التنبؤ بنتائج البحث العلمي عبر رأي الخبراء ودورها في دعم اتخاذ القرار

التنبؤ بنتائج البحث العلمي عبر رأي الخبراء ودورها في دعم اتخاذ القرار

نقوم بتوجيه الكثير من الأسئلة عن أهم النصائح في حياتنا الشخصية أو المهنية للخبراء والمستشارين. فعلى سبيل المثال، تقوم الشركات بالاستعانة بالخبراء والمستشارين الاقتصاديين عن كيفية تحفيز موظفيهم، كذلك تتسأل الحكومات عن تأثير السياسات المفروضة على شعوبها واقتصادها. ولإعطاء الرأي، يفضل الخبراء أن يكون لديهم تصور عن النتائج المحتملة، لكن هذا لا يعني أن تكون لديهم دائما أدلة تجريبية ذات صلة بالموضوع. ولكن بشكل عام، جمع الآراء وتنبؤات الخبراء حول نتائج الأبحاث قد تكون أداة جديدة ذات قوة كبيرة تساعد العلماء والباحثين وتطور قدراتهم وتصوراتهم البحثية المستقبلية عن البحث العلمي.

في العقود القليلة الماضية، تحسنت دقة العلوم الاكاديمية ولاسيما العلوم الاجتماعية بشكل كبير جداً.  ومع ذلك، فأن رئيس مجلة Scientist "الين فينكل" قال انه لا يزال هناك الكثير على عاتق العلماء والباحثين للتقليل " من نتائج العلوم السيئة" وتحسين الصورة النمطية عن البحث العلمي. وقد أوصى ببعض التغيرات على طريقة عمل البحوث وقياسها وتمويلها. كذلك زيادة عمل الأبحاث العشوائية المحكمة والتي يطلق عليها Randomized Controlled Trial (RCT)  و تسجيل الدراسات قبل بدء تنفيذها pre-register studies حتى يتم تجنب التحيز العلمي الذي يتم الابلاغ عنه في نتائج هذه الدراسات. لذلك تنبؤات الخبرات وتصوراتهم المستقبلية على الأبحاث العلمية ونتائجها تعتبر أداة جديدة تدعم قوة البحث العلمي.

لماذا التنبؤ؟

الطريقة التي نفسر فيها نتائج البحث العلمي تعتمد على قناعاتنا وايماننا. فعلى سبيل المثال، لو أن أحد الدراسات ادعت وأظهرت أن التدخين مفيد للصحة، فقد تجدنا مشككين في نتائج هذه الدراسة. لذلك نجد أن الدراسات التي تفاجأ الخبراء والمستشارين، والتي قد تكون بالحقيقة مفيدة، يمكن أن تشير ان هناك خطأ ما في تصميم الدراسة او الطريقة التي جمعت فيها البيانات. اما إذا كانت الدراسة قد صممت بطريقة محكمة وعملت عليها العديد من التجارب والتكرارات للحصول على نفس النتيجة، فمن الممكن أن تغير هذه النتيجة فهمنا لكيفية عمل العلوم والعالم بشكل جذري. ومع ذلك، من النادر جداً ان يقوم الباحثين حالياً بجمع البيانات حول الأبحاث التي من شأنها ان تقارن ما بين ما تم الاعتقاد به مسبقاً وما تم إثباته حالياً مما يجعل من الصعب تفسير النتائج الحالية واهميتها. كما ان النشر الأكاديمي يعاني من التحيز ضد نشر النتائج الغير مهمة او الغير مكتملة. حينما نقوم بجمع تنبؤات الخبراء عن نتائج الأبحاث العلمية والتي تساعد في محاربة التحيز قد يجعل ذلك بجعل النتائج الغير مكتملة أو السلبية أكثر أهمية لأنها تقود الى الحكمة في الاستفادة من هذه البيانات.

تغير الآراء والقرارات

بالإضافة الى التحسين المباشر في تفسير نتائج هذه الأبحاث، جمع اراء الخبراء يمكن ان يغير فهم الناس وآرائهم حول قضية معينة. فعلى سبيل المثال، قام مجموعة من الباحثين بجمع اراء عدد من متخذي القرار بهدف دراسة تأثير نتائج الدراسات الاكاديمية على آرائهم وقناعاتهم، ووجدوا بشكل عام، ان متخذي القرار أكثر تقبلا للأخبار والنتائج الإيجابية وتجاهلاً للنتائج المريبة والغير واضحة ورافضين للنتائج السلبية. كذلك من شأن هذه التنبؤات ان تعطينا تصور واضح حول الدراسات المحتملة والمستقبلية والتي من شأنها ان تحسن من القرارات التي يتخذها أصحاب القرار. فعلى سبيل المثال، لنفترض أن فريق بحثي يجب أن يختار واحدًا من عشرة تدخلات لدراستها. بالنسبة لبعض التدخلات، نحن على يقين مما ستعثر عليه الدراسة، ومن غير المرجح أن تغير دراسة جديدة آراءنا. اما بالنسبة للتدخلات الاخرى، نحن أقل ثقة، لكن من غير المرجح أن تكون أحد أفضل التداخلات. لكن إذا ما تم جمع هذه الآراء مسبقاً، فأنه من الممكن اخبارنا بأفضل التداخلات التي يجب دراستها والتي لها تأثير اكثر على متخذي القرارات.

التحقق من صحة الآراء

على المدى الطويل، اذا ما قام خبير بأثبات آرائه بشكل دقيق نوعا ما، فأنه يمكنه تقديم المساعدة لمتخذي القرار لدراسات كان من الصعب اجرائها. فعلى سبيل المثال، قام كلا من Stefano DellaVigna   و   Devin Pope بجمع اراء الخبراء حول الجهود التي يبذلها الموظفين لإنجاز مهمة معينه. فكما هو واضح في الرسم البياني أدناه ان هناك بعض الارتباطات طردي بين التوقعات والآراء التي قاموا بجمعها ونتائج الدراسات التي وجودها. ومن ذلك يمكننا أيضا أن نستنتج ماهي المواضيع التي يمكن أن نعتمد على رأي الخبراء وتنبؤاتهم فيها بناء على مقارنتها بنتائج الدراسات والاستفادة من ذلك في عملية اتخاذ القرار. وأخيرا، لتحقيق اقصى استفادة من التنبؤات في نتائج الأبحاث العلمية، يجب ان يتم جمعها بشكل علمي صحيح ومنهجية ثابته وعالية الدقة ومقارنتها بنتائج الدراسات والأبحاث العلمية بشكل مستمر.