كيف سيغير الذكاء الاصطناعي وجه الرعاية الصحية ؟
نجاح تقنيات الذكاء الإصطناعي في قطاع الرعاية الصحية يعود إلى المبادرات والشراكات القائمة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والقطاع الصحي. ولم يعد الأمر اليوم يتعلق فقط بتخزين البيانات وحفظ الملفات، بل تعدى ذلك إلى تحليل تلك البيانات والتوصل إلى إستنتاجات
إستفاد القطاع الصحي من إستخدامات الذكاء الإصطناعي بشكل كبير في مجالات عدة فتسارعت الإستثمارات وتنافست كبرى الشركات العالمية لإدخال المزيد من التطبيقات القابلة للإستخدام من قبل مقدمي الرعاية الصحية وكذلك المرضى؛ إن نجاح تقنيات الذكاء الإصطناعي في قطاع الرعاية الصحية يعود إلى المبادرات والشراكات القائمة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والقطاع الصحي. ولم يعد الأمر اليوم يتعلق فقط بتخزين البيانات وحفظ الملفات، بل تعدى ذلك إلى تحليل تلك البيانات والتوصل إلى إستنتاجات دقيقة وتشخيص الحالة في فترة قياسية.
وفي ما يلي أبرز إستخدامات الذكاء الإصطناعي في قطاع الرعاية الصحية:
1. تشخيص الأمراض
في العديد من الحالات يستغرق تشخيص المرض فترات طويلة أو سنوات، وهي عملية شاقة وتستهلك وقتًا طويلًا، وقد تكون سببًا في صعوبة إنقاذ حياة المريض، كما أنها عملية تضع الاطباء تحت الضغط.
في المقابل ساعد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على تحقيق تقدم كبير في التشخيص، إذ أصبحت العملية أكثر سهولة وأقل تكلفة.
ومن طرق التشخيص التي طورها الذكاء الاصطناعي: التصوير المقطعي المحوسب، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير بالأشعة السينية، والجينوميات والبروتيوميات (Genomics and Proteomics).
أما بالنسبة للتقدمات التي أحرزتها هذه الطرق التشخيصية فهي كالآتي:
- دور الأشعة المقطعية في الكشف عن سرطان الرئة والسكتة الدماغية.
- دور مخطط كهربية القلب والتصوير بالرنين المغناطيسي للقلب في تقييم مخاطر الموت القلبي المفاجئ أو مخاطر أمراض القلب الأخرى.
- دور التصوير بالأشعة في تصنيف الأمراض الجلدية.
- دور تصوير العينين في تحديد مؤشرات اعتلال الشبكية السكري.
- تحسين قدرة الطبيب على كتابة ملفات وبيانات المرضى.
ومن المهم التنويه له على الرغم من هذه التطورات الكبيرة إلا أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الطبيب في التشخيص.
2. تطوير الأدوية
من المعروف أن عملية اكتشاف وتطوير الأدوية عملية طويلة وتتطلب الكثير من الوقت، كما أنها مكلفة، إلا أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في الطب ساعد على جعلها أكثر كفاءة، ذلك من خلال الآتي:
- تحديد الجزء من الجسم الذي يعتبر الهدف في العلاج، أو تحديد أصل المرض البيولوجي.
- تحديد الأدوية المرشحة للعلاج من خلال تتبع أثر المركبات على الجزء المستهدف من العلاج، ثم اختيار الدواء المناسب.
- تسريع عملية التجارب السريرية، إذ تساعد في اختيار مرشحين مناسبين لإجراء الدراسات، وتحسين عملية مراقبة التأثير الدوائي، وبالتالي تطوير الدواء.
- تحديد المؤشرات الحيوية خلال عملية تشخيص المرض وتجريب الدواء.
3. الروبوت
يتجلى التكامل بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي من خلال الروبوت المُستخدم في غرف العمليات والذي يمكن أن يصل الى ما لا تصل إليه يد الجراح؛ هذا الجراح القادر على تحريك أذرع الروبوت والوصول الى المكان المحدد فيساعد الأطباء على التخطيط للتدخل الجراحي بالتفصيل ما يعكس هذا التكامل في غرف العمليات.
اليوم، تتنافس الشركات في ما بينها من اجل التوصل الى روبوتات أكثر تطوراً وإطلاق خدمات طبية مبتكرة تساعد الفريق الطبي في أداء بعض المهام الروتينية وتخفيف العبء عنهم. لقد بات من الممكن الآن دمج هذه التكنولوجيا المتطورة لمساعدة الطاقم الطبي في تقديم رعاية صحية تفوق توقعات المرضى.
التكنولوجيا في الطب والتطبيقات الآلية في المستشفيات تشهد تنوعاً كبيراً، فهناك اليوم الروبوتات الجراحية والروبوتات التي تقدم الرعاية إلى جانب سرير المريض، كما يتوافر روبوتات لطرد العدوى من الغرف وتعقيمها وأخرى لأخذ عيّنات المختبرات ونقلها وتحليلها وتحضير جرعات العقاقير، والروبوتات التي هي أجهزة مراقبة التواجد عن بُعد.
4.إدارة العمل داخل المستشفيات
إدارة الملفات وتنظيم العمل داخل المؤسسات الطبية لطالما شكّل معضلة أساسية للقطاع الصحي عموماً في ظل ما تشهده الكثير من المستشفيات من ازدحام يؤدي الى ضغط متزايد على الاطباء والممرضين وكذلك المسؤولين عن الأعمال الادارية وهو ما يزيد من احتمالية الوقوع في الخطأ.
من هنا، استفادت المستشفيات من تقنيات الذكاء الاصطناعي لادارة العمل وتنظيم ملفات المرضى بعد إدخال مجموعة من البيانات الضخمة إلى أنظمة الحواسيب، ما يسمح الوصول الى المعلومة بفترة زمنية أسرع. السجلات الطبية الإلكترونية جعلت عملية إستخراج البيانات ودراسة أنواع العلاج أسهل بكثير، فتحولت ملفات المرضى والوصفات الطبية الورقية المكتوبة بخط اليد إلى شيء من الماضي فازدادت بيانات الرعاية الصحية الإلكترونية بشكل هائل. وبالتالي، فإن تحليل تلك البيانات التي تضم معلومات حول المرضى يمكن أن يتم إنجازه بشكل أسرع ويمكن إنقاذ المزيد من الأرواح عبر تشغيل خوارزميات تم تصميمها باستخدام الذكاء الإصطناعي. هذه الإيجابية من شأنها أن تساعد أخصائيي الرعاية الصحية والعاملين في أقسام الطوارئ من الوصول إلى كميات كبيرة من المعلومات وفرزها خلال مدة زمنية قصيرة، ما يسهم بالتالي في تقليص الوقت الحرج الذي يتم تكريسه للمريض الواحد بالشكل الأمثل.
تعتمد إذن المؤسسات الصحية والمستشفيات حول العالم على هذه الأنظمة في بنيتها التحتية لأتمتة العمل ورقمنته بما يعزز الإنتاجية ويزيد من دقة الرعاية الصحية، لتتحول بذلك إلى مستشفيات رقميّة عبر نظام متكامل وآلية عمل رقمية مترابطة فيما بينها من خلال منصات تعرض بيانات تتعلق بالمرضى إلى الحد المسموح به قانونياً مع الحفاظ على خصوصية المريض وهي خطوة غاية في الأهمية بحيث يمكن للطبيب أن يستعرض المعلومات المتعلقة بمريضه قبل تحديد آلية العلاج وهو ما يضمن حصوله على رعاية صحية دقيقة وعالية الجودة بوقت أسرع.
وفي المقابل علينا أن نأخذ في عين الاعتبار القيود التي تنطبق على الذكاء الاصطناعي في هذا المجال أهمها الانحياز لجنس أو عرق معين في حال كانت قاعدة البيانات تفتقر لمراحل عديدة من عملية التعلم العميق. ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي يتمتع بقدرة فريدة على استخراج المعاني من البيانات المتراكمة، فإن أي خلل في هذه البيانات قد ينعكس سلباً على النتائج. وهنا يبقى السؤال على من يقع اللوم في حال حدوث تشخيصات أو تنبؤات خاطئة؟