فن اتخاذ القرار: لماذا يتخذ القادة قرارات خاطئة؟
جميعنا نسأل أنفسنا ومن حولنا عن أسباب اتخاذ بعض القادة في منظماتنا قرارات خاطئة أو سيئة. سواء كانت هذه القرارات المتخذه في المجالات سياسية أو في مجال الأعمال والتجارة أو الرياضة أو القطاع الغير ربحي. وعادة ما نلوم متخذ القرار ونركز على الأسباب الشخصية مثل عدم الكفاءة أو قلة الخبرة أو ضعف الذكاء أو حتى سوء النية وتعمد اتخاذ القرار الخاطئ. ولكن في أغلب الأحيان
جميعنا نسأل أنفسنا ومن حولنا عن أسباب اتخاذ بعض القادة في منظماتنا قرارات خاطئة أو سيئة. سواء كانت هذه القرارات في المجالات سياسية أو في مجال الأعمال والتجارة أو الرياضة أو القطاع الغير ربحي. وعادة ما نلوم متخذ القرار ونركز على الأسباب الشخصية مثل عدم الكفاءة أو قلة الخبرة أو ضعف الذكاء أو حتى سوء النية وتعمد اتخاذ القرار الخاطئ. ولكن في أغلب الأحيان وكما استنتجت الكثير من الدراسات والأبحاث كل هذه الأسباب المذكورة سابقا ليست سبب رئيسيا لاتخاذ القرارات السيئة.
حينما ندرس عملية اتخاذ القرار في منظمة ما فإننا نأخذ في الاعتبار علم النفس المعرفي وديناميكية مجموعات وفرق العمل وثقافة المنظمة ونموذج وعمليات اتخاذ القرار. كما نقوم بالتعمق مع القادة في المنظمة لمعرفة ما إذا كان هناك جهود وعمليات منظمة لتحسين اتخاذ القرار في المنظمة. ومن ثم نقوم بالتركيز على كيف يقوم القائدة بتصميم عمليات صنع القرار في المنظمة والتي من شأنها أن تجمع الخبرات المتنوعة والمهارات والمعارف من كافة أنحاء المنظمة لتسخيرها في تحديد التوجهات واتخاذ القرارات المصيرية.
وبناء على ذلك فإن تحليل عمليات اتخاذ القرار يجب أن يتم على 3 مستويات وهي مستوى الفرد ومستوى الفريق ومستوى المنظمة ككل.
اتخاذ القرار على مستوى الفرد
فالأفراد لا يقومون في العادة بدراسة كافة البدائل المتوفرة بل يقومون بالاختيار بناء على الحدس أو الخبرة والتي قد تجعلنا نتحيز للخيارات المعروفة لدينا وهنا تكمن خطورة إسناد القرارات الحساسة أو الحاسمة لفرد واحد في المنظمة. وتنبع أيضا فرص تحسين عمليات اتخاذ القرار لدى الفرد عبر التدريب والممارسة بالمحاكاة والتطبيق العملي.
اتخاذ القرار على مستوى الفريق
في أغلب المنظمات تعمل الفرق بأشكال معقدة لاتخاذ قرارتها وعبر مراقبة ودراسة سلوك فرق ومجموعات العمل أثناء اتخاذ القرار قد نجد بعض الممارسات الخاطئة التي قد تؤدي إلى اتخاذ القرار الخاطئ. ومن هذه الممارسات الإذعان الكامل لقائد الفريق وعدم معارضته أو حتى تقديم الرأي والمقترحات له والموافقة بشكل كامل على قراراته مما يحول القرارات التي يقوم بها هذا الفريق في الواقع إلى قرارات فردية ولكن موافقة بقية أعضاء الفريق أو المجموعة عليها تحملهم المسؤولية على نتائج هذه القرارات. ومن الحالات المشابهة للإذعان لأحد أفراد المجموعة ظاهرة التفكير الجماعي أو ما يسمى أيضا بفكر المجموعة وهي حالة تحدث بسبب التناغم والثقة الكبيرة بين أعضاء الفريق فتصبح أول فكرة يقترحها أحدهم محور اتخاذ القرار بدون تفكير. وهنا أيضا من أهم أسباب اتخاذ الفرق والمجموعات للقرار الخاطئ هو التناغم الزائد والبحث عن الانسجام والهدوء في المجموعة وتفادي الاختلاف في وجهات النظر ومعاقبة من يخالف أو يطرح تساؤلات مقلقه في الموضوع أو القرار المتخذ. فهناك مقوله مشهورة تحكي أنه حينما يطرح القائدة وجهة نظره في اجتماع ويوافقة الجميع مباشرة فيجب عليه الحذر حيث أن هناك احتمالية كبيرة أن يكون القرار سيئ.
اتخاذ القرار على مستوى المنظمة
تؤثر ثقافة المنظمة ومستوى نضج نماذج وعمليات اتخاذ القرار فيها على طريقة اتخاذ القرار لدى الفرد والفريق فيها. ومن أفضل الطرق لكشف هذه الثقافة هو تتبع أحد القرارات الخاطئة التي تسببت في مشكلة كبيرة للمنظمة ومن هنا سنلاحظ أن ذلك القرار الكبير هو عبارة عن مجموعة من القرارات الصغيرة التي اتخذها أفراد وفرق المنظمة قبل أن تصل للمقرر النهائي وكان من شأن هذه القرارات الصغيرة حجب الصورة الكاملة عن متخذ القرار النهائي.
وهنا يجب أن ننظر إلى عملية اتخاذ القرار في المنظمات على أنها مجموعة من العمليات والثقافة والسلوكيات التي تلعب الدور الأكبر في اتخاذ القرار الصائب أو الخاطئ. وفهم هذه العمليات وحوكمتها في المنظمات الناضجة هو ما يقلل من مخاطر اتخاذ القرار الخاطئ ويزيد فرص اتخاذ القرار الصائب. وننصح دائما في (IDM) أن تكون سياسة صناعة القرار داخل المنظمة والسلوكيات المرتبطة بها من أهم السياسات التي يجب اعتمادها من السلطة العليا حيث أن الاعتماد على مصفوفة الصلاحيات والسياسات التشغيلية غير كافي. مع ضرورة أن تحتوي هذه السياسة على نموذج صنع القرار حتى يتمكن أي فرد في المنظمة أن يتصور ويتوقع القرار حتى قبل اتخاذه بناء على المعطيات والمدخلات التي يعتمد عليها نموذج صنع القرار في المنظمة.