الابتكار في سلامة المرضى

يشير مفهوم الابتكار في سلامة المرضى إلى عملية تقديم أفكار واختراعات وطرق جديدة هي أكثر فعالية لحل المشكلات. ويهدف الابتكار في الصحة لتطوير منتجات أو نماذج جديدة للرعاية تساهم في الوقاية من الأمراض والحد من الوفيات والأخطاء التي يمكن تفاديها. وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن 80% من أخطاء الرعاية الصحية هي أخطاء ناجمة عن طريقة التشخيص والوصفات الطبية الغير دقيقة واستعمال الأدوية بطريقة غير سليمة، وهي أخطاء بالإمكان الوقاية منها. لذلك نجد أن النظام الصحي الفعّال يسعى دوماً للوقاية من الأخطاء عن طريق إصلاح وتحسين النظام والإجراءات بدلاً من لوم الأفراد.

الابتكار في سلامة المرضى
سلامة المرضى والابتكار


إن صحة وسلامة الإنسان ركيزة أساسية لبناء منظومة صحية فاعلة ومحور أساسي يقاس به تقدم المجتمعات. ومن منطلق حرص الدول على الارتقاء بصحة الشعوب فقد أصبح تخصص سلامة المرضى من العناصر الأساسية للأنظمة الصحية والذي يهدف إلى الحد من المخاطر والأخطاء التي يتعرض لها المرضى أثناء حصولهم على الرعاية الصحية.

وإدراكاً لأهمية هذا الأمر، فقد أولت المملكة العربية السعودية سلامة المرضى أولوية كبيرة، حيث اعتمدت المركز السعودي لسلامة المرضى للقيام بدور قيادي في زيادة وعي المجتمع نحو الصحة والسلامة، وترأست المملكة القمة الوزارية العالمية الرابعة حول سلامة المرضى الذي تم الإعلان فيه عن وثيقة جدة لسلامة المرضى، والتي دعت إلى اتخاذ إجراءات لاستثمار حلول لتعزيز ثقافة السلامة وتطوير أنظمة رعاية أكثر أماناً وأفضل صحّة للأجيال القادمة.

يشير مفهوم الابتكار في سلامة المرضى إلى عملية تقديم أفكار واختراعات وطرق جديدة هي أكثر فعالية لحل المشكلات. ويهدف الابتكار فيالصحة لتطوير منتجات أو نماذج جديدة للرعاية تساهم في الوقاية من الأمراض والحد من الوفيات والأخطاء التي يمكن تفاديها. وبحسبإحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن 80% من أخطاء الرعاية الصحية هي أخطاء ناجمة عن طريقة التشخيص والوصفات الطبية الغيردقيقة واستعمال الأدوية بطريقة غير سليمة، وهي أخطاء بالإمكان الوقاية منها. لذلك نجد أن النظام الصحي الفعّال يسعى دوماً للوقاية منالأخطاء عن طريق إصلاح وتحسين النظام والإجراءات بدلاً من لوم الأفراد.

ويعمل الابتكار على تحسين كفاءة الرعاية الصحية وفعاليتها وجودتها واستدامتها وسلامتها والقدرة على تحمل تكاليفها، حيث أنها تسفر عن حلول قابلة للتطوير في السياسيات والأنظمة والمنتجات والتقنيات والخدمات وتساعد في العلاج والتشخيص والتوعية والوقاية والحصول على الرعاية بوقت قياسي. ليس ذلك فحسب، بل أن هذه الابتكارات سوف تعين أيضا الكادر الصحي على أداء واجباتهم ومهامهم بجودة وراحة وسلامة أفضل، والذين هم بدورهم جسر سلامة واطمئنان وأكبر عون للمرضى في تقديم الخدمات لهم.

ولأن حجر الأساس لسلامة المرضى هو التحسين المستمر، فقد ارتكزت رؤية المملكة 2030 على تمكين التحول الرقمي من خلال دعم الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة لتقديم رعاية صحية ذات جودة وقيمة إضافية عالية.

ومن أهم الأمثلة على الابتكارات في الرعاية الصحية وسلامة المرضى:

  • الذكاء الاصطناعي: حيث يتم توظيف أجهزة الكمبيوتر في التفكير وأداء مهام الإنسان وإكمالها بسرعة أكبر وأدق واستخدام أقل للموارد، كاستخدام أنظمة تساعد على التشخيص وخيارات العلاج وصرف الأدوية بطريقة دقيقة ومبنية على أدلة علمية موثوقة.
  • التشخيص في نقاط الرعاية: حيث يتم السماح بإجراء اختبارات تشخيصية في نقطة الرعاية كمكتب الطبيب داخل العيادة أو سيارة الإسعاف أو المنزل، مما يؤدي إلى رعاية طبية مريحة وأسرع وأكثر تكاملاً.
  • الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين تجربة المريض: حيث تستطيع العيادات والمستشفيات تتبع تجربة المرضى واتجاهاتهم بالوقت الفعلي، وذلك من خلال منصات تتيح للمرضى تقييم أداء الأطباء وتدوين تجاربهم الشخصية مما يزيد الثقة بالكادر الصحي ويسهل الوصول إليهم عبر تجارب الغير.
  • الواقع الافتراضي: حيث يتم الاستفادة من بيئة افتراضية لتغيير سلوك المرضى. وقد استخدمت مراكز التطعيم التابعة لوزارة الصحة تقنية الواقع الافتراضي في تسهيل تطعيم الأطفال وتقليل الخوف والقلق الشديد لديهم من خلال استخدام نظارات الواقع الافتراضي في مشاهدة فيديو يعرض تجربة تواكب مخيلة الطفل، وبالتالي إجراء التطعيم باطمئنان وسهولة.
  • أجهزة الاستشعار الحيوية وصناعة الأجهزة والمستلزمات الطبية: حيث يتم استخدام أجهزة تعقب أو شاشات أو أجهزة استشعار تقنية مدمجة بملابس أو اكسسوارات ذكية، كاستخدام قميص لمراقبة معدل ضربات القلب، أو اسوارة للتنبيه من خطر السقوط أو أحذية متصلة بنظام تحديد المواقع، ويستفيد منها المستخدمون لمتابعة صحتهم وتعزيز مفهوم الرعاية الذاتية، كما تسمح للأطباء بمتابعة مرضاهم وجمع بيانات الأبحاث بدقة أكبر. وغالباً ما تحصل هذه الأجهزة والتقنيات على براءات اختراع كونها لم يسبق طرحها في الأسواق ويتم تطويرها عن طريق ريادة الأعمال لمشاريع قابلة للتطبيق ودعمها بالتشريعات والأبحاث السريرية.
  • الطب الاتصالي والتطبيب عن بعد: حيث يتم توظيف التقنية في تطوير تطبيقات تستخدم في الاستشارات والتوعية وتحسين التواصل بين الطبيب والمريض وتحسين الصحة على المدى الطويل. وتأتي مبادرات وزارة الصحة مثل منصة صحتي ووصفتي والرقم الهاتفي الموحد 937 كأحد أسهل الطرق للوصول للرعاية الصحية وتقليل تكلفة التنقل لزيارات العيادة المكتبية. ويأتي مستشفى "صحة" الافتراضي السعودي ليكمل سلسلة المبادرات الرائدة في برنامج التحول بالقطاع الصحي ليكون أكبر مستشفى افتراضي في العالم يسهّل الحصول على الخدمات الصحية للجميع على نطاق واسع وبالوقت المناسب.

وبفضل الله تعالى، فإن المملكة العربية السعودية تواصل خطواتها في تقديم خدمات متطورة نوعية وفريدة لتحقيق الرؤية والابتكار في القطاع الصحي، وتساهم في نشر ثقافة الابتكار والتغيير الإيجابي وتشجيع الممارسين الصحيين والمرضى بالمساهمة في الابتكار، لإحداث نقلة نوعية تحسّن مستقبل الصحة وجودة الحياة وتصنع تغييراً ملموساً في سلامة المرضى وتحقق مخرجات صحية متميزة ومتفردة عالمياً.

بقلم: دعاء بنت إبراهيم الجبري

أستاذ مساعد في قسم إدارة وتقنية المعلومات الصحية

كلية الصحة العامة - جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل