اضطرابات الأكل في السعودية: العوامل المؤثرة والاستراتيجيات الوقائية

تشمل السلوكيات الغذائية المضطربة سلوكيات خطيرة غالبًا ما تكون غير مشخصة، وتنتشر بين الجنسين ومن مختلف الخلفيات الثقافية، مع معدلات أعلى بين الفتيات بسبب الضغوط المتعلقة بصورة الجسم. كذلك، فإن انتشار اضطرابات الأكل بين الإناث يزداد بشكل ملحوظ، مما يشكل تحديًا للخدمات والرعاية الصحية. تهدف هذه الدراسة إلى تعزيز الفهم الشامل لهذه المسألة في المملكة العربية السعودية.

اضطرابات الأكل في السعودية: العوامل المؤثرة والاستراتيجيات الوقائية
إضطرابات الأكل في المملكة


اضطرابات الأكل هي مشاكل نفسية وتغذوية تؤثر في عادات الأكل. وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية والتصنيف الدولي للأمراض، تحتل اضطرابات الأكل المرتبة الثالثة بين أكثر التشخيصات المرضية شيوعًا بين المراهقين بعد الربو والسمنة. الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات يهتمون بشدة بالطعام وشكل أجسامهم، حتى لو كانوا نحفاء. تأثيرات هذه الاضطرابات تشمل سوء التغذية والهشاشة العظمية ومشاكل صحية أخرى.

تشمل السلوكيات الغذائية المضطربة سلوكيات خطيرة غالبًا ما تكون غير مشخصة، وتنتشر بين الجنسين ومن مختلف الخلفيات الثقافية، مع معدلات أعلى بين الفتيات بسبب الضغوط المتعلقة بصورة الجسم. كذلك، فإن انتشار اضطرابات الأكل بين الإناث يزداد بشكل ملحوظ، مما يشكل تحديًا للخدمات والرعاية الصحية. تهدف هذه الدراسة إلى تعزيز الفهم الشامل لهذه المسألة في المملكة العربية السعودية.

تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تستقصي انتشار اضطرابات الأكل والسلوكيات الغذائية الضارة في المملكة العربية السعودية. منخلالها، تم إجراء قياسات ودراسات مكثفة لاستكشاف مدى انتشار هذه الاضطرابات بين الشباب والمراهقين، وكذلك لتقييم العوامل التي أدت إلىتزايد معدل الإصابة، مما يسهم في التوصل إلى معرفة شاملة تسهم في الوقاية الفعالة.

لفهم أعمق للعوامل المؤثرة، قام البحث بتقييم الجنس والعمر والمنطقة وفقًا للبيانات المتوفرة في المملكة العربية السعودية.

1. المنطقة

أُجريت معظم الدراسات في الغرب السعودي، بما في ذلك المدينة المنورة، مكة، وجدة، حيث وُجدت نسبة عالية لسوء التغذية تتراوح بين 10.2% إلى46%. استُخدم استبيان “EAT-26” لتحديد “مخاطر اضطراب الأكل”بناءً على المواقف والمشاعر والسلوكيات المتعلقة بالأكل. في إحدى الدراسات، قام الباحث بإجراء استبيان “SCOFF” على طلاب المدارس الثانوية، وسُجّلت أعلى نسبة انتشار لاضطرابات الأكل في هذهالمنطقة (46%). كما أظهرت دراسات أخرى أُجريت في مناطق مختلفة من المملكة أنمعدل انتشار الظروف الصحية كان الأعلى في المنطقة الشرقية، تلتهاالمنطقة الشمالية الغربية، بينما كان الأدنى في المنطقة الشمالية.

أظهرت مناطق في السعودية نسبًا مماثلة من اضطرابات الأكل، حيث كانت المنطقة الشرقية الأعلى بنسبة انتشار تصل إلى 65.5%. ورغم اختلاف المدن في الحجم والمناخ وعدد السكان، إلا أن جميعها أظهرت انتشارًا مرتفعًا لهذه الاضطرابات. وأظهرت الدراسات أن المراهقين في المدن الكبيرة يعانون من سوء التغذية بشكل أكبر من أقرانهم في المدن الصغيرة. ورغم تحسن مستوى التحضر والرفاهية في المناطق الأكثر تقدمًا، إلا أن ذلك لم يؤثر في انتشار اضطرابات الأكل.

2. الجنس

بالنسبة لجنس المصابين باضطرابات الأكل، فقد اقتصرت أغلبية الدراسات على الإناث مع وجود القليل منها التي شملت الجنسين معًا أو اقتصرت على الذكور بشكل خاص. قد يعود ذلك لانتشار اضطرابات الطعام أكثر لدى الإناث وخصوصًا في سن المراهقة وبداية العشرينات، وذلك لاهتمامهم أكثر بالوزن وشكل الجسم ونظرة المجتمع لهن أيضًا. ومع ذلك، ثبت من خلال بعض الدراسات أن نسبة المصابين من الذكور بسلوكيات اضطراب الأكل مثل سلوكيات النهم وسوء استخدام المسهلات وأدوية إنقاص الوزن والحميات القاسية والممارسة المفرطة للتمارين كانت أعلى مقارنة بالإناث في نفس الدراسة، مما قد يعارض الاعتقاد الشائع عن انتشار هذه الاضطرابات لدى النساء بشكل أكبر.

عمومًا، تركيز أغلب الدراسات على النساء أمر متوقع، حيث إن الدراسات العالمية ركزت على النساء أيضًا. يظل الجزء الأكبر من المصابين بهذه الاضطرابات من النساء، خصوصًا في سن المراهقة، حيث سُجلت حالات أكثر لدى الإناث من الذكور في نفس السن.

3. العمر

عُنيت الدراسات باستنتاج يفيد بأن معدل انتشار اضطرابات الأكل والسلوكيات الغذائية الضارة يتزايد بشكل عام خلال المراحل المتأخرة من المراهقة والبداية المبكرة للبلوغ. ذكرت بعض الدراسات أن ذروة هذه الاضطرابات تحدث في أعمار تتراوح بين 15 و19 عامًا، مع ذروة أخرى يتم ملاحظتها في سن الـ 21 عامًا للجنسين. ومعظم الحالات الأولى تظهر قبل سن الـ 25 عامًا. فيما يتعلق بمعدل انتشار هذه السلوكيات في المملكة العربية السعودية، أشارت الدراسات إلى أن النسب تكون أعلى بالمقارنة مع الدول الآسيوية والأوروبية الأخرى. يوجد تزايد في الدول غير الغربية مثل: اليابانوكوريا. يُرجح أن الانتشار المتزايد جزئيًا يعتمد على التأثيرات الاجتماعية والثقافية والنفسية، التي تعزز احتمالية التعرض لهذه الاضطرابات بين الأجيال الشابة في الدول مثل المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول غير الغربية.

4. نقاط القوة

فيما يتعلق بالرصانة العلمية، أظهرت الدراسة تناسقًا في تصميمها للدراسات المختارة، مما عزّز من صحة النتائج. كما أن اختيار المجموعات العمرية المستهدفة لبى المعايير المحددة للشريحة، التي بدورها ركزت على المراهقين والشباب كفئة عمرية مستهدفة للاستطلاع والقياس.

الطرق الوقائية لاضطرابات الطعام

  • ننصح بتناول الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات مع تقليل الملح والسكر في الأطعمة، مع تجنب اتباع حميات غذائية قاسية لإنقاص الوزن.
  • لا ننصح باستخدام المكملات الغذائية مثل المسهلات أو المنتجات العشبية لإنقاص الوزن.
  • احصل على كمية كافية من النشاط البدني الهوائي كل أسبوع لحوالي 150 دقيقة، مثل الجري السريع.
  • ننصح بطلب المساعدة إذا كنت تعاني من إحدى الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق.

في الختام، نشير إلى أهمية الوقاية الممنهجة من المرحلة الأولى التي يتبيّن فيها احتمالية إصابة الشخص باضطرابات الأكل كحاجة ملحة للتقليل من هذه الظاهرة المنتشرة على مستوى العالم، والتي تنطوي عادة على المراهقين، مما يجعل الوقاية منها أمرًا ضروريًا لنشأة صحية للفرد والمجتمع ككل. العلاج هو وسيلة للتعافي التام، والصحة هي أعظم ثروة للإنسان التي من دونها يختل اتزان جودة الحياة.

بقلم: سعد العباد، امجاد الغامدي، ليان اليامي، بشرى عيسى، ندى سعود وجين الرويلي.

التدقيق والمراجعة: يعقوب بن نحيت

المصدر:

https://www.mdpi.com/2072-6643/15/21/4643