الذكاء الاصطناعي ذكي بقدر ذكاءنا!

عنونت هذه المقالة بكلمات وددت أن تثبت بذهن القارئ وهي حقيقة أنّ الانسان هو الصانع الحقيقي للذكاء الاصطناعي. وأنه بحسب استخدام الانسان الحكيم أو الغير حكيم يحدّد أداءه الناجح أو الفاشل.

في منتصف القرن الماضي تقريباً، بدأت ثورة الحاسب الآلي القائمة على علم الخوارزميات (اللوغاريثميات) وهو ببساطة مجموعة قواعد حسابية منوطة بأداء مهام معينة وثابته.

الاختلاف الأساسي بين الخوارزميات وبرامج الذكاء الاصطناعي هو أن الأخير متغير وليس ثابت، متغير بحسب مدخلاتك له فهو يتعلم منك! تشبه البنية التحتية للذكاء الاصطناعي مخ الانسان وأحد البرامج الأكثر استخداماً تُسمى : الشبكات العصبي)  (Neural Networks

فهي تماماً مثل الانسان الوليد يتلقّى من الانسان الناضج ومن البيئة المحيطة كيفية الحياة. نستطيع ببساطة التفريق بين البرامج الحاسوبية التقليدية وبرامج الذكاء الاصطناعي بأنّ الأخير عنده مهارة "التعلّم" والتي تكون من قبل المستخدم. عادة ما يتم تدريب هذه البرامج بكثافة (تدريب على بلايين الأمثلة من المُدخلات) قبل اطلاقها للاستخدام التجاري، ولكن لأنها مرنه، سوف تتعلم من المستخدم وتتكيّف على حسب استخدامه ومدخلاته.

وكعادة القطاع الصحي الحذرة بتبنّي واستخدام أي منتج من منتجات التقنية (late adopters)، فهو حذر بشكل أكبر عندما يبدأ الحديث عن الذكاء الاصطناعي. وهذا يرجع لسرعته ودقته وكفاءته -خاصة بالتشخيص-التي قد تتفوق على الأداء الانساني مما يؤدي الى ثقة المستخدم والاعتماد الكلي عليه. وهي ثقة مبرّره لأن هذا البرنامج قد يحمل خبرة الاف الأطباء المتدربين على ملايين الحالات!

السبب الأهم لتردد القطاع الصحي بتبنّي الذكاء الاصطناعي هو أنه آلية عمله وقيامه بالتنبؤات العالية الدقة هي آلية غامضة ومعقدة وعادة ما تُسمى "بالصندوق الأسود" (Black Box)

انعدام الشفافية والفهم الكامل لآلية وكيفية الوصول لتشخيص معين أو تنبؤ (حتى لوكان صحيح أوعالي الدقة) يخصّ حالة مرضية، يؤدي في كثير من الحالات إلى رفض استخدام هذا النوع من التقنية في القطاع الصحي.

عند اتخاذ موقف محايد من الذكاء الاصطناعي من قبل المستخدمين بالقطاع الصحي وفهم قدراته ومحدوديته والسماح باستخدامه كمُساعد وليس بديل للإنسان، وبأنّ دوره هو تعاوني وليس تنافسي، قد يفضي هذا لاستخدام متزن وناجح له بالقطاع الصحي.

بقلم: 

فاطمة العودة عضو هيئة تدريس بكلية الصحة العامة

فاطمة الشخص عضو هيئة تدريس بكلية الصحة العامة

جامعة الامام عبدالرحمن بن فيصل