عوامل الخطورة الغير صحية التي تساهم في تفشي السمنة شعوب العالم

مع اختلاف الثقافات الغذائية في الكثير من البلدان، الا انهم يتشاركون في نفس المخاطر الغذائية و التي تسلك نفس اتجاهات السمنة. في هذه المقالة، سوف نتعرف على الصلة بين الجوانب المختلفة للعولمة (التجارة، التكنولوجيا و الحضارات الثقافية) والتغيرات العالمية في أنماط الصحة والغذاء.

عوامل الخطورة الغير صحية التي تساهم في تفشي السمنة شعوب العالم


ارتفعت معدلات السمنة حول العالم مما دفع منظمة الصحة العالمية (WHO) لتوصية بفرض الضرائب الاضافية على المشروبات المحلاة بالسكر وحث الدول على تطبيقها.

مع اختلاف الثقافات الغذائية في الكثير من البلدان، الا انهم يتشاركون في نفس المخاطر الغذائية و التي تسلك نفس اتجاهات السمنة. في هذه المقالة، سوف نتعرف على الصلة بين الجوانب المختلفة للعولمة (التجارة، التكنولوجيا و الحضارات الثقافية) والتغيرات العالمية في أنماط الصحة والغذاء.

أشارت دراسة عالمية حديثة في جميع مختلف العالم، ارتفاع في نسبة البالغين الذين يعانون من زيادة بالوزن أو السمنة من 29٪ سنة 1980 إلى 37٪ سنة 2013. حتى الآن، الأشخاص في البلدان المتقدمة يعانون من زيادة الوزن أكثر من الدول النامية. تجاوزت نسبة السمنة بين النساء 50%  سنة 2013 في الكويت، قطر، ليبيا، تونغا، ولايات ميكرونيزيا، كيريباس وساموا.

 حددت منظمة الصحة العالمية نماذج التغذية غير الصحية، إلى جانب زيادة الخمول البدني وذلك باعتبارها المحركات الأساسية لارتفاع معدلات السمنة في أنحاء العالم. الأغذية الغنية بالسكر، المنتجات الحيوانية والدهون عوامل خطر مهمة للأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، السكري وأنواع مختلفة من السرطان.

 يتسبب مرض القلب والأوعية الدموية بقتل 17.5 مليون شخص سنة 2012، مما جعله السبب الأول للوفاة في العالم. ثلاثة أرباع الوفيات حدثت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. صنفت منظمة الصحة العالمية الأمراض المزمنة المرتبطة بالأغذية على أنها تهديد متزايد حول العالم وعلى قدم المساواة مع الاهتمامات التقليدية للصحة العامة مثل نقص المواد الغذائية والأمراض المزمنة.  

العالم الغربي أول من شهد مكاسب كبيرة في زيادة وزن سكانها، وفي القرن الحادي والعشرين شهد انتشار هذه الظاهرة حول العالم. يصف البروفيسور باري بوبكين من جامعة نورث كارولينا هذا التحول ب "انتقال التغذية
" "nutrition transition" الذي أصبحت فيه النظم الغذائية أقل سيطرة على المواد الغذائية النشوية، الفواكه، الخضروات، السكر والأطعمة المصنعة. يقول البروفيسور إن المراحل المختلفة من "انتقال التغذية" مرتبط بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية مثل مستوى التصنيع ودور المرأة العاملة وتوافر تقنيات تحويل الغذاء.

عامل اللحوم
ارتفاع النسبة المئوية للسكان الذين يعانون من زيادة الوزن والتغيرات في أنماط النظام الغذائي يتزامن على نطاق واسع مع العولمة. بلا شك، العولمة أثرت على حياة الناس. بطريقة مختلفة، ولكن هل تسببت في تحول في التغذية؟
تم تحليل تأثير العولمة على الأنماط الغذائية المتغيرة وانتشار زيادة الوزن وذلك باستخدام بيانات من 70 دولة ذات دخل متوسط ومرتفع عام 1970 حتى 2011. العولمة دفعت الناس إلى استهلاك المزيد من منتجات اللحوم. المثير للاهتمام بأن الأبعاد الاجتماعية للعولمة مسؤولة عن هذا التأثير وعن التجارة أو الجوانب الاقتصادية الأخرى للعولمة. بينما ظهرت الدراسة أن العولمة تؤثر على النظم الغذائية، لم نتكمن من ربط العلاقة بين العولمة وزيارة وزن الجسم. أحد التفسيرات قد تكون أننا تحققنا في السؤال من منظور (bird ’s- eye perspective) دون مراعاة الظروف المحددة للبلدان. بناء على ذلك، في متوسط جميع أنحاء العالم، لا يبدوا أن العولمة هي الدافع الأساسي وراء زيادة السمنة، بل قد تلعب دورا في بعض البلدان.

تأثير الأغذية المصنعة.
هناك عوامل أخرى مسؤولة عن الانتشار المتزايد للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن حول العالم. وهو أن زيادة استهلاك الأطعمة المصنعة مرتبطة بارتفاع مستويات الوزن.


أظهرت دراسة بالولايات المتحدة أن الأمريكيين يستمدون ثلاثة أرباع طاقتهم من الأطعمة المصنعة، والتي تحتوي على مستويات أعلى من السكر، الدهون المشبعة والصوديوم مقارنةً بالأطعمة الطازجة.
الطلب المتزايد للأطعمة المصنعة يرتبط بالتوسع السريع لصناعة التجزئة. التكنولوجيا اللوجستية الحديثة تساعد التجار على تركيز عملية الشراء والمخزون، مما يخفض التكاليف ويسمح بالتسعير التنافسي للغاية. بعد تشبع الأسواق الغربية، بدأت سلاسل المتاجر الكبرى في الانتشار إلى البلدان النامية التي تتمتع بآفاق نمو أكبر. شهدت أمريكا اللاتينية ووسط أوروبا وجنوب أفريقيا انتشارا لمتاجر البقالة في التسعينيات. وفتح التجار بعد ذلك في آسيا ويدخلون الآن الأسواق في دول إفريقية. أحد الجوانب المثيرة للاهتمام، ولكن لم يتم استكشافه كثيرا في مناقشة الأطعمة المصنعة هو دور الشركات العالمية في تقديم "نظام غذائي غربي" غير صحي، مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية. تعد الشركات العالمية واحدة من الشركات الرائدة بالسوق في العديد من البلدان النامية. بما في ذلك الهند والمكسيك وروسيا. وهي معروفة بالإعلان عن الأغذية والمشروبات بشكل كبير. يبقى الأمر غير واضح إذا كان الأشخاص يكتسبون الوزن لأنهم يتبنون نظاما غذائيا غربيا، أم أنهم يحتفظون بشكل كبير بذوقهم للمأكولات الإقليمية، ولكن يغيرون التركيبة الغذائية للوصفات التقليدية عن طريق إضافة المزيد من منتجات اللحوم، الدهون والسكر.

تغير العادات الغذائية

بالإضافة إلى هذه العوامل المتعلقة بالعرض، تشير بعض الدراسات المنجزة باستخدام البيانات الأمريكية إلى ربط انتشار الوزن الزائد بالتغييرات التي طرأت على سوق العمل، ولا سيما زيادة مشاركة المرأة. من ناحية، قد يكون لدى الأمهات العاملات وقت أقل لإعداد الوجبات أو لتشجيع أطفالهن على قضاء وقت نشط خارج المنزل. ومن ناحية أخرى، فمن المرجح أن تزيد ساعات العمل من دخل العائلة، مما يؤثر إيجابيًا على صحة الأطفال من خلال تحسين الوصول إلى الرعاية الصحة والطعام عالي الجودة، والمشاركة في أنشطة رياضية منظمة ورعاية الأطفال عالية الجودة. نظراً لأن قرار العمل قرار شخصي ومرتبط بشكل وثيق بالخصائص الفردية والبيئية، فمن الصعب إيجاد علاقة سببية بين وضع العمل ومستويات البدانة لدى الأطفال. تشير بعض الدراسات إلى وجود تأثير إيجابي، لكن الأدلة الموثوقة لا تزال قليلة. كما تركز هذه الدراسات على دور النساء العاملات وليس على الرجال عندما لا يوجد دليل على وجود تأثير مختلف بين الأمهات العاملات والآباء العاملين. يزداد أيضاً عدد الأشخاص الذين يعملون في مناوبات. وفقاً لاستعراض منهجي أجرته المنظمة الدولية للعمل، يعمل حوالي واحد من كل خمسة موظفين في الاتحاد الأوروبي (25٪) في مناوبات، وغالباً ما تشكل العمل في الليل جزءًا أساسياً من نظام العمل بالمناوبات.
من المفترض أن هذه الجداول الزمنية تجعل من الصعب إقامة عادات غذائية منتظمة وتشجع على تناول الوجبات الخفيفة بشكل متكرر للحفاظ على التركيز في العمل. وأخيراً، لأن التكنولوجيا الحديثة قد خفضت بشكل كبير من عمل نشاط بدني في العديد من أماكن العمل، يجب على الأفراد تناول سعرات حرارية أقل لتجنب زيادة الوزن.
على الرغم من أن العديد من التفسيرات المتعلقة بالعولمة للبدانة تبدو معقولة، إلا أن الأدلة القوية التي تثبت وجود رابط سببي بينهما نادرة. يرجع ذلك جزئياً إلى حقيقة أن عادات الطعام والتغذية لها عوامل متعددة وغالباً ما تترابط بشكل وثيق، مما يجعل من الصعب اختبار التأثير السببي لعامل واحد. كما يزداد هذا التحدي بسبب تفاعل بعض العوامل المقترحة كأسباب للسمنة والتي قد تتفاعل وتزيد من حدة التأثير الناتج.

وبالرغم من الدراسات الاكاديمية الضخمة في  المسببات الرئيسية للارتفاع العالمي في معدلات السمنة لا تزال، إلى حد كبير، صندوق أسود.