هل هناك فوائد من الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي لفترة من الزمن؟
تخيل عزيزي القارئ كيف من الممكن أن تصبح حالتك النفسية في عالم لا يوجد به أي نوع من مواقع التواصل الاجتماعي؟ من الصعب تخيل حياة كهذه، أليس كذلك؟ في هذا المقال شو نحاول أن نصف تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا و صحتنا النفسية كما سوف نستعرض بعض الحلول للاستخدام المفرط للوسائل التواصل الاجتماعي
هل هناك فوائد من الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي لفترة من الزمن؟
تخيل عزيزي القارئ كيف من الممكن أن تصبح حالتك النفسية في عالم لا يوجد به أي نوع من مواقع التواصل الاجتماعي؟ من الصعب تخيل حياة كهذه، أليس كذلك؟
العديد منا قد يندمج بشكل كبير بالتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي بحيث يصعب عليه تذكر ما الذي كان يفعله قبل الدخول عليه. إن هناك العديد من الفوائد لهذه الشبكات، ولكن كيف من الممكن عزيزي القارئ أن نحقق التوازن مع هذا التيار المتدفق من المدخلات سواء كانت من الأصدقاء، العائلة، المشاهير أو الحسابات والمواقع التجارية التي تتنافس باستمرار على جذب انتباهنا؟
في دراسة سعودية كبيرة عن علاقة وسائل التواصل الاجتماعي بالصحة النفسية وجدت الدراسة أنه اظهر مستخدمي بعض منصات التواصل بشكل يومي معدل خطورة اعلى للإصابة بالاكتئاب بنسبة 26% والقلق بنسبة 33% عن المستخدمين بشكل غير يومي. كما أظهرت منصات اخرى ارتباط ايجابي مع الصحة النفسية. واوضحت الدراسة أنه لا يعني هذا الارتباط أن استخدام هذه المنصات يزيد من احتمالية خطورة الإصابة بالاكتئاب أو القلق.
في استطلاع للرأي أجرته Healthline ، سئل القراء عن رأيهم حول "كيف تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على صحتهم النفسية". أجاب 25٪ من القراء أنهم يشعرون أن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير سلبي على صحتهم النفسية، بينما أجاب 53٪ من القراء أنهم يشعرون أن تقليل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يحسن من حالتهم النفسية. يقفز هذا الرقم إلى 66٪ من القراء الذين صرحوا ان أحد الأمراض أو المشاكل النفسية التي بدأت أو تفاقمت أثناء الوباء كوفيد 19. كما أقر 29 ٪ من القراء أنهم يحتاجون إلي الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي لبضعة أيام على الأقل للاستفادة من هذه فترة الانقطاع بشكل مختلف، بينما يقفز هذا الرقم إلي 46٪ بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم ما بين 15 إلي 24 عامًا.
لهذا السبب عزيزي القارئ نحن نتحداك لكي تلقى نظرة فاحصة حول كيفية تأثر صحتك النفسية بالاستخدام لمفرط لمواقع التواصل الاجتماعي.
كيف يؤثر الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي على صحتنا النفسية؟
ما الذي تشير إليه الأبحاث العلمية عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صحتك وسلامتك النفسية؟ فقد تندهش عزيزي القارئ عندما تعلم أن معظم الدراسات ليست مبشرة بالخير أبداً.
وجدت دراسة أجريت عام 2015 أن العديد من أطفال في المملكة المتحدة كانوا أكثر عرضة بمقدار الضعف للتسجيل درجات عالية أو عالية جدًا على مقاييس الإعتلات النفسية إذا استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 3 ساعات أو أكثر في يوم دراسي.
كما أشارت دراسة صغيرة أجريت عام 2018 إلي وجود ارتباط مباشر بين تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و تخفيف الشعور بالاكتئاب والوحدة.
أظهر استطلاع أجرته ExpressVPN عام 2021 أن 86٪ من بين 1500 مواطن أمريكي أقروا أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا بشكل مباشر على سعادتهم وتصورهم لأنفسهم. كما أقر ما بين (79 _ 83) ٪ منهم أن لها تأثير سلبي على شعورهم بالقلق، الوحدة، والاكتئاب. كما أظهرت دراسة استقصائية وطنية عبر الإنترنت أجريت عام 2022 في الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، أستراليا، والنرويج أن أولئك الذين استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للترفيه أو لتقليل من الشعور بالوحدة أثناء الوباء يعانون من الضعف في صحتهم النفسية. في حين أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للاتصال الشخصي والحفاظ على العلاقات كان مرتبطًا بتحسن الصحة النفسية، إلا أنه هناك ارتباط وثيق بين زيادة الوقت المستهلك في اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي وضعف الصحة النفسية بشكل عام. من ناحية أخرى، وجدت دراسة تجريبية أجريت عام 2021 على 68 طالبًا جامعيًا أن معظم الطلاب أقروا عن وجود تغير إيجابي في حالتهم النفسية، تخفيف شعور القلق، وتحسن نمط نومهم أثناء وبعد فترة ابتعادهم عن مواقع التواصل الاجتماعي.
البيانات من الأبحاث السابقة واضحة جدًا. إذا كنت لا ترغب عزيزي القارئ بالشعور بالقلق، الاكتئاب، الوحدة، قلة النوم وحتى عدم وضوح فكرتك عن ذاتك، فقد يكون إجراء بعض التعديلات على عاداتك في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي فكرة جيدة.
بدائل مواقع التواصل الاجتماعي
تعد صحتك النفسية أكثر أهمية من جماليات عالم الإنستغرام الخاص بك. إذن ما الذي يمكنك فعله عزيزي القارئ بدلاً من التنسيق والتمرير على شاشة هاتفك؟
خلق الله سبحانه وتعالى هذا العالم المبهر لكي يكون بين قديم. فعندما تخرج من شاشة مواقع التواصل الاجتماعي إلي العالم الواقعي فإنك تجد مجموعة لا حصر لها من الخيارات التي تستطيع الاختيار منها حسب ما تحتاجه. بمجرد تحديد سبب شعورك عزيزي القارئ بالحاجة إلى تسجيل الدخول إلى أحد حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنك عندها إعادة توجيه هذا الشعور بطرق أخرى.
إذا كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الاسترخاء
إذا وجدت نفسك أمسكت هاتفك عندما يكون لديك وقت قليل من الراحة، ففكر في إحدى هذه الخيارات بدلاً من ذلك:
جرب التأمل في ملكوت الله.
خذ جولة حول منزلك
من خلال اشعال الشموع العطرة أو البخور أو نثر الزيوت العطرية فإن مزاجك سوف يتحسن مزاجك.
اقرأ كتاب يثير اهتمامك.
جرب ممارسة إحدى الأشغال اليدوية أو الخربشة على الورق.
اخبز بعض الكعك أو المعجنات.
اشرب مشروبًا ساخنًا مثل الشاي أو الشوكولاتة الساخنة.
تصفح صورك القديمة واسترجع ذكرياتك.
شغل بعض الموسيقى أو من الأفضل أن أستمع إلى بعض آيات القرآن الكريم
إذا كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التواصل الإنساني:
إذا شعرت أنك تتوق إلى التواصل مع أحد ما وأظهرت الرغبة في التحقق من حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، فجرّب هذه الأنشطة بدلاً من ذلك:
الاتصال هاتفيا بأحد الأصدقاء أو بأحد أفراد عائلتك
اجتمع مع أحد الأشخاص لتناول العشاء أو المشروبات.
تبادل الطعام مع الجيران وأثناء توصيله دردش معهم.
اجتمع مع أصدقائك في عطلة نهاية الأسبوع من أجل الغذاء، التنزه، أو التسوق.
تطوع في أحد الجمعيات الخيرية القرية منك.
اشترك في أحد الدورات التدريبية في مجال مفيد وتحبه.
انضم إلى ناد رياضي.
إذا كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لكي ترفه عن نفسك
بدلاً من مشاهدتك للمقاطع المضحكة ومقاطع الفيديو ذات 30 ثانية، اختر إحدى وسائل الترفيه التالية:
- مارس ألعابك المفضلة.
- ممارس بعض الأشغال الفنية.
- اشترك في دورة تدريبية عن فنون الدفاع عن النفس.
- تنزه خارج المنزل.
- قم برحلة إلى متحف محلي أو معرش.
- مارس الزراعة.
- استمع إلى بودكاست.
- اقرأ كتاب.
اجتمع مع بعض الأصدقاء أو أفراد العائلة والعب معهم لعبة جماعية.
إن معرفة دافعك لتسجيل الدخول إلى حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي تعد خطوة كبيرة من أجل الابتعاد عنها، وبمجرد معرفة دافعك عزيزي القارئ يمكنك عنده الاختيار الطريقة البديلة لتلبية هذه الحاجة.
كيف تضع الحدود للاستخدام الصحي المواقع التواصل الاجتماعي؟
صحيح أنه من المهم الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي لفترة، ولكن على المرء أن يكون واقعيًا فلا يبتعد تماما عن استخدامها. من الجيد أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من حياتنا. كما أن هناك عدة طرق لتقليل آثارها السلبية وزيادة لآثارها الإيجابية أثناء استخدامها.
على سبيل المثال، يمكنك:
- إلغاء أي حسابات تؤثر بالسلب على ثقتك بنفسك، وعلى حياتك.
- أزل الصور من ملفك الشخصي التي تؤثر على تصورك للنفس.
- احذف أية رسائل مزعجة.
- إلغاء الاشتراك في الحسابات التي تجعلك تقارن نفسك بالأخرين.
علاوة على ذلك، يمكن أن تكون تجربتك عزيزي القارئ في الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي تجربة مفيدة من أجل تثقيف الآخرين، بحيث يمكن للآخرين أن يستلهموا من تجربتك وأن يحذوا حذوك.
لذا في البداية يمكنك:
- تتخطى التقاط صورتك بالفلتر وعرض صورتك على طبيعتها.
- انشر صورًا للحظات الفوضوية التي تمر بها، وليس فقط اللحظات المثالية.
- وضح الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي أناك واقعي غير كامل يعاني من عيوب والكمال وحده لله
- انشر تعليقات تشجع فيها الآخرين على مشاركاتهم.
- اكتب عن تجربتك في الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي وشجع الآخرين على أن يجربوا.
الخلاصة
تحتل وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من حياة معظمنا. ولكن نحن يمكننا استخدامها بطريقة حيث تتفوق الآثار الإيجابية على السلبية، سواء بالنسبة لنا أو للآخرين. فمع القليل من الاستخدام الواعي، أخذ فترة راحة متباعدة، والمحافظة على التوازن بينها وبين الأنشطة الأخرى، يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي أداة صحية للتعبير عن الذات والتواصل مع الآخرين.
بقلم: تسنيم محمد سليم الحمصي