وجود إدارة للسمعة في المنظمات الإعلامية ليس خيار بل ضرورة ومتطلب أساسي
إدارة السمعة والمنظمات الإعلامية: الطرق الإحترافية شرط أساسي وليست رفاهية. في هذا المقال لخصنا ونقلنا رأي مجموعة من الخبراء عن أهمية وجود إدارة مستقلة لمتابعة ومراقبة السمعة ووضح الخطط الاستراتيجية وخطط إدارة المخاطر وتجنبها وخصوصا تلك المرتبطة بالموظفين في المنشأة.
في ظل تعدد قنوات التواصل الإجتماعي وسرعة إنتشار الخبر فيها وتحوله من مشكلة داخل المنظمة أو الشركة إلى قضية رأي عام تطغى في وصولها للأفراد في كافة دول العالم على أكبر الأخبار العالمية وتصبح ما يسمى بـ (ترند). تواجة القنوات والشركات الإعلامية مخاطر غير مسبوقة حيث كانت صراعاتها في الماضي تكون غالباً مع منافسيها فقط عبر قنواتهم الرسمية، بينما اليوم فالصراعات تأخذ أوجه متعددة وطرق ملتوية وغير مألوفة. إبتداء من توثيق الأخبار أو المعلومات الخاطئة على وسائل التواصل مما يظهر الشركة بشكل يفتقد الإحترافية إلى تمحيص ضيوفها وقياداتها وموظفيها وإظهار أخطاءهم في العلن لإثبات وجهة نظر معينه أوتسريب معلومات داخلية مرتبطة بالإدارة أو الجوانب المالية أو الأخلاقية. كل هذه التحديات يمكن في لحظة واحدة أن تهوي بأكبر المنظمات الإعلامية لمراحل لا يمكن العودة منها مجدداً. خصوصا أن وسائل التواصل الإجتماعي لا تنسى ولا تنام، وسيبقى أي ندب تركته تلك المواجهات بشكل دائم كفوهة بركان يمكن أن تثور في أي وقت.
هذه المخاطر عواقبها لا تتوقف عند السمعة فقط بل تمتد لفقد الولاء الوظيفي وانخفاض التحفيز والإنتاجية لدى الموظفين، ابتعاد المستثمرين وتوجسهم من الشركة حتى في المستقبل البعيد، هروب المعلنين كي لا يظهر ارتباطهم بالسمعة الشركة أو صراعاتها، و عليه بناء صورة ذهنية طويلة الأمد عند أفراد المجتمع والمعلنين والمستثمرين عن عدم المصداقية أو خطورة التعامل معها. وسيتم شرح المخاطر الإعلامية التي تواجه منصات الإعلام بالتفصيل في الفقرات القادمة.
ومن أهم التحديات التي تواجهها المنصات أو الشركات الإعلامية اليوم هي فضائح الموظفين وزلاتهم الموثقة على وسائل التواصل الإجتماعي سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة. فخروج الموظفين في الشركة الإعلامية عن التوقعات والعادات المجتمعية أو ظهور انتماءات سياسية غير مرغوبة في المجتمع قد تكون نقطة ضعف كبيرة للشركة لا يمكن تجاهلها. وكلما كبر منصب الموظف المعني كلما زادت المخاطر.
في هذه المقالة سنتعمق في البداية عن المخاطر المحتملة التي قد تواجهها الشركات والمنصات الإعلامية بسبب عدم تقيد موظفيها بتوقعات المجتمع وأنظمة الدولة التي تعمل فيها المنظمة ومنها:
1- الصورة الذهنية وثقة المجتمع
تعتبر علاقة المنصات الإعلامية والمجتمع علاقة ثقة. حيث أن المجتمع يتلقى معلوماته وأخبارة من هذه المنصات ويعتمد عليها في ذلك ويتطلع أن تكون المنصة الإعلامية موثوقة ليس فقط في أخبارها ومنشوراتها بل يتعدى ذلك لمدى إلتزامها بالأنظمة وتوقعات المجتمع واحترامها له ولعاداته وتقاليدة. فمن الصعب على الفرد تقبل معلومات جهه تعاني من تناقضات في مصداقيتها وأخلاقياتها ويتعدى ذلك بالتأكيد لمصداقية موظفيها وأخلاقياتهم وخصوصا البارزين منهم.
وعليه تخطئ الكثير من المنصات الإعلامية وشركات الإعلام في محاولة تجاهل زلات وأخطاء الموظفين ومعاملتها على أنها أخطاء وتوجهات شخصية، فالحيادية هنا أكبر خطأ ممكن أن ترتكبة أي منصة إعلامية حيث أن أخلاقيات المجتمع ومبادئه والسياسات والأنظمة لا تعامل بالحياد.
2- عزوف المعلنين وانخفاض الدخل
المعلنون والرعاة دائما لديهم حساسية عالية من الدخول في صراعات الشركات الإعلامية والمنصات التي يعلنون عن منتجاتهم وخدماتهم عليها ولديهم حرص شديد على سمعة المنصات الإعلامية التي يتعاملون معها. وبشكل سريع يبعدون أنفسهم ومنتجاتهم عن المنصات عند حدوث أي مشكلة في السمعة ويكون عودتهم لها بطئ إن لم يكن مستحيل خصوصا في الوقت الحالي حيث تظهر البدائل بشكل يومي تقريبا.
لذلك يجب أن تتعامل المنصات الإعلامية مع مشكلات السمعة في لحظة ظهورها حيث أن كل دقيقة تضيعها تأخذها في منحدر أعمق حتى يبدأ إنسحاب الرعاة والمعلنين يتسارع ليختفي الجميع من قوائم الأرباح في يوم واحد حاسم.
3- ظهور مشكلات الإلتزام والتحديات القانونية
لا تنتهي المشكلة عندما يصبح خطأ أحد الموظفين في الشركة (ترند) على وسائل التواصل الإجتماعي وإنكار الشركة للتحدي على أنه موضوع شخصي أو يتعلق بفرد. حيث تبدأ تظهر معها تحديات في الإلتزام بالأنظمة والقوانين وتزداد وتيرة التدقيق والتحقق من إلتزام الشركة بالقانون بشكل شرس حيث أن الظهور السلبي لإسمها مرتبط بتصدر أحد موظفيها اخبار مواقع التواصل يفتح الأنظار عليها ويجعلها محل للتدقيق والتحري بشكل رسمي أو غير رسمي من الفئات المتضررة من الإساءة الحاصلة. وقد يعرضها لمشكلات قانونية ترفع من المجموعات أو المنظمات المتضررة أو المدافعة عن المتضررين.
4. نزاهة التحرير
تثير مشكلات السمعة الناشئة من زلات أو مشكلات الموظفين الشك في نزاهة التحرير ومبدأ عدم الإنحياز الذي يجب أن تتبعه منصات الإعلام. خصوصا تلك الفضائح المرتبطة بالبارزين من موظفي الشركة. حيت تناقض هذه الفضائح هذه المبادئ وترسل شعورا للجماهير والمستثمرين بوجود أجندات داخلية أو عدم توافق دخلي في كيفية إدارة المنصة الإعلامية كمنبر لإيصال الحقائق للجماهير.
5- صعوبة بناء الشراكات المستقبلية
لاشك أن المنصات الإعلامية تنجو وتعيش على بناء الشراكات سواء مع المعلنين والرعاة أو مع المصادر الإعلامية أو مع المسؤولين عن التواصل في المنظمات العامة. ووجود شبهات وقضايا تتعلق بموظفي المنصة الإعلامية يجعل جميع أصحاب المصلحة المحتملين في حالة من التوجس وفقد الثقة ومحاولة المماطلة أو الإبتعاد عن أي تواصل لبناء شركات مستقبلية وقد يستمر ذلك لفترة أطول. خصوصا مع التوقعات العامة المتعارف عليها أن الجهات الإعلامية من المفترض أن تكون الأفضل في إدارة السمعة ووقوعها في مشكلة سمعة وعدم التعامل معها جيدا يفقد الجمعية الثقة في أهلية الجهه العاجزة عن حماية نفسها والخروج من مأزقها لتقدم خدمات تتعلق بتحسين سمعه منتجاتهم وخدماتهم.
الحل الأمثل لإدارة السمعة للمنظمات الإعلامية ومنصات الإعلام
من ما سبق يتضح لنا أن وجود إدارة مستقلة للسمعة في المنصاب الإعلامية وشركات الإعلام اليوم ضرورة ملحة وليست رفاهية. هذه الإدارة يجب أن تكون مرتبطة بالقيادة العليا أو مجلس الإدارة كي يكون لها صوت مسموع حيث تتقاطع صلاحياتها وأنشطتها مع أغلب الإدارات خصوصا إدارة الموارد البشرية. هذه الإدارة المتخصصة في إدارة السمعة يجب أن تسند لها المهام التالية حتى لو كان ليس لها صلاحية إتخاذ القرار يجب أن تعرض مواضيعها على الإدارة العليا أو مجلس الإدارة.
1- تطوير سياسة سلوك الموظفين على منصات التواصل الإجتماعي
2- تقديم دورات ومنشورات توعوية داخلية بشكل مستمر عن إدارة السمعة وأهمية المحافظة على المبادئ والقيم الوطنية والمجتمعية.
3- مراقبة وسائل التواصل الإجتماعي للموظفين البارزين والقيادات ومساندهم.
4- عمل مسح مبدئي على المرشحين الجدد للعمل في الشركة عبر التحقق من سلامة حسابات التواصل الخاصة بهم من أي مواد قد تسبب أزمه لتعارضها مع مبادئ وقيم المجتمع أو الوطن.
5- تشجيع الموظفين على ابلاغ الإدارة بأي موضوع قد يسبب مشكلة في السمعة للمنظمة للنظر فيه ودراسة مخاطره
6- تطوير خطة إدارة كوارث بناء على سيناريوهات واقعية سواء وقعت في الماضي لمنصات إعلامية داخل أو خارج الدولة للإستفادة منها.
7- تجهيز فريق للتدخل السريع ضمن خطة إدارة الكوارث للتواصل مع المجتمع بسرعة وشفافية وإعطاءه الصلاحيات المسبقة للتدخل حيث أن ضرر الصمت أكبر من ضرر أي تجاوب سريع.
8- تشجيع حضور الموظفين على وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مهني واحترافي ودعمهم في ذلك.
واخيرا قد يتساءل البعض هل من الاخلاقي أن تراقب المنصات الإعلامية أو غيرها وسائل التواصل الإجتماعي للموظفين الحاليين أو الجدد. والإجابه هنا نعم بشروط عدم إساءة استخدام هذه الرقابة وحصرها في حدود يتم ذكرها في سياسة سلوك الموظفين على منصات التواصل الإجتماعي ويمكن تحديثها بناء على قضايا الرأي العام من الماضي والحاضر وكيف تجاوب المجتمع مع ما ينشره بعض موظفي الجهات وكيف أثر عليها.
وقد أثبتت الكثير من الوقائع الحاضرة والماضية أن الشركات والمنصات الإعلامية بالتحديد تتضرر بشكل كبير من زلات وهفوات موظفيها وتوجهاتهم التي قد تتعارض مع قيم المجتمع أو الوطن وعليه فمن حقها مراقبة تلك المواضيع التي أثبت الماضي والحاضر حساسيتها وبناء ذلك بشفافية في سياساتها المعلنة، حيث أن الشفافية هي القيمة الأولى والأساسية لدى أي منظمة إعلامية احترافية.