ثورة تطور الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية

بفضل الله ثم رؤية 2030 الطموحة؛ تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا كبيرًا في قطاع الرعاية الصحية. ويتمثل جوهر هذا التحول في دمج تقنيات الصحة الرقمية، التي تعيد تشكيل طريقة تقديم الرعاية الصحية وإدارتها والوصول إليها في المملكة. بمناسبة اليوم الوطني الرابع والتسعين للمملكة العربية السعودية، ستتطرق هذه المقالة للجوانب الرئيسية لثورة الصحة الرقمية في المملكة العربية السعودية، وتسلط الضوء على دور برنامج تحول قطاع الصحة، وصعود التطبيب عن بعد، وتأثير الصحة الرقمية على رعاية المرضى، والآفاق المستقبلية لهذا التطور المستمر.

 كيف أثرت رؤية 2030 في برنامج تحول القطاع الصحي؟

سعت رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهي الخطة التي وضعتها المملكة العربية السعودية لتنويع الاقتصاد وتحديثه، إلى تحديد الرعاية الصحية كمجال حيوي للإصلاح. ويهدف برنامج تحول القطاع الصحي -وهو حجر أساس في رؤية المملكة 2030- إلى بناء نظام صحي شامل وفعال ومتكامل يقوم بتلبية احتياجات السكان مع تعزيز جودة الرعاية لهم.

يؤكد هذا البرنامج على أهمية تبني تقنيات الصحة الرقمية لتحقيق أهدافه. ويركز على تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية، وتعزيز جودة الخدمة، وضمان الاستدامة المالية. وتشمل المبادرات الرئيسية في إطار هذا البرنامج إلى توسيع استخدام السجلات الصحية الإلكترونية، وتطوير منصات الصحة الرقمية، ودمج الخدمات الصحية عن بعد في جميع أنحاء المملكة.

كيف تطور التطبيب عن بعد؟

أصبح التطبيب عن بعد عنصرًا حيويًا في إستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، وخاصة في الاستجابة للتحديات التي فُرِضت في جائحة كوفيد-19. أطلقت وزارة الصحة العديد من المنصات الرقمية، مثل منصة صحتي، منصة صحة، وتطبيق دليل الأدوية. تسمح هذه الخدمات للمرضى باستشارة مقدمي الرعاية الصحية عن بعد وحجز المواعيد والوصول إلى معلوماتهم الصحية عبر الإنترنت.

وقد لعبت هذه المنصات دورًا فعالًا في تخفيف العبء على مَرَافق الرعاية الصحية، وتحسين الوصول إلى الرعاية، وضمان حصول المرضى على الرعاية الطبية في الوقت المناسب بغض النظر عن موقعهم. كما لعب التطبيب عن بعد دورًا حاسمًا في إدارة الأمراض المزمنة، مما أتاح المراقبة المستمرة والمتابعة للمرضى الذين يعانون من حالات مثل مرض السكري وضغط الدم.

كيف تطورت خدمات رعاية المرضى وتقديم الرعاية الصحية؟

إن دمج تقنيات الصحة الرقمية في المملكة العربية السعودية له دور كبير على رعاية المرضى وتقديم الرعاية الصحية لهم. ومن أهم التغييرات هو التحول نحو نهج أكثر تركيزًا على صحة وسلامة المريض، كما أصبح للأفراد ميزة التحكم في معلوماتهم الصحية وبإمكانهم اتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن رعايتهم.

حيث تم تنفيذ نظام السجلات الصحية الإلكترونية على مستوى المملكة؛ فأصبح لمقدمي الرعاية الصحية القدرة على الوصول إلى تاريخ المريض الشامل، وبالتالي تحسين دقة التشخيص واختيار علاج فعال له. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام أدوات الصحة الرقمية مثل أنظمة التشخيص التي تعمل بالذكاء الاصطناعي (AI) لتعزيز سرعة ودقة التقييمات الطبية، على سبيل المثال، قامت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) بالتعاون مع مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، وشركة لين، والشركة السعودية للذكاء الاصطناعي (SCAI) بإطلاق مشروع عيناي (EYENAI)، وهو أحد الحلول التشخيصية الطبية الرائدة المدعومة بعمل الذكاء الاصطناعي للكشف والتشخيص الدقيق لاعتلال الشبكية السكري. كما طورت نظام معزز بقدرات الذكاء الاصطناعي للفحص المبكر لسرطان الثدي بالتعاون مع وزارة الصحة.  

أخيرًا، فإن التحول الرقمي الذي تشهده المملكة في مجال الصحة -وفي ظل رؤية 2030- يعمل على إحداث ثورة في طريقة تقديم الرعاية الصحية في المملكة. ومن خلال تبني التطبيب عن بعد والسجلات الصحية الإلكترونية وأدوات التشخيص التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، تعمل الدولة على بناء نظام رعاية صحية أكثر سهولة في الوصول وأكثر كفاءةً وتركيزًا على صحة المريض. وفي حين لا تزال التحديات قائمة، فإن مستقبل الصحة الرقمية في المملكة العربية السعودية ينيرُ مشرقًا، مُظهِرًا إمكانيات المملكة في وضع معايير جديدة للرعاية الصحية.

كتابة: وعد الوقداني

تدقيق: رزان سعود