سلوك المستهلك من منافذ البيع نافذ للبحوث الصحية والسلوكية والشراكة مع المجتمع في صناعة المعلومة

مشاركة المجتمع في صناعة المعلومة واتخاذ القرار ليست رفاهية بل حاجة ملحة لكي ننتقل لمستوى جديد من الريادة العالمية في البحث العلمي واتخاذ القرار المبني على البراهين.

سلوك المستهلك من منافذ البيع نافذ للبحوث الصحية والسلوكية والشراكة مع المجتمع في صناعة المعلومة


خلال العامين 2018-2019 قمنا بتنفيذ العديد من حملات دراسة سلوك المستهلك في منافذ البيع وتم نشر نتائج أحد هذه الحملات في المجلة العالمية للغذاء والصحة. هذا النوع من الدراسات يفتح أفاق ضخمة للباحثين في مجال الصحة العامة والعلوم السلوكية لفهم سلوكيات المجتمع وكيف يمكن تحسينها لأسلوب حياة صحي ومساعدة متخذي القرار لاتخاذ قرارات علمية بحته بعيداً عن مبدأ الاجبار وفرض القوانين أو السياسات أو التدخلات التي قد يكون عائدها سلبي وعكسي على المجتمع. فكما أقول دائما سلوك المستهلك في منافذ البيع أدق من أي بيانات يمكن لنا جمعها وأقرب للواقع من أي تصور أو فرضيات يمكن أن نضعها ونحن في غرف الاجتماعات المغلقة.

 

من ناحية اخرى، كثير من الدارسات في مجال فهم المتسوق واحتياجاته تقوم بها شركات الاغذية في العديد من الدول لجذب المستهلك ولزيادة الاقبال على منتجاتهم والحفاظ على ولائهم. هذه الابحاث التخصصية تتطلب القرب من المستهلك ولا تقوم على أبحاث أكاديمية أو أبحاث سوق سطحية بأي شكل من الاشكال حيث يعتمد أغلبها على منهجيات التجارب العلمية أو مبدأ (الندج - Nudge). وتكون النتائج كارثية أو بلا فائدة.  المثير للقلق هو عندما تستعين الشركات الاغذية المحلية بشركات استشارية أجنبيه أو مراكز أبحاث محلية او اكاديمية لتقوم بهذه الابحاث بدون وجود خبرات كافية بالجانب الاجتماعي والاقتصادي للفئة المستهدفة أو خبرات عملية في مجال تنفيذ الأبحاث الميدانية. في حقيقة الامر، هذه الابحاث تحتاج الى اشخاص ملمين علمياً بكيفية جمع البيانات وماهي البيانات التي تحدد اختيار مستهلك لمنتج عن منتج اخر على سبيل المثال. لذلك تتطلب باحثين لا يطبقون المنهجيات الخارجية أو المكتوبة بحذافيرها دون الاخذ بعين الاعتبار راي المستهلك المحلي، تطلعاته، اراءه وحتى معرفته ودرايته. نحن نحتاج الى أبحاث بمنهجيات علمية وجودة عالية يشارك فيها المجتمع وتعبر عن احتياجاته لأنه هو صاحب القرار والتغير الحقيقي. هذه الدراسات تحتاج الى منهجيات ابداعية ومرنه وغير مألوفة مع المحافظة على اساسيات المنهجية العلمية والتي لا يمكن ايجادها لدى الشركات الاستشارية الخارجية أو المراكز الأكاديمية التي تطبق منهجيات ثابتة وغير مرنه لا تلبي حاجه المستهلك أو التغيرات الثقافية والبيئية بين المستهلكين في مناطق مختلفة. عند الاخذ بالمنهجيات الشائعة التي غالبا تستخدم في غير محلها كاعتبار أن العينة يجب أن تجمع بناء على التوزيع السكاني بدلا من القوة الإحصائية المطلوبة في السؤال المراد الإجابة عليه فينتهي بك المطاف إلى عينة غير قادرة على الإجابة إحصائيا على السؤال الرئيسي واختيار تحليل احصائي خاطئ.

 

لذلك نحتاج الى التداخلات السلوكية المبنية على دراسات علمية ذات جودة عالية ومنهجية واضحة ومفهومة قابلة نتائجها للتكرار حتى نصنع التغير الذي نرغب به. وحتى نصنع دراسات لها تأثير ايجابي يتبناها المجتمع، يجب اشراك المجتمع في الدراسات واختيار أولوياتها وأن يكون له يد في صنع القرارات ووضع السياسات التي يقرها صناع القرار. 

 فعلى سبيل المثال لا الحصر، عملنا في جمعية شارك للأبحاث لمدة خمس سنوات على تطوير نموذج مشاركة المجتمع في الابحاث الى ان وصلنا لمرحلة من النضج في فهم خطوات ومراحل مشاركة المجتمع في الابحاث التي لخصناها في النموذج. 

 

نطمح في هذا النموذج إلى الوصول إلى المبادرات البحثية والتي تتمثل بتمكين المجتمع ومبادرته في تحديد الاولويات البحثية وحلها بطرق علميه مبنيه على بيانات حقيقة تعكس حاجه ورغبه المجتمع في صناعة المعلومة بناء على احتياجاته الحقيقية. ساعدنا هذا النموذج أن نبني علاقة وطيدة وموثوقية عالية بين شارك والمجتمع لإنتاج واخراج الابحاث العلمية وصناعة المعلومة التي تساعد المسؤولين في اتخاذ قرارات على اسس علمية ورفع جودة الابحاث في المملكة لمستويات علمية وعملية متقدمة بين دول العالم بحيث نصبح مصدرين للمنهجيات العلمية المبتكرة بدلا من استيرادها ومحاولة تطبيقا على واقعنا الذي قد لا ينسجم معها.