التنمر الالكتروني: الخطر الخفي على أبناءك
مع التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده بالعالم أصبح الطلاب من مختلف المراحل التعليمية أكثر استخدامًا لكافة أنواع الأدوات التكنولوجية وتطبيقات الإنترنت المتنوعة، وهو ما يُعرضهم إلى نوع جديد من التنمر وهو التنمر الإلكتروني.
مع التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده بالعالم أصبح الطلاب من مختلف المراحل التعليمية أكثر استخدامًا لكافة أنواع الأدوات التكنولوجية وتطبيقات الإنترنت المتنوعة، وهو ما يُعرضهم إلى نوع جديد من التنمر وهو التنمر الإلكتروني، حيث لم يُعد الأمر يقتصر على التنمر داخل المدارس، ولكن المتنمر أصبح بإمكانه أن يحصل على ضحية من خلال مواقع الإنترنت والتطبيقات بكل سهولة، ويمكننا تعريف التنمر الإلكتروني أنه التعامل بصورة عدائية مع الآخرين من خلال استخدام البريد الإلكتروني/ الألعاب الإلكتروني/ مواقع التواصل الاجتماعي/ الرسائل النصية.
هناك نوعين من التنمر الإلكتروني، النوع الأول هو التنمر المباشر أي ارسال تهديدات أو إهانات مباشرة إلى الضحية، أما النوع الثاني هو التنمر الغير مباشر مثل قيام شخص بتصفح البريد لإلكتروني الخاص بشخص آخر، أو قيام شخص بالخداع والتنكر في شخصية إنسان غيره.
مشكلة الدراسة
هناك عدد كبير من الطلاب تتراوح نسبتهم من 20% إلى 40% يتعرضون إلى أنواع عديدة من التنمر الإلكتروني، وتتمثل أبرز عوامل التنبؤ بالتنمر في الاستجابة للتخويف وخاصةً من خلال الإناث الصغار السن، كما إن المستخدمين المفرطين لوسائل التواصل الاجتماعي من الفئات الأكثر عُرضة للاستجابة للتنمر.
على الرغم من التزايد المتواصل لحالات التنمر الإلكتروني فإن البرامج الوقائية، وكذلك الدراسات السابقة التي تتعلق بهذا الموضوع قليلة للغاية وخاصةً في المجتمعات العربية، كما إن معظم الدراسات السابقة تركز على الضحايا والآثار المترتبة على التعرض إلى التنمر حيث يمكن أن يشعر الضحية بالاكتئاب وقد يُفكر في الانتحار.
لابد من الاتجاه نحو المزيد من الأبحاث والدراسات الوقائية التي توضح كيفية تجنب تلك النوعية من التنمر، بدلًا من الدراسات التي تتحدث عن الإيذاء الذي تتعرض له الضحية وما يمكن فعله بعد التعرض إلى التنمر بالفعل.
أهداف الدراسة
تتلخص أهداف هذه الدراسة في النقاط التالية:
- التعرف على معدل انتشار التنمر الالكتروني لدى الأطفال والمراهقين.
- التعرف على الآثار المترتبة على التنمر سواء بالنسبة إلى المتنمر أو الضحية.
- أهم عوامل التنبؤ بالتنمر الإلكتروني.
- كيفية الوقاية من التعرض إلى التنمر الإلكتروني.
أهمية الدراسة
تمكن أهمية هذه الدراسة في العدد المحدود للدراسات العربية التي تتعلق بالتنمر الإلكتروني، كما إن الدراسة ركزت على شريحة هامة جدًا في المجتمع وهم الأطفال والمراهقون الذين مازالوا في طور التكوين والتطبيع الاجتماعي حتى يكونوا أفراد مؤثرين في المجتمع فيما بعد.
كما تركز الدراسة على التعاون بين الأسرة والمدرسة معًا للتصدي لهذه المشكلة، ولن يأخذ هذا التعاون مساره الصحيح إلا عندما تعي كل مؤسسة منهم دورها الفعال والمؤثر في عملية التنشئة الاجتماعية.
المنهجية
تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي في هذه الدراسة، حيث تم من خلالها تحليل الدراسات العربية والأجنبية التي تناولت موضوع التنمر الإلكتروني، مع التركيز بالتحديد على الدراسات الحديثة التي تمت على مدار السنوات الآتية: من عام 2012 م إلى عام 2019 م.
النتائج
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج التي تتلخص في التالي:
معدل انتشار التنمر الإلكتروني
هناك عدد من العوامل التي يختلف على أساسها نسبة التنمر الإلكتروني ومن أهم هذه العوامل: معدل استخدام الإنترنت والهواتف النقالة، الجنس، البلد، المرحلة الدراسية، المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وتتراوح نسبة التنمر بين المراهقين من 7% إلى 35%، وهناك ارتباط بين التنمر الإلكتروني وبين معدل استخدام الإنترنت وعدد الرسائل التي يتم إرسالها يوميًا عبر المواقع والتطبيقات بمعدل 50 رسالة يوميًا على الأقل، أو استخدام الإنترنت 3 ساعات يوميًا على الأقل، وهو ما يمكن أن يُعرض الطالب إلى التنمر.
قام الزهراني بإجراء دراسة في المملكة العربية السعودية، وتهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن نسب التنمر الإلكتروني لدى طلاب التعليم العالي، وكذلك تحديد عوامل التنبؤ بالتنمر الإلكتروني، شملت العينة الخاصة بالدراسة 287 طالب وطالبة، وأفاد 27% من الطلاب أنهم مارسوا هذا التنمر الإلكتروني مرة أو مرتين، كما أفاد 57% من الطلاب بالتعرض إلى الاستقواء، وتوصلت الدراسة إلى تعرض الكثير من الطلاب إلى الاستقواء من أشخاص لا يعرفونهم سوى عبر الإنترنت، وأن الذكور يمارسون التنمر أكثر من الإناث.
آثار التنمر الإلكتروني
هناك العديد من الآثار التي يمكن أن تترتب على التعرض إلى التنمر الإلكتروني ومنها التعرض إلى القلق، الاكتئاب، الإحباط، السلوك العدواني، الإدمان، التفكير الانتحاري، كما وضحت نتائج الدراسات أن المراهقين الذين لديهم نسبة كبيرة من الذكاء العاطفي كان لديهم نسبة أقل في التفكير الانتحاري.
كما اختلفت الآثار الناتجة عن التنمر بالنسبة إلى المتنمر أو الضحية، حيث أبلغ الضحايا عن التعرض إلى تأثيرات مثل القلق، الاكتئاب، السلوك الانتحاري، أما المتنمرين فإن من الآثار التي تظهر عليهم السلوك العدواني، تعاطي المخدرات.
عوامل التنبؤ بالتنمر الإلكتروني
هناك العديد من المتغيرات والمتنبئات الخاصة بالتنمر الإلكتروني ومنها: الجنس، الانتماء لمجموعة أقلية عرقية، الاستخدام المفرط للإنترنت، العدوانية، النرجسية، القلق الاجتماعي، ولكن يعتبر الجنس والانتماء إلى مجموعة أقلية عرقية هم أكثر الأسباب التي يترتب عليها التعرض إلى التنمر الإلكتروني.
التنمر الإلكتروني أحد الظواهر الجديدة علينا في المجتمعات العربية، ولابد من تكاتف الجهود والتصدي إلى هذه الظاهرة حتى لا تؤثر بالسلب على أبنائنا الطلاب من مختلف المراحل التعليمية، حتى يصبح كل طالب منهم لديه شخصية قوية ومؤثرة ويصبح فرد نافع للمجتمع بأكمله.