هل مياه الخزانات الحكومية صالحة للشرب؟
يفضل معظم الناس شرب المياه المعبأة أكثر من مياه الخزانات الحكومية على الرغم من أن مياه الخزانات الحكومية مجانية ومتوفرة في جميع مدن المملكة. ويرجع سبب ذلك لاعتقادهم بأن مياه الشرب المعبأة أكثر نقاوة أو أمنًا من مياه الخزانات الحكومية.
تسعى المملكة العربية السعودية لتوفير مياه شرب لكافة المواطنين عبر تنقية ومعالجة المياه الجوفية أو تحلية مياه البحار لتكون صالحة للاستهلاك الآدمي بما يتوافق مع المعايير المحلية والعالمية. ومن أهم معايير مياه الشرب المتوفرة في المملكة هي المعايير التي وضعتها الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة (SASO) وأيضًا المعايير والمواصفات لأنواع المياه التي وضعتها وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية واللتان تعتمدان على المعايير الدولية لمنظمة الصحة العالمية (WHO). تم وضع هذه المعايير للحفاظ على صحة الانسان والبيئة من أخطار التلوث الكيميائي والحيوي. تشمل أخطار المياه الملوثة أمراض القلب والأوعية الدموية وزيادة الضغط من الملوثات الكيميائية وأيضًا بعض الأمراض من الملوثات الحيوية مثل الكوليرا والتيفوئيد.
يفضل معظم الناس شرب المياه المعبأة أكثر من مياه الخزانات الحكومية على الرغم من أن مياه الخزانات الحكومية مجانية ومتوفرة في جميع مدن المملكة. ويرجع سبب ذلك لاعتقادهم بأن مياه الشرب المعبأة أكثر نقاوة أو أمنًا من مياه الخزانات الحكومية. ووفقًا لبعض الدراسات بأن السبب الرئيسي لزيادة استهلاك المياه المعبأة هو الوسائل التسويقية والدعائية التي تتبعها بعض الجهات المصنعة لإقناع المستهلك بنقاوة وسلامة مياه الشرب المعبأة مستغلة قلق وشكوك الناس حول جودة وسلامة مياه الخزانات الحكومية العامة، فعلى سبيل المثال فقد ازداد متوسط استهلاك الفرد السنوي للمياه المعبأة في أمريكا من حوالي 24 لتر في عام 1988م إلى ما يزيد عن 50 لتر في عام 1998م.
كما أظهر عدد من الدراسات والأبحاث التي تناولت جودة مياه الشرب المعبأة في دول الخليج بأن تراكيز بعض المعادن في بعض أصناف مياه الشرب المعبأة أعلى من تراكيزها في مياه خزانات الشرب العامة على الرغم من مطابقة جودة جميع الأصناف لمعايير مياه الشرب لمنظمة الصحة العالمية (WHO). وأيضًا أوضحت بعض الدراسات الأخرى اختلاف قيم معايير جودة مياه الشرب المعبأة عن قيم المعايير المذكورة على العبوات وأوصت بتشديد الجهات المختصة لمتابعة ومراقبة جودة جميع مرافق مصانع تعبئة مياه الشرب من خلال تتبع مصدر المياه وكيفية معالجة وتعبئة وتخزين العبوات ومطابقتها للشروط الصحية والفنية اللازمة.
من المتوقع زيادة نسبة النفايات البلاستيكية الناتجة من استخدام مياه الشرب المعبأة والتي ستزيد بدورها التلوث البيئي. فقد أشارت بعض الدراسات بأن البلاستيك المستعمل في مياه الشرب المعبأة قد يلوث المياه بمواد كيميائية سامة مثل التولوين والستيرين والايثيل والبنزين والمواد الأخرى الضارة عند تخزين العبوات بشكل خاطئ وأيضًا من خلال تعرض هذه العبوات للحرارة الشديدة أو التعرض المباشر لأشعة الشمس لفترة طويلة. وأيضًا إعادة استعمال عبوات مياه الشرب أكثر من مرة قد يترتب عليه خطر نمو بكتيري او زيادة المواد الكيميائية التي قد تسبب مرض السرطان.
نستنج من الدراسات السابقة والحالية بأن خزانات مياه الشرب العامة صالحة للشرب، لذلك يتوجب على الباحثين والجهات المعنية بالمملكة زيادة وعي المستهلك المحلي بجودة وسلامة المياه المستعملة في الخزانات العامة من خلال إجراء الحملات التوعوية والتعريف بأماكنها للمستهلكين عن طريق وضعها في خرائط رقمية وإتاحتها لهم. كل ذلك قد يسهم بالمحافظة على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة من خلال تقليل عمليات التخلص أو معالجة أو تدوير النفايات البلاستيكية الناتجة عن مياه الشرب المعبأة.
بقلم:
د. عبد العزيز بن عبد الرحمن الملاء
أستاذ مساعد بتخصص كيمياء البيئة – قسم صحة البيئة – كلية الصحة العامة
جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل