كيف نطور نماذج جمع البيانات بجودة عالية؟
كيف نطور نماذج جمع البيانات بجودة عالية سواء كانت استبيان أو دراسة سوق أو دراسة سريرية هذا المقال سيشرح لك كافة الخطوات التي نحتاجها لتطوير نموذج جمع بيانات عالي الجودة و ذو موثوقية عالية كي يساهم بشكل فعال في عملية صناعة القرار في المؤسسة
حينما نرغب بتصميم نموذج لجمع البيانات عن موضوع معين ليتم تحليلها والإستفادة من نتائجها في عمليات صنع القرار في المؤسسات فإن أكبر خطأ قد نرتكبه هو البحث في النماذج الجاهزة خصوصا على شبكة الإنترنت. والحقيقة إن قمنا بالبحث عن نماذج جمع بيانات جاهزة لاستخدامها في عملية جمع البيانات لمشروعنا البحثي أو الاحصائي فإنه من المؤكد أن النتائج ستكون غير مفيدة أو مضللة للأسباب التي سيتم مناقشتها في هذا المقال.
إن عملية تصميم نموذج جمع البيانات جزء لا يتجزأ من المنهجية العلمية لأي بحث أو دراسة حيث تخضع عملية تطوير نموذج جمع البيانات للعديد من المراحل والخطوات العلمية التأكيدية للتحقق من كفاءتها وقدرتها على قياس المخرجات المرجوة من البحث مع الاخذ في الإعتبار توافقها وموثوقيتها في المجتمع المراد جمع البيانات فيه. وعلى سبيل المثال، إن نجاح نموذج جمع بيانات في مجتمع معين لا يعني أن هذا النموذج سينجح في جمع بيانات دقيقة ذات جودة من مجمتمع مختلف. لذلك فإن المنهجية العلمية لتطوير نموذج جمع البيانات يجب أن تمر بالخطوات التالية:
1- تحديد المخرجات المراد قياسها في الدراسة أو البحث بشكل دقيق
يجب أن تحدد المخرجات المراد قياسها بشكل واضح ودقيق من البداية وقبل البدء في تطوير نموذج جمع البيانات وغياب هذه الخطوة يجعل عملية البحث عديمة النفع ولذلك فإن البحث في النماذج الجاهزة لجمع البيانات قد يوقعنا بسهولة في اختيار المخرجات الخاطئة حيث أننا لا نعلم إن كانت هذه النماذج فعلا قادرة على قياس المخرجات المرجوة أو أن المخرجات التي تقيسها تلك النماذج مطابقة لما نحتاجه في بحثنا.
2- حصر الخصائص التي تؤثر على المخرجات المراد قياسها أو المهمه لتصنيف النتائج
جميع المخرجات التي قد نرغب بقياسها تتأثر بالعديد من العوامل. وبعض هذه العوامل قابل للتغيير فيما البعض الأخر غير قابل للتغيير. كما أن بعض هذه العوامل مهم لعملية الاستفادة من المخرجات والبعض الأخر مهم لتقييم جودة البيانات ومستوى موثوقيتها. فعلى سبيل المثال حينما نقوم بجمع البيانات لمسح احصائي لمعرفة نسبة ظاهرة معينة على مستوى المملكة العربية السعودية مثل التدخين وهذا هو الهدف الرئيسي فيجب أن يضم نموذج البيانات المناطق الإدارية في المملكة و الجنس والعمر. وفي هذه الحالة فإن جمع بيانات المناطق والجنس والعمر ليس هدف أساسي ولكن سيتم استخدامها أولا للتحقق من جودة العينة والتي بدورها تؤثر على جودة البيانات وثانيا لاستخدامها لتصنيف البيانات حسب هذه العوامل المهمة. ولنفس المسح يجب أن نجمع بيانات عن نوع التدخين و تاريخه وتكراره وهذه البيانات تؤثر على المخرجات حيث أن عدم معرفتنا لنوع التدخين (سجائر أو شيشة أو سيجارة إلكترونية) مثلا يجعل من الصعب الاستفادة من النتائج. ومثال أخر حينما نجمع بيانات عن السمنة فيجب أن نجمع بيانات عن حاله الحمل لدى النساء حيث أن الحمل يؤثر على الوزن وبالتالي على تصنيفنا للسمنة.
وعبر هذه السلسلة من البحث والتحري عن العوامل المهمة لتصنيف البيانات والعوامل التي تؤثر على المخرجات وتتأثر بها يمكن أن نخرج بقائمة من المدخلات البحثية (العوامل) التي يجب أن تكون ضمن موذج جمع البيانات.
3- تحويل العوامل التي تم حصرها إلى أسئلة وأجوبتها أو إلى عبارات تشرحها وتحصر الخيارات المتاحة لها وتصنيفها من حيث نوع عملية إدخال هذه البيانات في النموذج
كل نموذج جمع بيانات يجب أن يحتوي على التالي:
أ- العبارة أو السؤال ومن خلالها يتم تعريف المدخل وتحديد كل خصائصه بدقة على سبيل المثال (خلال الأسبوعين الماضية، كم مرة مارست نشاط بدني معتدل مثل المشي لمدة متصلة لا تقل عن 10 دقائق وما مجموعة لا يقل عن 30 دقيقة في اليوم) وهنا نلاحظ الفرق الشاسع في اختيار العبارة وتعريفها بشكل واضح عن استخدام سؤال أو عبارة بشكل فضفاض مثل (هل تمارس الرياضة).
ب- نوع المدخل وفي الغالب يمكن حصر نوع المدخلات في 4 أنواع رئيسية (اختيار واحد, اختيار متعدد, نص مفتوح, رقم) وفي العبارة أعلاه فإنه يمكن أن يكون نوع المدخل إما اختيار واحد أو رقم مع أن الأفضل لجودة البيانات هو الاختيار الواحد
ج- في حال كان نوع المدخل (خيارات سواء خيار واحد أو خيارات متعددة) يفضل تصنيفها على اصغر وحدة ممكنة مثلا للسؤال أعلاه فإن أفضل طريقة هي وضع 14 خيار بتدأ من يوم واحد وتنتهي بـ 14 يوم. وهذه الطريقة أفضل من وضع الخيارات في مجموعات مثل (يوم إلى 3 أيام, 4 أيام إلى 7 أيام وهكذا) والسبب أنه في الحالة الأولى لدينا إجابة دقيقة ويمكن إعادة تنصنيفها إلى مجموعات لاحقا وفي الحالة الثانية ستبقى الإجابة التي لدينا غير دقيقة بسبب غياب قدرتنا على تحديدها بدقة فلو اختار المشارك (4 إلى 7 أيام) فلا يمكن لنا تحديد هل كانت 4 أيام أو 5 أيام أو 6 أيام أو 7 أيام.
4- المراجعة من قبل محكمين مختصين إن أمكن للتحقق من شمولية العوامل التي تم اختيارها. وكما يفضل الاستعانة بخبراء في تحليل البيانات للتحقق من العوامل التي يمكن استخدامها لتصنيفالبيانات بشكل أفضل وتضيف قيمة ممتدة للبيانات مستقبلا.
5- التحقق اللغوي
بعد تحويل العوامل إلى أسئلة أو عبارات واضحة مع نوع المدخل وخياراته إن وجدت يجب أن نقوم بعملية التحقق اللغوي وهي دراسة فهم عينة من الجتمع المراد جمع البيانات منه وعينة من جامعي البيانات إن وجد لكل عبارة وخياراتها من حيث الصياغة ويمكن الاستعانة بخبراء التحقق اللغوي حيث أن منهجيات التحقق اللغوي تتطلب خبرة متوسطة إلى عالية لتطوير نموذج جمع البيانات بالشكل الصحيح. وللتوضيح فإن الأخطاء اللغوية أو النحوية في نموذج جمع البيانات قد تقود مدخل البيانات أو المشارك في الدراسة إلى إدخال البيانات الخاطئة مما يؤثر على جودة البيانات والنتائج النهائية للمشروع البحثي أو الاحصائي.
6- الدراسات الاحصائية التأكيدية
يوجد العديد من الأنواع للدراسات الاحصائية التأكيدية وبشكل مختصر تضم التالي:
أ- دراسة الموثوقية عبر جمع البيانات من عينة صغيرة وتحليلها احصائيا للاسئلة المرتبطة بقياس العوامل غير الملموسة مثل المشاعر.
ب- دراسات الموثوقية عبر التكرار بحيث يقوم نفس الاشخاص بتعبئة نموذج جمع البيانات مرتين بينهما فاصل زمني عدة أيام لعدة أسابيع ومن ثم يتم تحليلها لمعرفة موثوقية دقة النموذج في جمع البيانات من نفس الشخص سواء كان جامع بيانات أو مشارك في الدراسة.
ج- في حال وجود عدة اسئلة لقياس عامل غير ملموس مثل الاكتئاب أو القلق أو الرضا أو التجربة فمن المهم فحص المقياس عبر التحليل الاستكشافي لعوامل (exploratory factor analysis) والذي يقوم بالتحقق احصائيا من توافق الأسئلة في قياس موضوع واحد محدد ومن ثم يمكن اخضاع البيانات في حال وجود مقياس اخر معتمد للمقارنة عبر التحليل التأكيدي للعوامل (confirmatory factor analysis).
بعد جاهزية النموذج وعمل التعديلات النهائية عليه تبدأ عملية تحويله إلى نموذج إلكتروني. وتبدأ عملية التحويل بإعداد كتاب الأكواد (Code book) والذي يتم فيه ترميز كل عامل بركز يستخدم كعامود في جداول قاعدة البيانات للإشارة لذلك العامل كما أيضا يتم إعطاء كود رقمي لكل خيار أو إجابة بحيث تكون هي المدخل النهائي في قاعدة البيانات. وبعد هذه العملية نبدأ في اختيار نظام جمع البيانات الإلكتروني المناسب وتختلف الأنظمة من حيث القيمة المضافة وقدرتها على تحسين جودة المشروع البحثي والبيانات التي يتم جمعها عليه.
وفي الختام يجب التنويه على أن هذا المقال لا يشرح أو يفصل عملية تطوير نموذج جمع البيانات بشكل كامل وإنما يهدف لتوضيح الخطوات مع أمثلة عاملة حيث أن هناك العديد من التفاصيل العميقة في هذا المجال التي تتطلب الاستعانة بذوي الخبرة العملية لتطويرها أو تدريب الباحثين المبتدئين عليها. ونقدم في (IDM) كافة الخدمات المرتبطة بتطوير نماذج جمع البيانات وتحسين قواعد عبر دراستها وإضافة العوامل المهمة لتصنيف البيانات لرفع قيمتها وإمكانية الاستفادة منها داخل وخارج المنظمة.