سر جينوم
استحدثت المنظومة الصحية في الاونة الأخيرة مفهوم جديد يدعى النظام الصحي الحكيم او بما يسمى النظام الصحي المبني على القيمة. يسعى هذا النظام إلى جعل المستفيد أحد أفراد متخذين القرارالطبي و ذلك بإشراكه في مسيرة الخطط الوقائية و العلاجية من خلال زيادة وعيه بأهمية الصحة و كيفية الحفاظ عليها.
استحدثت المنظومة الصحية في الاونة الأخيرة مفهوم جديد يدعى النظام الصحي الحكيم او بما يسمى النظام الصحي المبني على القيمة. يسعى هذا النظام إلى جعل المستفيد أحد أفراد متخذين القرارالطبي و ذلك بإشراكه في مسيرة الخطط الوقائية و العلاجية من خلال زيادة وعيه بأهمية الصحة و كيفية الحفاظ عليها.
وقد سعت المنشات الصحية إلى تطبيق هذا المفهوم وتميزت تلك التي سهلت وصول خدماتها إلى المستفيدين بنيل رضا المستفيدين بالإضافه الى أنها أصبحت مصدر إلهام لبقية المنشآت. فالمستفيد لا يقتصر على المريض فقط، بل يشمل ايضا الشخص السليم المعافى. وعليه تسعى النظم الصحية إلى توفير جودة حياه للفرد المعافى و ليس للمريض فقط. ومن أهم تلك العلوم الطبية التي تعني بدراسة البشر هو علم الوراثه والذي يعد نواة العلوم الطبية.
يعرف علم الوراثه على انه انتقال الصفات من السلف الى الخلف او من الاباء الى الأبناء. وقد ذكر علم الوراثه في القران الكريم في مواطن عدة ، ففي سورة ال عمران اية 6 ، قال الله تعالى: (وهو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء) و في سورة الحشر اية 24 (هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى). وقد كان العرب قديما يشيرون الى هذا المفهوم بقولهم: الولد سر ابيه، او العرق يمتد الى سابع جد. وقد استغل الاطباء و المتخصصون هذا العلم في اكتشاف و تحسين الخرائط الوراثيه و التي تشير الى قراءة و تدوين التسلسل الوراثي لكامل الجينوم البشري لتكون المرجع الذي يتم من خلاله مقارنة الحالات المرضية و اكتشاف الطفرات، وكذلك تسهم في معرفة مدى استجابة الشخص للأدوية وماهي القرارات و المسارات الطبيه المناسبة له. يتم هذا الكشف من خلال فحص (جينوم) و ينصح بعمله للناس عامة والمقبلين على الزواج بشكل خاص ليتم من خلاله اختبار الكفائة الوراثية بينهما ومن ثم اتخاذ القرار المناسب في إكمال مشروع الزواج ام لا.
ولا يخلو الأمر من عدة تحديات تواجه جينوم ، أحدها ضيق النظرة الثقافية الاجتماعية والتي تشكل اكبر هذه التحديات. ففي بعض المناطق لازالت عادة زواج الأقارب اقوى من النتائج الوراثية السلبية واتخاذ قرار صارم بعدم الاستمرار بالزواج عو أمر يصعب تقبله، حيث يضع الزوجين نفسيهما في موضع تحدي صحي مستقبلي خطير في سبيل إرضاء التقاليد العائلية. كما أن وجود الخوف من اكتشاف أمراض جديدة و الدخول في عالم مجهول يصعب تفهمه هو تحدي اخر. لذلك تسعى بعض المنظمات الصحية الوراثية إلى التوعية ونشر ثقافة الفحص الوراثي (جينوم) للجيل الجديد لتأثير ذلك على جودة وسلامة الحياة الصحية للفرد والمجتمع من خلال توفير حياة صحية (بحول الله) خالية من الامراض أو من خلال اتخاذ القرارات الصحيحة التي تقي الفرد والمجتمع من توارث الأمراض التي كان بالإمكان تفاديها إذ تم مقارنتها بالخريطة الوراثية البشرية، وبالتالي تخفيف الاستنزاف المالي المصاحب للجهود والأعباء الصحية والعلاجية التي تواجة المنظمات الصحية.
بقلم: إيمان عقيل العلي
ماجستير جودة الرعاية الصحية وسلامة المرضى
كلية الصحة العامة - جامعة الامام عبدالرحمن بن فيصل