جودة التواصل بين الطبيب والمريض: هل تؤثر على فاعلية العلاج؟

حسب احدى الدراسات، لاحظ الأطباء أن معرفة الطبيب بالحالة الصحية والنفسية للمريض ترتبط بشكل إيجابي بما إذا كان سيتعافى من المرض الذي يعاني منه أم لا. 

جودة التواصل بين الطبيب والمريض: هل تؤثر على فاعلية العلاج؟
ماهو التواصل الفعال بين المريض و الطبيب


هل تساءلت يوماً عما يريده المريض من لقاء الطبيب؟ ما الذي يجعل العلاقة بين الطبيب والمريض فعاّلة؟ وهل الرضا عن العلاقة بين الطبيب والمريض عامل مؤثر في العلاج؟

على الرغم من التقدم الهائل في مجال الطب، إلا أن التواصل الفعال بين المريض والطبيب يظل أهم حلقة في سلسلة الرعاية الصحية والعلاج، فهي تعزز إمكانية التعاون بينهما للارتقاء بصحة المريض. فالمريض يستحق الاحترام والانصات والتعاطف. لأنه ليس مجرد رقماً في القائمة، بل هو انسان يستحق كل الاهتمام والرعاية. فعلاج المريض لا يكمن فقط في تقديم الدواء، وانما في حسن التعامل، الاهتمام، الرعاية والدعم، والاحترام والثقة.

حسب احدى الدراسات، لاحظ الأطباء أن معرفة الطبيب بالحالة الصحية والنفسية للمريض ترتبط بشكل إيجابي بما إذا كان سيتعافى من المرض الذي يعاني منه أم لا. 

ووفقاً لدراسةٍ أخرى فإن من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها بعض الأطباء أثناء تواصلهم مع المرضى اعتقادهم بأن التواصل مع المريض غير ضروري. وكذلك عدم تخصيص وقت كاف لكل مريض على حدة، والتحدث إلى العديد من الأشخاص بما في ذلك المرضى في وقتٍ واحد. إضافةً الى عدم شرح الحالة الطبية للمريض بأسلوب مُبسَّط ومفهوم.

إن جودة التواصل بين الطبيب والمريض يدعم بشكل كبير التحول الذي نشهده في مجال الرعاية الصحية في المملكة والتوجه نحو تقديم رعاية أكثر تمحورًا حول المريض والتي تعزز العلاقة التساهمية بين المريض والطبيب واشراكه في صنع القرارات حول رعايته الصحية.

أثبتت الدراسات أنه لكي تكون آراء المرضى حول رعايتهم الصحية وخطط العلاج ذات قيمة وضرورة، يجب أن تكون هناك شراكة بين الطبيب والمريض. ولكن هناك العديد من العوائق التي تحول دون التواصل الفعال كما ذُكرت في دراسات سابقة ناقشت العلاقة بين الطبيب والمريض. على سبيل المثال، غالبًا ما يشعر المرضى أنهم يضيعون وقت الطبيب الثمين، فيتجاهلون التفاصيل التي يرون أنها غير مهمة، ويُحرَجون من ذكر الأمور التي يعتقدون أنها ستضعهم في وضع غير مُرضِي للطبيب، وقد لا يفهمون بعض المصطلحات الطبية، وقد يعتقدون أن الطبيب لم يستمع إليهم حقًا وبالتالي ليس لديه المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار علاجي جيد.

والأهم من ذلك، أن التواصل لا يقتصر فقط على مشاركة المعلومات والاتفاق على خطة العلاج؛ بل ويتضمن أيضاً الانصات الفعال، بمعنى التفاعل الوجداني المستجيب نفسياً واجتماعياً وعاطفياً لتطوير وتقوية العلاقة بين الأطباء والمرضى. هذه العلاقة العلاجية أساسية وفقاً للدراسات السابقة والتي أوضحت أنه كلما زادت قوة هذه العلاقة بين الطبيب والمريض، كلما زادت الفرصة لأن تكون خطة العلاج متفق عليها بشكل متبادل، وكلما كان المريض أكثر راحة باتباع الخطة العلاجية، وكلما زاد رضا الطرفين.

من الواضح أن نجاح الاستشارة الطبية يعتمد على سماتها الإنسانية بقدر ما يعتمد على ماهية المعلومات التي يتم مشاركتها وكيف يتم ذلك. فما الذي يحتاجه المريض من الطبيب؟

بدايةً يحتاج المريض أن يثق بكفاءة طبيبه من خلال معرفته لمخاوف المريض وتوقعاته تجاه مرضه. كذلك يحتاج المريض أن يفهم كيفية تأثير المرض أو العلاج على حياته وغالباً ما يخشى المرضى ألا يخبرهم الأطباء بكل المعلومات المتعلقة بمرضهم. إضافةً إلى ذلك، ينبغي على الطبيب اطلاع المريض على كيفية الاعتناء بنفسه والوقاية من الأمراض. وختاماً، يمكن أن يتأثر نجاح العلاج بشكل كبير إذا تضمنت هذه العلاقة التواصل الفعال والثقة والكفاءة، وهو ما يحفز المريض على الالتزام بتوجيهات الطبيب بشكل أفضل، كما تُحسِّن الحالة الطبية والنفسية للمريض ورضاه تجاه خدمات الرعاية الصحية.

بقلم:  د.منى بنت محمد الجوير

أستاذ مساعد في قسم إدارة وتقنية المعلومات الصحية - كلية الصحة العامة

جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل