في شركتنا أو منظمتنا كنز من البيانات لم نستفد منه بعد! هل هذا الأمر صحيح؟
ويبدأ التساؤل هل حقا تحتوي هذه البيانات الغير مفعلة على قيمة إضافية لم تستغل بعد. للوصول للإجابة علينا أن نقوم بعملية دراسة " قيمة البيانات" وتحديد جودتها وقدرتها على خلق قيمة إضافية سواء للمنظمة داخلياً أو لإستثمارها عبر تطوير منتجات من هذه البيانات لتستفيد منها المنظمات الخارجية بمقابل مادي يجلب عوائد للمنظمة أو الشركة المالكة للبيانات. وفي هذا المقال سنوضح الخطوات العملية الأساسية لعملية دراسة "تقييم البيانات" بغرض استثمارها للإستخدام الداخلي في المنظمة أو الخارجي من قبلها
بحكم اختصاصنا في IDM السعودية في مجالات "جودة البيانات" و "تحليل البيانات "و "استثمار واستغلال البيانات" كثير ما يبدأ عملاءنا بعبارة "لدينا كنز من البيانات في المستندات الورقية أو الأنظمة الإلكترونية ولكن لم نستفد منه بعد!" ويبدأ التساؤل هل حقا تحتوي هذه البيانات على قيمة إضافية لم تستغل بعد، وللوصول للإجابة علينا أن نقوم بعملية دراسة قيمة البيانات وتحديد جودتها وقدرتها على خلق قيمة إضافية سواء للمنظمة داخليا أو لإستثمارها عبر تطوير منتجات من هذه البيانات لتستفيد منها المنظمات الخارجية بمقابل مادي يجلب عوائد للمنظمة أو الشركة المالكة للبيانات. وفي هذا المقال سنوضح الخطوات العملية الأساسية لعملية دراسة تقييم البيانات بغرض استثمارها للإستخدام الداخلي في المنظمة أو الخارجي من قبل منظمات أخرى بمقابل مادي. حيث أننا نتبع منهجية خاصة بنا نسميها خارطة الكنز وهي مستوحاة من الروايات القديمة عن عثور أحدهم على خريطة لكنز مجهول. فتقوم منهجيتنا على 3 ركائز الوصول للكنز, ثم الاستخراج والاستخلاص, ثم الإنتفاع به.
لنبدأ بتفكيك المقصود بعبارة "لدينا كنز من البيانات والمعلومات في المستندات الورقية أو الأنظمة الإلكترونية ولكن لم نستفد أو نستغله بعد". هنا يقصد الأغلبية أنه في نظم المعلومات سواء الإلكترونية أو الورقية التي تستخدمها المنظمة أو الشركة في عملياتها التشغيلية ومهامها اليومية العديد من البيانات التي تجمع في هذه الأنظمة لدعم العمليات التشغيلية وتسيير أمور العمل. أي أنه في الأساس يتم جمع وتخزين البيانات التي تحتاجها المنظمة في القيام بمهامها اليومية. فعلى سبيل المثال لو إفترضنا أن شركة إتصالات تستخدم نظام إلكتروني لإدارة حسابات العملاء أو مستشفى يستخدم نظام ورقي أو إلكتروني لتدوين الحالة الصحية والسجل الطبي للمرضى المراجعين أو منظمة حكومية تستخدم نظام لإدارة التصاريح التي تمنحها للمنشآت أو الأفراد. في كل هذه الأنظمة يتم التركيز في بنائها من الأساس على قدرتها وجودتها في إدارة العملية التشغيلية. وفي بعض الأحيان تصمم هذه الأنظمة مع الأخذ في الحسبان أن المنظمة ستحاول استغلال هذه البيانات أو استثمارها وفي بعض الأحيان لا يؤخذ هذا الأمر في الإعتبار وخصوصا حينما تكون تلك الأنظمة جاهزة لم تصمم خصيصا للمنظمة.
ومن المعروف أن تحليل البينات والاستفادة منها واستغلالها أو استثمارها لاحقا يعتمد بشكل كبير على نوع وجودة هذه البينات التي يتم تخزيناه. ولذلك نقوم بالبداية بدراسة هيكل قواعد البيانات والتعمق في فهم كل بيان (عامود) فيها وفحص جودته وصفياً، وعبر وضع الفرضيات والسيناريوهات المتعلقة بها. هذه العملية هي مرحلة الوصول للكنز وقد تعطي نتيجة إيجابية أو نتيجة سلبية. في حال كانت النتيجة إيجابية ننتقل للمرحلة الثانية وفي حال كانت سلبية نقدم في تقريرنا توصيات بتحسين قواعد البيانات وتوسيع نوع البيانات التي يجب جمعها وألية لتحقق من جودتها كي تصبح قواعد البيانات فعالة مستقبلا وقابلة للاستغلال والاستثمار. ومن المهم هنا أن نركز على أن طبيعة العمليات التشغيلية السريعة تقوم ببناء كميات ضخمة من البيانات بسرعة ولذلك فإن تطبيق التوصيات بأسرع وقت يمكننا خلال شهور قليلة من بدء المرحلة الثانية لقطف ثمار هذه التوصيات. وننوه هنا أنه من النادر جدا أن تكون البيانات التشغيلية جاهزة 100% في الإنتقال لمرحلة الإنتفاع (الاستغلال والاستثمار) وفي الغالب في معظم مشاريعنا تتداخل المرحلة الأولى مع الثانية بشكل طبيعي.
في المرحلة الثانية، نقوم بتصميم منهجية استخراج البيانات وتحليلها ودراسة قيمتها والمنتجات المتوقع تطويرها من هذه البيانات وذلك لخدمة المنظمة نفسها أو لاستثمارها وتوفيرها كخدمة لعملاء خارجيين. وفي هذه الخطوة يتم تجهيز البيانات واختبار فعاليتها في بناء المنتجات أو الخدمات المتوقعه وتطوير العمليات التشغيلية لهذه المنتجات أو الخدمات في حال اجتيازها اختبارات الفعالية. ولتوضيح هذه النقطة إليكم بعض الأمثلة. في قطاع الإتصالات يمكن بناء نموذج للتنبوء بالعملاء الذين قد يتركون الشركة وينتقلون لمشغل أخر أو العملاء الذين اصبحوا بحاجة لتغيير الباقة وقبول عرض جديد. في القطاع الطبي يمكن بناء نموذج للتنبؤ بوجود المرض من البيانات المتاحة قبل البدء في عمليات التشخيص مما يقلل من عدد الأفراد الذين يتم توجيههم للتشخيص ويوفر الكثير من المال والجهد والوقت لجميع الأطراف. وقد تستخدم هذه البيانات داخل المنظمة أو خارجها. ولكن من أشهر الإستخدامات للبيانات هي استخدامها لدعم اتخاذ القرار داخل المنظمة ومساعدتها في صنع القرارات بناء على البراهين التحليلية للبيانات التشغيلية. وعودة إلى المرحلة الثانية قبل اتخاذ القرار في بناء أي من النماذج أو لوحات اتخاذ القرار نقوم بإختبار البيانات فعلياً والتحقق من فعاليتها في الوصول للنتيجة المطلوبة. على سبيل المثال طورنا نموذج إحصائي من بيانات صحية عامة للتنبوء بوجود مرض السكر وأمراض القلب بدقة عالية تصل إلى 90% بدون إجراء أي فحوصات.
في المرحلة الثالثة نقوم بتطوير النماذج الإحصائية و لوحات اتخاذ القرار وربطها مع مصدر البيانات بعد تطويره بالعمليات في المراحل السابقة وخلق منتج معلوماتي جديد للمنظمة وتحديد القيمة المادية للخدمة أو المنتج مع نموذج تطوير الأعمال الخاص به. وبالرغم من تعقيد هذه العملية إلا أنها كما ذكرنا لا تستغرق وقت طويل وخلال شهور قد يصبح لديك فعلا كنز ملموس ومفعل تواكب به التغيرات والزمن.