هل التطور في المستوى التعليمي يزيد من نسبة الإصابة بمرض الزهايمر؟
هناك فرضية انتشرت بكثرة بين افراد المجتمع ملخصها "أن التطور في المستوى التعليمي قد يكون من اقوى العوامل المسببة لمرض الزهايمر على الأمد البعيد". في هذا المقال تم اعتماد احد نماذج تعلم الآلة لدراسة هذه الفرضية.
يعتبر مرض الزهايمير أحد أمراض تكلس الدماغ ( Brain Calcification ) و يعرف بأنه اضطراب تدريجي في خلايا الدماغ و الذي يمكن أن يأثر مع مرور الوقت على السلوك الاجتماعي البشري ويعتبر من اولى مراحل مرض الخرف وعندها تتضرر الوظائف الادراكية (القدرة على التفكير) والعقلية (الوظائف العاطفية والسلوكية) بالاضافة الى انه يمس بشكل تدريجي بالذاكرة، بالالمام من حيث الزمان والمكان، وبالقدرة على تشخيص الأشخاص والأشياء.
و يعزى السبب الرئيسي خلف معظم أمراض تكلس الدماغ الى انواع من الطفرات الجينية [1] و التي تؤثر في تكوين البروتينات مثل P-tau في حالة مرض الزهايمر و يؤدي التغير في تكوين البروتينات الى ترسيب غير طبيعي للكالسيوم بين الخلايا و موت خلايا الدماغ بشكل تدريجي.
قبل أن ابدأ أود الإشارة الى فليم الدراما الأمريكي "Still Alice" الذي تم انتاجه في عام 2014 [2] عن رواية بنفس الاسم [3] و الذي حصل في نفس العام على جائزة "Golden Globe". يحكي الفيلم قصة "Alice" أستاذة علم اللسانيات بجامعة كولومبيا الأمريكية و التي تبدأ بنسيان بعض الأحداث في حياتها شيئا فشيئا و يبدأ الأمر بالتفاقم فتذهب الى الطبيب للإطمئنان عن حالتها الصحية ولكن يتم تشخيصها بمرض الزهايمر فتبدأ بتغير نظام حياتها وتتشبث بكل لحظة من حياتها لتعيشها كما يجب.
استنادا على قصة الفليم قد تطرأ علينا مجموعة من الاسئلة :
- ماهي العوامل التي تزيد من احتمالية الاصابة؟
- هل هناك ارتباط مابين التطور في المستوى التعليمي و احتماية الاصابة بالمرض؟
- كيف يمكن ان نقيس مدى الارتباط بين العوامل المختلفة لمرض الزهايمر؟
لكي نستطيع الاجابة على هذه الاسئلة سنناقش بداية تاريخ الزهايمر. سجلت أول حالة للزهايمر في عام 1907 لسيدة في عمر 51 من خلال طبيب الأعصاب الألماني "ألويس الزهايمر" و قد تمت تسميت المرض نسبة لإسمه " الزهايمر". اعتمادا على تصريح منظمة الصحة العالمية حول مرض الزهايمر[4] لعام 2018 فإن مايقارب خمسين مليون شخص حول العالم مصاب بمرض الزهايمر و من المتوقع أن يتضاعف العدد بحلول عام 2050. كما أن هناك العديد من الدراسات السريرية أ ثبتت أن أعراض المرض عادة يمكن اكتشافها بعد سن الستين ; إلا أن باحثين آخرين يعتقدون أن بعض أشكال مرض الزهايمر يمكن أن تظهر بشكل كبير مبكرًا في سن الثلاثين إلى الخمسين و في بعض الحالات يصعب التنبؤ بها حتى وقت متأخرجدا.
كما يمكن تصنيف عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الاصابة بمرض الزهايمر الى نوعين : عوامل متغيرة و غير متغيرة . تعرف العوامل المتغيرة بأنها تلك العوامل التي يمكن التحكم بها بطريقة أو بأخرى مثل : البيئة, التعليم, و نمط الحياة; أما العوامل الغير متغيرة فهي تلك العوامل التي لا يمكن التحكم بها مثل : العمر, الوراثة و الجينات, والجنس. لذلك يعتبر الزهايمر من أحد الأمراض التي يصعب تشخيصها و التعامل معها و ذلك لتنوع العوامل التي يعتمد عليها المرض وهذا يحتم أن يتم الأخذ بالإعتبارالعوامل المتغيرة و الغير متغيرة في آن واحد.
اعتمادا على بحث سابق جمع بين تقنيات تعلم الالة و عوامل الخطر لمرض الزهايمراستخدام قاعدة بيانات عامة لمجموعة من مرضى الزهايمر في عدة مراحل من المرض بحيث تتضمن البيانات معلومات عن بيئة المرضى, عامل الوراثة, مستوى التعليم, العمر, و الجنس لكل مريض. قدم البحث مقارنة بين تأثير عاملين خطر على مرضى الزهايمر و كان الهدف اكتشاف العامل الأكثر تأثيرا مابين هذه العوامل و قد كان احد العاملين المستوى التعليمي كاعامل متغير و عامل العمركأحد العوامل الغير متغيرة. يوضح الشكل التالي التباين في البيانات المسجلة و التي تم اعتمادها خلال البحث بحيث يظهرفي الرسم البياني (Age) تفاوت في اعمار المرضى كما يتضح من الرسم (Group) ان البيانات المسجلة كانت لمرضى تتفاوت حالتهم مابين ثلاث مراحل, اما الرسم البياني الأخير(EDUCاختصار Education) يوضح التباين في المستوى التعليمي للمرضى.
بااعتبار ان اغلب البيانات التي تم التعامل معها خلال البحث اعداد صحيحية ( سنوات التعليم و العمر أما مرحلة المرض فقد تم تحويلها أثناء البحث الى قيم مابين 1 الى 3) قد تم استخدام احد نماذج تعلم الآلة المناسبة للتعامل مع البيانات العددية و قد كان الاختيار على نموذج الانحدار الخطي (Linear Regrission). نموذج الانحدار الخطي هو نموذج احصائي لتعلم الآلة و يستخدم لدراسة العلاقة الخطية بين عامل الهدف و عامل التنبئ ويعرف بالمعادلة الخطية التالية :
Y=mX+b
بحيث أن m تمثل قيمة الانحدار الخطي , b تمثل التقاطع بين المتغيرات (العوامل), Y يمثل عامل التنبئ , أما X هو العامل الهدف. خلال البحث تم تطبيق نموذجين للانحدار الخطي و المقارنة بينهم. النموذج الاول كان يدرس العلاقة مابين المستوى التعليمي (الهدف) و التطور في المرض( التنبئ) ( ممثل في الرسم البياني A). أما النموذج الثاني يدرس العلاقة بين العمر (الهدف) و التطور في المرض ( التنبئ) ( ممثل في الرسم البياني B).
عند المقارنة مابين النموذج الأول A و الثاني B فإننا نجد أن النوذج A يمثل علاقة خطية, ثابتة نوعا ما , قريبة من أن تكون سلبية بين حالة المريض و المستوى التعليمي; في المقابل فإن النموذج B يمثل ايضا علاقة خطية, قوية جدا, و ايجابية بين حالة المريض و العمر. بذلك و استنادا على نتائج البحث يعتبر عمر المريض عامل مؤثرعلى نسبة الاصابة بمرض الزهايمر خاصة عند اجتماع عوامل اخرى مثل عامل الوراثة. لكن التطور في المستوى التعليمي قد لا يعتبر من أشد العوامل تأثيرا على زيادة احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر و تطورحالة المريض الى الخرف (Demintia ) الا لو اجتمعت عوامل اقوى مثل العمر, الوراثة, و غيرها.
المصدر :
IJCSNS - International Journal of Computer Science and Network Security