تحدي الـ (5) دولار!

لديك مبلغ 5 دولارات كم يمكنك أن تربح من وراء هذا المبلغ خلال ساعتين؟!

تحدي الـ (5) دولار!


اصطفّت مجموعة من الطلاب مقسمين إلى 14 فريق أمام كلية التصميم التابعة لجامعة ستانفورد الأميركية العريقة، في انتظار الاختبار المقرر في مادة "مبادئ الابتكار في ريادة الأعمال وجد كلٌّ منهم أمامه مظروفا أنيقا مُحكم الإغلاق، في انتظار الإشارة إلى فتحه وبدء الاختبار. مع الإشارة إلى إطلاق الاختبار، أقبل الطلاب بحماس على فتح المظروف، ليجدوا جميعا بداخله ورقة من فئة خمسة دولارات وبجانبها ورقة أنيقة مطويّة كُتِب بداخلها عبارة مُختصرة:"

لديك مبلغ 5 دولارات كم يمكنك أن تربح من وراء هذا المبلغ خلال ساعتين؟!

وبعد نهاية الاختبار، تقوم فِرَق الطلاب كافة بعد عدة أيام بتقديم النتائج التي حقّقتها لتخضع للمراجعة، ثم يصعد كل فريق منهم إلى المنصّة في عرض تقديمي مدته 3 دقائق فقط يشرح للطلاب الآخرين فكرة مشروعه، ومدى الأرباح التي حققها، وكيف استطاع أن يستغل هذا التمويل المتواضع والتوقيت الضيق لتحقيق هذا الربح.

ويعتبر هذا الاختبار أوضح وأقصر طريق لشرح أهم مبدأ في مجال "ريادة الأعمال" وهو التركيز بشكل مباشر على معنى الإبداع والابتكار (Creativity and innovation)  في خلق القيمة، وتحقيق أعلى عائد من الاستثمار (Return on investment) (ROI)  بأقل إمكانيات وموارد ممكنة .

التفكير الكلاسيكي الرديء

 قامت إحدى الفِرَق التي تستهدف تحقيق ربح سريع من خلال ما يمكن أن يوصف بالتفكير الكلاسيكي الرديء لجذب الربح بالاعتماد على الحظ، بالذهاب مباشرة بهذا المبلغ الزهيد لشراء اليانصيب، أي إنه رأى أن المبلغ الذي يملكه زهيد لدرجة أنه لا يمكن عمل به أي شيء آخر سوى شراء تذكرة يانصيب على أمل أن يربح مبلغا كبيرا من المال اعتمادا على الحظ.

المدرسة الكلاسيكية للأفكار العادية

فريق آخر من الطلاب قرّر أن يتبنّى الطريق الكلاسيكي لتحقيق ربح لا بأس به من وراء تمويل متواضع كهذا، فاتّجه إلى شراء عدد من حبات الليمون والبدء في صناعة "عصير الليمون" وتقديمه في الجامعة مقابل مبلغ زهيد، حتى تمكّن من تغطية رأس المال الذي أنفقه، وحقّق من ورائه بعض الأرباح الزهيدة التي حصل عليها في نهاية الساعتين.

الطريق الكلاسيكي نفسه سار عليه أحد الفِرَق عندما توجّه إلى شراء بعض أدوات التنظيف البسيطة، وعرض خدمة غسيل السيارات للطلاب والأساتذة مقابل بعض المال. فريق آخر من هذه الفِرَق لاحظ أن الطقس كان سيئا، فتوجّه لشراء بعض مظلات المطر وقام بتأجيرها للطلاب وإعادة بيعها.  بمعنى آخر، العديد من الطلاب قاموا بتطبيق أفكار تقليدية مكَّنتهم من تحقيق هامش ربحي بسيط للغاية، ضمن لهم على الأقل فرصة اجتياز الاختبار.

المدرسة الريادية لحل المشكلات

بعيدا عن الأفكار التقليدية، كان من أكثر الفِرَق تحقيقا للأرباح تلك الفِرَق التي ركّزت بشكل كبير على حل "مشكلة" قائمة بالفعل بأسهل طريقة ممكنة.

قريبا من الجامعة، كان هناك مشكلة عامة يعاني منها سكان بلدة بالو ألتو (Palo Alto)، وهي اضطرارهم للانتظار فترة طويلة قبل دخول المطاعم في موعد العشاء. كانت الفكرة التي عمل عليها أحد الفِرَق هي قيام كل عضو من أعضاء الفريق بحجز طاولة عشاء في موعد مناسب في عدد من المطاعم، ثم الإعلان عن بيع هذه الحجوزات للزبائن المنتظرين مقابل مبالغ مالية وصلت إلى سقف 20 دولارا للحجز الواحد في أوقات الازدحام.

المدرسة الريادية للأفكار المبتكرة

أما الفريق الذي استحق الحصول على المركز الأول في هذا الاختبار الريادي، بقدرته على تحقيق أعلى مستوى ربح بقيمة 650 دولارا - مقابل 5 دولارات رأس مال -، فقد قرر هذا الفريق منذ اللحظة الأولى دراسة أوراق اللعب التي يمتلكها أولا قبل تحديد الفكرة التي سيُطبِّقها. أول ورقة لعب هي تمويل بقيمة 5 دولارات، ورقة اللعب الثانية هي إطار زمني محدود للغاية، ساعتان فقط.

أما الورقة الثالثة، التي يبدو أنه لم يلتفت إليها أحد على الإطلاق، هي الدقائق الثلاثة المُعطاة لكل فريق للصعود أمام طلاب جامعة ستانفورد  ليشرح في عرض تقديمي مختصر الفكرة التي عمل عليها، ومستوى الربح الذي حققه.

ركَّز الفريق الرابح على "خلق القيمة" من الجمهور وليس التمويل أو الإطار الزمني. لذلك كانت الفكرة ببساطة أن يتواصل أعضاء الفريق مع عدد من الشركات التي تسعى باستمرار إلى توظيف طلاب الجامعات متدرّبين (Interns) لديها، خصوصا طلاب الجامعات المميزة مثل ستانفورد. كان العرض الذي قدّمه الفريق للشركات هو بيع الدقائق الثلاثة المتاحة أمامهم في العرض التقديمي أمام طلاب الجامعة بوصفها مساحة إعلانية للشركة.

وبالفعل، تسابق عدد من الشركات المهتمة بتوظيف طلاب من جامعة ستانفورد للحصول على هذه المساحة الإعلانية، إلى أن استطاعت إحدى هذه الشركات الفوز بشراء هذه الدقائق الثلاثة مقابل أعلى سعر وهو 650 دولارا. 

بقدوم يوم العرض التقديمي، جاء الدور على الفريق الفائز بالمركز الأول الذي صعد على المنصة وبدأ في عرض معلومات عن إحدى الشركات ومتطلباتها لتعيين المتدرّبين لديها وفي نهاية عرضهم التقديمي، أخبروا الطلاب أن عرضهم هذا هو أصلا خدمة إعلانية مدفوعة لهذه الشركة عاد عليهم بربح قيمته 650 دولارا، دون أن يضطروا لاستخدام الدولارات الخمسة على الإطلاق.