السلامة المنزلية بين الواقع والمأمول

السلامة المنزلية هي إحدى القضايا التي تعاني منها الكثير من المجتمعات في العالم، وبخاصة العالم العربي، حيث يتم أحيانا استخدام مواد خطرة بدون مراعاة معايير الأمان الواجبة أو استخدام الأدوات المنزلية بصورة خاطئة أو اندلاع الحرائق المنزلية نتيجة إهمال من أصحاب المنزل أو غيرها من الأسباب التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى وقوع حوادث وإصابات قد يؤدي بعضها إلى خسائر بشرية أو مادية جسيمة، وبخاصة مع وجود الأطفال.

السلامة المنزلية بين الواقع والمأمول


السلامة المنزلية هي إحدى القضايا التي تعاني منها الكثير من المجتمعات في العالم، وبخاصة العالم العربي، حيث يتم أحيانا استخدام مواد خطرة بدون مراعاة معايير الأمان الواجبة أو استخدام الأدوات المنزلية بصورة خاطئة أو اندلاع الحرائق المنزلية نتيجة إهمال من أصحاب المنزل أو غيرها من الأسباب التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى وقوع حوادث وإصابات قد يؤدي بعضها إلى خسائر بشرية أو مادية جسيمة، وبخاصة مع وجود الأطفال.

وتعتبر الحرائق هي أكثر المخاطر التي تحدث داخل البيوت لأسباب عديدة أهمها تحميل الأسلاك الكهربائية فوق طاقتها وعدم توفر وسائل السلامة اللازمة عند اندلاع الحرائق البسيطة في مكان معين داخل المنزل مما يؤدي إلى سرعة اشتعالها وانتشارها في جميع أنحاء المنزل والمبنى بأكمله. لذا فإنه يوصى بضرورة توفير طفاية حريق يدوية متعددة الاستخدام (بودرة) ووضعها في مكان بارز بعيداً عن متناول الأطفال وعمل صيانة دورية لها، وتركيب أجهزة كشف الدخان في غرف النوم والممرات، والاهتمام بسلامة التوصيلات الكهربائية وتخصيص توصيلة واحدة لكل جهاز ما أمكن ذلك واستخدام الأدوات الكهربائية ذات الجودة العالية، ومراجعة توصيلات الغاز مع ابعاد مصادر اللهب عن المواد القابلة للاشتعال والتأكد من إغلاق صمام أسطوانة الغاز قبل النوم أو عند الخروج من المنزل.

ومن المخاطر الشائعة أيضا داخل المنازل وجود العديد من المواد الكيماوية الخطرة على صحة الانسان مثل المنظفات والمطهرات والمبيدات وزيوت الطبخ وغيرها. ومع التسليم بضرورة وجود هذه المواد داخل المنزل إلا أنه يجب أخذ جميع الاحتياطات وتطبيق إجراءات السلامة لتجنب المخاطر الناجمة عن استخدامها ومن أهم هذه الإجراءات عدم ترك الزيت على موقد الغاز بدون رقابة وفي حالة اشتعاله يجب تماما عدم اطفائه بالماء لأنه يساعد على زيادة اشتعاله ولكن يتم تغطيته بوعاء أكبر منه أو باستخدام قطعة قماش مبللة وذلك لحجب الهواء، عدم رش المبيدات الحشرية في وجود الأفراد داخل المنزل تجنباً لعملية استنشاقها وكذلك اخلاء المنزل من جميع ساكنيه في حال اجراء صيانة لدهانات الحوائط أو الأثاث، وعدم تخزين الأطعمة في أوعية كانت معبأة بمواد كيميائية من قبل، وإبعاد مواد التنظيف والمواد الكيميائية الأخرى عن متناول الأطفال، وتعتبر التهوية الجيدة أحد أهم عوامل الوقاية من المخاطر الكيميائية داخل المنازل.

ونظراً للحركة المفرطة للأطفال في كل أركان المنزل وصعوبة فرض سيطرة أو مراقبة تحركاتهم طوال الوقت فإنه يجب الأخذ بكل إجراءات الحيطة والحذر واتباع جميع معايير السلامة المنزلية لتجنب إصابة الأطفال بأي نوع من الأذى، ومن أهم هذه الإجراءات إبعاد السكاكين والأدوات الحادة عن متناول الأطفال، وتغطية مقابس الكهرباء، عدم ترك الأطفال بمفردهم في أماكن تجمع المياه مثل البانيو أو المسبح دون مراقبة من الكبار تجنباً للغرق المفاجئ، والتأكد تغطية الأرض أو تجفيفها تجنباً للانزلاق.

ويبرز دور المرأة على وجه الخصوص في تعزيز مبادئ ومتطلبات السلامة المنزلية لأن المرأة بطبيعتها تميل إلى الحرص والاهتمام بأفراد أسرتها باعتبارها المسئولة عن المنزل في المقام الأول، لذا فإن زيادة الوعي لدى المرأة وتثقيفها وحصولها على قسط وافر من التعليم سوف يسهم بشكل كبير في إدراكها لأهمية السلامة المنزلية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالوقاية من الحوادث المنزلية. وقد أظهرت نتائج بعض الدراسات المتعلقة باستطلاع أراء ربات البيوت حول وسائل السلامة ومعوقات تطبيقها أن حوالي 46 % من ربات المنازل غير مهتمات بتوفير وسائل السلامة في المنازل، وأن 34 % منهن لا يعرفن الإجراءات الواجب اتباعها عند وقوع أي حوادث في المنزل، إلى جانب وجود رغبة 71% منهن في التدريب على هذه الوسائل. ونظرا لصعوبة التواصل المباشر مع جميع ربات المنازل ، فإن التوعية بمبادئ ومتطلبات السلامة المنزلية يجب أن يتم من خلال تكاتف جميع المؤسسات المعنية وفي مقدمتها المؤسسة التعليمية والإعلامية من خلال برامج ومشاريع قومية مستمرة تضمن التواصل الجيد بين الأسرة والمدرسة والجامعة وغرس قيم السلامة في نفوس الطلاب وحثهم على المساهمة في تحقيق أهدافها ، وتعظيم الدور الذي يمكن أن يؤديه الإعلام بمختلف وسائله في نشر التوعية بين فئات المجتمع من خلال برامج توعوية متميزة قائمة على أسس علمية تراعي اختلاف المستويات ودرجات الوعي بين أفراده.

وتعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة التي أولت اهتماماً كبيراً بتعزيز الصحة في كل مجالاتها، وبخاصة الصحة العامة، واعطاء أولوية قصوى لهذا الموضوع في جميع السياسات والتوجهات والقرارات الصادرة عن المسؤولين في المملكة – وفي مقدمتها رؤية المملكة 2030 – ووجود العديد من الهيئات والأبحاث والدراسات المختصة بهذا الموضوع، مما يجعل التنسيق بينها سهلا ومثمرا وفعالا في إحداث تغيير حقيقي في سلوك قاطني المملكة إزاء مبادئ ومتطلبات السلامة المنزلية.

 

بقلم: 

د. محمود فتحي الشرقاوي

أستاذ الصحة والسلامة المهنية – قسم صحة البيئة – كلية الصحة العامة

جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل