هذه الأجهزة الذبذبات الصغيرة وتحولها إلى رسومات تساعد الباحثين على تحديد مصدر الزلزال وقوته. يقاس حجم الزلزال عادة بمقياس ريختر أو بمقاييس أخرى للحظة الزلزالية، ويتراوح من اهتزازات صغيرة لا يشعر بها الإنسان إلى كوارث طبيعية قد تغير تضاريس الأرض. كلما فهمنا حركة الصفائح وخصائص الصخور التي تشكلها، استطعنا التنبؤ بنطاق الزلزال واتخاذ إجراءات لحماية الأرواح.

كيف تتشكل موجات تسونامي ومخاطرها

ليست كل الزلازل متشابهة في تأثيرها؛ فالزلازل التي تقع تحت قاع البحر أو قرب السواحل يمكن أن تسبب تغيرًا هائلاً في حجم الماء فوقها. عند حدوث زلزال قوي تحت البحر، قد يرتفع جزء من القاع أو ينخفض فجأة، مما يدفع كميات ضخمة من الماء إلى الأعلى. هذا التغيير المفاجئ يخلق موجات طويلة تسمى موجات تسونامي تتحرك بسرعة كبيرة تصل إلى مئات الكيلومترات في الساعة عبر المحيط المفتوح. في عرض البحر، قد لا يتجاوز ارتفاعها بضعة سنتيمترات، لكن عندما تقترب من اليابسة وتقل عمق المياه، تتباطأ الموجة وترتفع إلى جدار مائي قد يمتد لعشرات الأمتار.

التسونامي ليس نتيجة للزلازل فحسب؛ فقد تتسبب الانهيارات الأرضية الكبيرة تحت الماء، أو الانفجارات البركانية، أو حتى اصطدام الأجرام السماوية بالأرض في إحداث موجات مماثلة. رغم ضخامتها، إلا أن العلم والتكنولوجيا اليوم تساعدان على رصد هذه الأمواج قبل وصولها إلى الشواطئ. تستخدم شبكات من الحساسات العائمة وأجهزة قياس الضغط في أعماق البحار لرصد ارتفاع سطح البحر، وترسل إشارات مبكرة إلى مراكز الإنذار. عند سماع تحذيرات التسونامي، يجب على السكان القريبين من الساحل الانتقال فورًا إلى مناطق مرتفعة دون تأخير، لأن عامل الوقت يكون حاسمًا.

فهم قوة الأرض وأمواج البحر يساعدنا على إدراك أننا نعيش على كوكب نابض بالحركة، وأن ما يبدو ثابتًا قد يتغير في لحظة. المعرفة بالظواهر الطبيعية لا تعني الخوف منها، بل تمنحنا القدرة على الاستعداد والتصرف بحكمة. وعندما يتوجه الأطفال بأسئلتهم الفضولية عن العالم من حولهم، فإن شرح هذه الحقائق بأسلوب قصصي شيق يغرس فيهم احترام الطبيعة ورغبة في التعلم المستمر. في النهاية، تبقى الأرض معلمًا عظيمًا لمن ينصت إلى صرخاتها الهادئة ويتعلم من إشاراتها.